الإجراءات المعزولة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة غير فاعلة

23 اغسطس 2024
تظاهرة لحماية المناخ في برلين، مايو 2024 (ريناتو فرانكو بوينو/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **السياسات المناخية الفاعلة**: تجمع بين الضرائب، القيود التنظيمية، والتدابير المحفّزة، وحققت انخفاضاً بنسبة 19% في انبعاثات غازات الدفيئة.
- **أمثلة ناجحة**: في المملكة المتحدة، أدى تطبيق سعر الحد الأدنى للكربون إلى تراجع انبعاثات الفحم، وفي النرويج، ساهمت السياسات المتكاملة في تقليل انبعاثات السيارات.
- **تأثير الدراسة وتوصياتها**: يأمل الباحثون أن تؤثر نتائج الدراسة على خرائط الطرق المناخية للدول الموقعة على اتفاق باريس، مؤكدين أن المزيج الصحيح من التدابير هو الأهم.

تتعدد الإجراءات الرامية إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة لكنّها غير كافية لتحقيق الهدف إذا كان كل منها معزولاً، بل إن السياسة المناخية الفاعلة، وفق دراسة واسعة نشرتها مجلة "ساينس" أمس الخميس، هي تلك التي توفّق بين الضرائب والقيود التنظيمية والتدابير المحفّزة.

وأجريت الدراسة من خلال تحليل سياسات عامة طوال 25 عاماً، من بينها ضرائب وإعانات مالية وقواعد وجهود توعية في 41 دولة حول العالم، تشكّل الانبعاثات فيها 81% من الإجمالي العالمي. وخلصت إلى أن السياسات العامة الفاعلة اقتصرت على 63 من 1500 شملها التحليل في مجالات الطاقة والنقل والصناعة والبناء. وبحسب الدراسة، "حققت كلّ منها في المتوسط انخفاضاً بنسبة 19% في انبعاثات غازات الدفيئة".

وأوضح معهد بوتسدام للأبحاث المتعلقة بتأثير المناخ الذي أدار هذه الدراسة مع معهد "مركاتور" للأبحاث في برلين، أن "الباحثين بيّنوا أن حظر محطات الطاقة العاملة بالفحم أو المحركات الحرارية لا يؤدي عند تطبيقه وحده إلى تخفيضات كبيرة في الانبعاثات". أضاف أن "الفاعلية غير موجودة إلا في الحالات التي تتكامل فيها الضرائب مع حوافز جمركية، إلى جانب حزمة من السياسات المدروسة، كما هو الحال في المملكة المتحدة في ما يتعلق بتوليد الكهرباء باستخدام الفحم، أو في النرويج في ما يخص السيارات".

وفي حالة الفحم في بريطانيا، لاحظ الباحثون تراجعاً واضحاً في فترة 2014 ـ 2015 بعد تطبيق سعر الحد الأدنى للكربون عام 2013. وكتب معدّو الدراسة: "مع أن الأدبيات الموجودة نسبت معظم هذا التأثير إلى سعر الحد الأدنى للكربون، إلا أن طريقتنا تكشف أن هذا السعر كان من ضمن حزمة أكبر تشمل تدابير تنظيمية (معايير وتخطيط للتوسع في مصادر الطاقة المتجددة، وقواعد أكثر صرامة لمكافحة تلوث الهواء، وإعلان الإغلاق التدريجي لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم)، وتدابير تحفيزية قائمة على السوق (تعريفات الدعم لمصادر الطاقة المتجددة وإقامة مزادات)".

خرائط طرق مناخية

وأشارت الدراسة إلى أن إجمالي الانبعاثات التي خفضتها هذه السياسات الـ 63 "تراوَحَ بين 0،6 مليار طن و1،8 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون". وفي عام 2022، كانت البشرية تسبّب انبعاثات قدرها 57،4 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

ويأمل الباحثون في أن تؤثر دراستهم على خرائط الطرق المناخية للدول الموقعة على اتفاق باريس، والتي يُفترض بها، بحلول فبراير/ شباط 2025، إرسال نسخة محدثة إلى الأمم المتحدة لمحاولة الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1،5 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة (مقارنة بنحو 1،2 درجة مئوية حتى الآن).

وأوضح المعدّ الرئيسي للدراسة نيكولاس كوخ، من معهد بوتسدام للأبحاث المتعلقة بتأثير المناخ، ومعهد "مركاتور" للأبحاث، أن النتائج التي توصلت إليها المجموعة "تُظهِر أن المزيد من السياسات لا يعني بالضرورة نتائج أفضل، بل الأهم هو المزيج الصحيح من التدابير". لكنّ الأستاذ في جامعة "كوليدج لندن" مايكل غراب، الذي لم يشارك في الدراسة، رأى أن التركيز على 63 انخفاضاً كبيراً أمكنَ رصدها إحصائياً جعل الباحثين يفوّتون "تأثير الآلاف من الجهود التراكمية والتآزرية الأقل حجماً على نطاق عالمي".

مع ذلك، أشاد بالدراسة معتبراً أنها "الأكثر تطوراً حتى الآن"، واصفاً استنتاجها في شأن الحاجة إلى الجمع بين السياسات بأنه "منطقي تماماً". أما اختصاصيّ البيئة في "إمبريال كوليدج لندن" روبن لامبول، فلاحظ أن الدراسة "لا تأخذ في الاعتبار سوى السياسات المناخية التي تحقق تخفيضات مفاجئة، في حين أن معظمها يعتمد على فاعلية التدابير الجديدة أو تستهدف مسار انبعاثات غازات الدفيئة طويل الأجل نظراً إلى أن إنشاء البنية التحتية وأنماط الحياة الأكثر مراعاة للبيئة يستغرق سنوات".

وللتوصل إلى استنتاجاتهم، عمل الباحثون على قاعدة بيانات للسياسة العامة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وعلى طريقة تجمع بين أساليب التعلم الآلي والتحليلات الإحصائية. ويوفر موقع "كلايمت بوليسي إكسبلورر" Climate Policy Explorer التفاعلي لمحة عامة عن نتائج الدراسة متاحة للعامة.

(فرانس برس)

المساهمون