يؤكد تقرير، صدر اليوم عن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أنّ التغطية الصحية الشاملة عالمياً كانت ضرورة أساسية وملحة حتى قبل انتشار فيروس كورونا، لتأتي الجائحة وتسلط الضوء على مخاطر تم تجاهلها لفترة طويلة، وتكشف الهوة بإمكانية الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، ليس في البلدان النامية فحسب، بل حتى في بلدان صناعية كالولايات المتحدة مثلاً. ومن بين المخاطر التي يتم تجاهلها منذ فترة طويلة، عدم وجود أنظمة صحية كافية للجميع، ووجود فجوات كبيرة في شبكة الحماية الاجتماعية، واللامساواة البنيوية.
وتؤكد الدراسة، التي جاءت في 24 صفحة، أنّ الفيروس أعاد إلى الواجهة أهمية الصحة العامة الأولية، كما أهمية النظم الصحية القوية، والاستعداد للطوارئ والمرونة اللازمة في الأنظمة لمواجهة كورونا، وأي جائحة جديدة.
ولكن ما المقصود بالتغطية الصحية الشاملة؟
بداية، تستند فكرة التغطية الصحية الشاملة إلى عدد من الآليات، أبرزها دستور منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة لعام 1948، والذي نص على أن الصحة حق أساسي من حقوق الإنسان.
وكانت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قد أعادت تأكيد التزامها بمحاولة تحقيق ذلك بحلول عام 2030، كجزء من أهداف التنمية المستدامة. والمقصود بها حصول الأفراد والمجتمعات في كل مكان على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها دون أن تنتج عن ذلك ضائقة مادية. كما تشمل الحصول على الخدمات الصحية الضرورية والجيدة، بما فيها تعزيز الصحة والوقاية والعلاج. كما يجب أن تقدم للجميع وليس فقط للقادرين على الدفع للحصول عليها.
توفر التغطية الصحية الشاملة يعني تمكّن الدول من الرد بفعالية وكفاءة على انتشار الفيروس وتقليل معدل الوفيات والإصابات المرتفع
ويشير التقرير إلى أنّ توفر التغطية الصحية الشاملة يعني تمكّن الدول من الرد بفعالية وكفاءة عبر ثلاث طرق، أدى من خلالها انتشار الفيروس إلى معدل وفيات وإصابات عالية. أولاها الفيروس نفسه، وثانيتها عدم قدرة النظم الصحية على توفير الخدمات الصحية الأساسية وبشكل مستمر، وثالثتها مرتبطة بتأثيرها الاقتصادي والاجتماعي.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أنّ انتشار الوباء ضرب بشكل أكبر الشرائح الاجتماعية التي كانت تعاني من الفقر، وكبار السن، والنساء، والأطفال، والمهاجرين، والمهجرين قسراً. كما يشير إلى أنّ التقدم الذي أحرز في عدد من المناطق في العالم في ما يخص القضاء على الفقر وسد الفجوة في المساواة، تراجع خلال الأشهر الأخيرة إلى مستويات قياسية.
ويردف التقرير أنّ التنمية البشرية تراجعت للمرة الأولى منذ بدء قياسها عام 1990. ويوضح أنّ فيروس كورونا عزز دراسة وأدلة موجودة مسبقاً، مفادها أنّ الاستثمار في الصحة والأنظمة الصحية له منافع ومردود طويل الأمد، في حين أنّ نقص الاستثمار قد تكون له آثار اجتماعية واقتصادية عالمية مدمرة واسعة النطاق قد تستمر لسنوات. وبحسب الدراسة، فإن كلفة وباء كورونا على الاقتصاد العالمي تصل بالمعدل إلى 375 مليار دولار شهرياً، وتسببت في خسارة 500 مليون وظيفة منذ اندلاع الأزمة.
ويشدد التقرير على ضرورة التركيز على معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم، أي فيروس كورونا. ويخلص التقرير إلى أنه، ومن أجل ضمان عدم تكرار حدوث جائحة بهذا الحجم والتأثير، فإنه من الضروري أن تتوفر الإرادة السياسية لذلك.
ويقدم التقرير خمس نصائح بهذا الصدد، من بينها ضرورة السيطرة وبصورة ملحة على سرعة انتقال الفيروس، ومواصلة تعزيز تدابير الصحة العامة لخفض نسبة الانتقال المحلي إلى الصفر، واتخاذ التدابير اللازمة في هذا السياق، ومن بينها توفير الاختبارات وتتبع الاتصال والعزل. ويلفت التقرير الانتباه إلى ضرورة الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية الأساسية الأخرى.
ومن أجل تقليل معدلات الوفيات، ينصح التقرير بالاستمرار بتقديم الخدمات الصحية ذات الأولوية. كما يشدد على ضرورة دعم المبادرة الدولية، تحت مظلة منظمة الصحة العالمية، وبالتنسيق مع عدد من المنظمات الدولية لضمان الوصول العادل إلى أدوات مكافحة كورونا بما فيها اللقاح. كما يؤكد على ضرورة العمل بشكل عاجل على توفير تغطية صحية شاملة.