وصف منسق فرق الطوارئ الطبية في منظمة الصحة العالمية، شون كيسي، الوضع الإنساني في قطاع غزة "بالمأساوي مع استمراره في التدهور أمام أعيننا وانهيار شبه تام للقطاع الصحي".
وجاءت تصريحات المسؤول الأممي، خلال مؤتمر صحافي عقده الأربعاء في مقر الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك، إبان عودته من زيارة لغزة، استمرت لقرابة خمسة أسابيع مع طاقم تابع للمنظمة.
وأشار كيسي إلى زيارته لعدد من المستشفيات في القطاع، بما فيها مستشفى الشفاء، وستة مستشفيات من أصل 16 ما زالت تقدم نوعاً من خدمات الطوارئ للغزيين تحت ظروف "صعبة للغاية".
وشدد على ضرورة وقف إطلاق النار لإنقاذ الأرواح ودخول المساعدات، ووصف الوضع الإنساني في غزة "بالمأساوي مع استمراره في التدهور أمام أعيننا وانهيار شبه تام للقطاع الطبي".
وأضاف "مستشفيات تتوقف عن العمل، عاملون في المجال الطبي يضطرون للهروب (بسبب القصف)، ونقص في الأدوية والمعدات الطبية، ونقص في الوقود للسماح باستمرار عمل المولدات الكهربائية، في الوقت الذي يرتفع فيه عدد الضحايا ناهيك عن الكارثة الإنسانية المستمرة في التدهور أمام أعيننا يومياً".
وتحدث عن استمرار اضطرار الناس للهروب إلى الجنوب بسبب القصف والأعمال العدائية، مشيراً إلى الظروف المأساوية في "المخيمات الجديدة حيث بعض الخيام من شوادر البلاستيك التي لا تحمي حتى من البرد".
وشدد على أن "منظمة الصحة العالمية مستمرة في محاولاتها لتقديم المساعدات، لكنها تواجه منعاً في دخول نسبة كبيرة من حافلاتها بسبب عدم الحصول على موافقة من الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى تقييد حركتها وقدرة طواقمها على الوصول إلى تلك المستشفيات في الكثير من الأحيان".
وأشار إلى أن قضية التحرك والوصول لا تقتصر على طواقم المساعدات، بل تتعلق كذلك بالمرضى أنفسهم والطواقم الطبية داخل غزة حيث أن تحركهم من منطقة إلى أخرى محفوف بالمخاطر بسبب القصف والعمليات العسكرية، لافتاً إلى تعرض جزء من المستشفيات للقصف.
وحول الوضع في مستشفى الشفاء، قال "لقد تمكنت من زيارة مستشفى الشفاء ثلاث مرات خلال الأسابيع الخمسة التي كنا فيها هناك، ولكن على سبيل المثال كانت هناك مدة 12 يوماً لم نتمكن خلالها من الوصول إلى المستشفى وإيصال أي مواد، بما فيها الغذاء والوقود والأدوية".
وتابع "هذا أكبر وأهم مستشفى في غزة وكان فيه 700 سرير، وأصبح محطة طوارئ ... هناك عشرات الآلاف الذين اضطروا للجوء إلى المستشفى بحثاً عن الأمان، يعيشون في كل مكان وزاوية داخل المستشفى. في الوقت الذي يعالج فيه قسم الطوارئ مئات المرضى يومياً، مع وجود خمسة أو ستة أطباء وممرضات فقط يقدمون الخدمات لهم".
المرضى ينتظرون الموت في غزة
وفي شمال قطاع غزة، تحدث عن المستشفى الأهلي وعن مرضى "ينتظرون الموت في مستشفى لا ماء ولا وقود ولا كهرباء فيه، والقليل جداً من الأدوات الطبية، كما أن هناك عدداً قليلاً من الطواقم الطبية التي تمكنت من المكوث ومحاولة العناية بهم".
وحول الأوضاع في الجنوب، وتحديداً خانيونس، أشار إلى زيارته إلى مركز ناصر، وقال "هناك فقط قرابة ثلاثين بالمئة من الطواقم الطبية التي تمكنت من البقاء. وهنا أيضا المرضى واللاجئون في كل مكان وزاوية وعلى الأرض.. وفي وحدة الحروق مثلاً كان هناك طبيب لكل مئة مريض... إنها أوضاع مرعبة في مستشفيات في غزة". وأشار كذلك إلى مخاطر انتشار الأمراض المعدية.
كما تحدث عن التحديات اللانهائية التي تواجهها المنظمة لإيصال مساعدات أساسية طبية وذات صلة، كالوقود والمياه والأغذية.
وأشار إلى "وجود ما يكفي داخل غزة من الطواقم الطبية من الغزيين، لكن تلك الطواقم أصبحت مشردة كذلك، ناهيك عن حاجتهم لتأمين الحاجات الأساسية كالغذاء والماء والمأوى لأسرهم، كما أنه لا يمكنهم، كبقية الفلسطينيين، التحرك بأمان داخل القطاع بسبب القصف، بالإضافة إلى تدمير بيوتهم وفقدانهم أغلب ما يملكون وعيشهم كذلك كمشردين". وتشير إحصائيات الأمم المتحدة أن 85 بالمئة من سكان القطاع أصبحوا مشردين داخلياً.