أكد برنامج الأغذية العالمي أنّ لبنان يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم، ويحتاج أكثر من نصف سكانه في الوقت الحالي إلى المساعدات لتغطية احتياجاتهم من الأغذية والمستلزمات الأساسية.
وخلص تقرير للبرنامج الأممي إلى أنّ "الأسر اللبنانية تجد صعوبة متزايدة في تحمّل تكاليف توفير الأطعمة المغذّية، وتضطر لاعتماد استراتيجيّات ضارّة للتكيّف مع الوضع، كتقليل الإنفاق على الرعاية الصحية أو التعليم، أو عدم تسجيل الأطفال في المدارس. إضافة إلى تغيّر الأنظمة الغذائية بشكلٍ ملحوظ، حيث بات البعض يستهلك كميّاتٍ أقلّ من منتجات الألبان والبروتينات الحيوانية والفواكه والخضراوات، ومن المتوقّع أن تتفاقم المعاناة بحلول الشتاء من جرّاء زيادة تكاليف الوقود والكهرباء".
ولاحظ التقرير أنّ "الأسر التي تعولها نساء أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي، وكذا الأسر كبيرة العدد التي تعول أفراداً من فئات مختلفة، وتلك التي تضمّ أفراداً يعانون من أمراضٍ مزمنة أو إعاقات".
وحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، يعاني كلّ لاجئ فلسطينيّ في لبنان تقريباً من الفقرٍ، وارتفع متوسط تكلفة السلة الغذائية ستة أضعاف خلال العام الماضي، وهي من أعلى الارتفاعات التي سجلها العالم هذا العام.
ويرتبط انعدام الأمن الغذائي بالبطالة، إذ يغطّي متوسط الراتب في لبنان حالياً 24 في المائة من الاحتياجات الأساسيّة، وتؤثر الأزمة بشكلٍ كبير على اللاجئين السوريّين الذين يعيش جميعهم تقريباً في فقرٍ مدقع، ويضطرّون إلى إرسال أطفالهم للعمل، وبيع ممتلكاتهم القيّمة للبقاء على قيد الحياة.
ومن خلال معرض صورٍ وفيديو وملصقات، استعرض برنامج الأغذية العالمي انطلاقته في لبنان كاستجابة للاحتياجات الغذائيّة في أعقاب حرب يوليو/تموز 2006، وصولاً إلى برامج المساعدات التي توسّع نطاقها منذ بدء الأزمة الاقتصادية في 2019.
وكشف المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في لبنان عبد الله الوردات، لـ"العربي الجديد"، أنّ "البرنامج يقدّم مساعداتٍ لأكثر من 700 ألف لبناني حالياً بسبب الأزمة غير المسبوقة"، وتحدّث عن مشروعين أساسيّين، أولهما المساعدات الغذائية الطارئة للأسر، والذي بدأ في عام 2020 نتيجة تداعيات جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية، وهو عبارة عن سلّة غذائية شهرية وزنها 62 كيلوغراماً من المواد الغذائية الأساسية، وتستفيد منها 80 ألف عائلة، ما يعادل 400 ألف شخص.
وقال الوردات إن المشروع الثاني خاص بالأسر الأكثر فقراً، ويجرى بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية منذ 2014، ويوفّر مساعدات نقديّة لـ62 ألف أسرة، ويقدم 20 دولاراً أميركياً شهرياً للفرد، موضحاً: "نتطلّع إلى الوصول إلى 75 ألف أسرة بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، علماً أنّ الأسر المحتاجة عددها أكبر من ذلك، وفي حال حصلنا على تمويلٍ أعلى، فسنتمكّن من دعم عدد أكبر من الأسر، ومنذ ثلاث سنوات، نعمل على بلورة قاعدة بيانات دقيقة عبر إحصائيّات وزيارات ميدانيّة لتحديد العائلات الأكثر حاجة".
ولفتت المتحدّثة باسم برنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبير عطيفة، إلى أنّ "الوضع في لبنان أخذ منحى خطيراً خلال السنوات الثلاث الماضية. في الوقت الحالي، يدعم البرنامج شخصاً من بين كل 3 أشخاص في لبنان، أي قرابة مليونَي مواطن، سواء من خلال مساعدات غذائية أو نقدية شهرية، أو القسائم الغذائيّة، وبرنامج (التغذية المدرسية) الذي توسّع على مدار ستة أعوامٍ ليشمل نحو 73 ألفاً من الأطفال اللبنانيّين وأطفال اللاجئين السوريّين الأكثر حاجة".
واعتبرت عطيفة أنّ "الأمن الغذائي في لبنان معقّد بسبب الأزمة الطاحنة والتدهور الكبير في سعر صرف الليرة، وتعرّض القوة الشرائية للمواطنين للشلل التام مع ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة، التي تضاعفت 17 مرة منذ عام 2019، إذ ارتفع سعر أقل سلة غذائية تكفي أسرة واحدة شهريّاً أكثر من 1700 في المائة، إضافة إلى تداعيات التغيّر المناخي وانعكاسه على المحاصيل الزراعية المحليّة، وشحّ المياه مع تفاوت معدّلات هطول الأمطار، ونعمل على دعم المزارعين، لا سيّما الصغار، لتعزيز صمودهم وقدرتهم على الإنتاج والتكيّف".
ويمثّل برنامج الأغذية العالمي الداعم الرئيسي للبرنامج الوطني لاستهداف الأسر الأكثر فقراً وشبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ، إذ يساهم في تقديم المساعدات لأكثر من مليون لبناني، وحسب المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي التابع للبنك الدولي، فإنّ نسبة الفقر في لبنان تتراوح بين 22 إلى 25 في المائة.