الأمم المتحدة: آثار مدمّرة للنزاعات المسلحة على الأطفال

19 يوليو 2022
في الغالب يُختطَف الفتيان بهدف تجنيدهم للقتال في النزاعات (ستيفاني غلينسكي/ فرانس برس)
+ الخط -

أفادت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنيّة بالأطفال والنزاع المسلح فرجينيا غامبا بأنّ النزاعات المسلحة تترك آثاراً مدمّرة على المجتمعات عموماً، والأطفال خصوصاً.

وجاءت تصريحات غامبا في خلال اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، لمناقشة التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول الانتهاكات ضدّ الأطفال في النزاعات المسلحة التي تمّ التحقّق منها وتسجيلها حول العالم.

ولفتت غامبا الانتباه إلى أنّ المخاطر التي يشير إليها التقرير تراوح ما بين تصعيد في النزاعات والانقلابات العسكرية والحروب وانتهاكات القانون الدولي، وأضافت أنّ التقرير رصد 24 ألف انتهاك جسيم ضدّ الأطفال، ولعلّ أكثر الانتهاكات انتشاراً هو تشويه (وجرح) الأطفال وقتلهم، يليه تجنيدهم كمقاتلين في النزاعات المسلحة، بالإضافة إلى منع وصول المساعدات الإنسانية إليهم.

يُذكر أنّ التقرير الذي يغطّي عام 2021 رصد 21 بلداً ومنطقة تشهد نزاعات. والدول التي سُجّلت فيها أعلى نسبة انتهاكات وضحايا (جرحى وقتلى) هي أفغانستان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والأراضي الفلسطينية المحتلة، والصومال، وسورية، واليمن.

وتناولت غامبا نوعَين من الانتهاكات التي سجّل التقرير زيادة حادة فيها في خلال العام الماضي، هما الاختطاف والعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب. وقد ارتفعت نسبة كلّ واحد منهما عشرين في المائة مقارنة بعام 2020 الذي سبق. وفي الغالب، يُختطَف الفتيان بهدف تجنيدهم للقتال في النزاعات، أمّا الفتيات فيُغتصبنَ أو يُصار إلى استغلالهنّ جنسياً أو تزويجهنّ قسراً.

وأشارت غامبا إلى الإقصاء ووصمة العار اللذَين يواجههما أطفال كثر بعد إطلاق سراحهم، مشدّدة على ضرورة العمل بشكل أكبر لدعم برامج إعادة دمج الأطفال في المجتمع بعد إطلاق سراحهم.

ورأت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنيّة بالأطفال والنزاع المسلح أنّه لا يجب أن تثبّط الأرقام "عزيمة المجتمع الدولي، إذ إنّ تقدّماً أُحرز على الرغم من ذلك في عدد من المناطق"، وتحدّثت في هذا الإطار عن الإفراج عن أكثر من 12 ألف طفل كانوا محتجزين لدى جماعات وقوات مسلحة في عدد من المناطق، من بينها جمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وسورية وكولومبيا وميانمار.

من جهتها، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، كاثرين راسل، خلال إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي، إنّ "هذا التقرير يرسم صورة قاتمة. لكنّ الغاية منه لا تقتصر على توجيه أصابع الاتهام إنّما توجيه الأصبع صوب الطريق إلى الأمام".

وأضافت راسل أنّ "ثمّة ثماني حالات أزيلت من التقرير لأنّ الانتهاكات توقّفت. أيضاً، أُطلق سراح أكثر من 12 ألف طفل. ومنذ عام 2000، وثّقنا إطلاق سراح أكثر من 186 ألف طفل وطفلة. وقد وُقّعت خطط عمل جديدة في كلّ من مالي واليمن، في حين يُصار إلى تنفيذ 21 خطة عمل في مناطق أخرى مختلفة، وهذا كله تقدّم أُحرز".

وأكدت أنّ عمليات الرصد التي تتّبعها الأمم المتحدة في مناطق النزاعات صارت أفضل، وأوضحت أنّ لدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي القدرة على الدفع بعجلة التقدّم من أجل حماية الأطفال في النزاعات المسلحة.

وتابعت راسل: "نلحّ على ضرورة الامتثال للقانون الدولي، ولكنّكم قادرون على القيام بأكثر من ذلك، بما في ذلك استخدام أوامر عسكرية وسياسة عدم تسامح مطلق مع الانتهاكات الجسيمة ضدّ الأطفال".

وناشدت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة مجلس الأمن الدولي تأييد وتنفيذ إعلان المدارس الآمنة لحماية الأطفال من الهجمات وعدم استخدامها في أثناء النزاع، كما دعت المجلس إلى تأييد مبادئ باريس لتسريح وإعادة دمج الأطفال الذين استخدمتهم القوى والجماعات المسلحة في النزاعات، وأشارت إلى ضرورة إيجاد خطة بديلة عن احتجاز الأطفال الذين أُرغموا على الخدمة في صفوف الجماعات المسلحة أو حرمانهم من  الحقّ في الجنسية. 

في سياق متصل، تحدّث الشاب باتريك كومي، من جنوب السودان، أمام مجلس الأمن الدولي.

وكان كومي مجنّداً سابقاً في الحرب، بعدما اختُطف مع والده وقُتل الأخير وعُذّب أمام عينَيه، قبل أن يُجبَر هو على القتال في صفوف إحدى الجماعات المسلحة. وبعد الحديث عن تجربته وهروبه ثمّ إعادة دمجه في المجتمع من خلال جمعية محلية، قدّم كومي إلى المجلس عدداً من التوصيات، إذ قال إنّه لا بدّ من "إعادة دمج الأطفال الذين يغادرون الجماعات المسلحة، إذ هم يحتاجون إلى رعاية طبية جسدية ونفسية ولمّ شملهم مع أسرهم وفرص للتعلم".

وأضاف أنّه "يتوجّب على المجتمعات أن تدعمهم وترحّب بهم"، لافتاً إلى أنّها "تنظر إليهم في الغالب على أنّهم تهديد. أيضاً فإنّ ثمّة ثغرة في تعليمهم مهارات جديدة".

أضاف كومي أنّ ملايين الدولارات تُخصَّص لمشاريع مختلفة، لكنّ تلك المشاريع غير مستدامة وقصيرة المدى في الغالب، مشيراً إلى ضرورة التنسيق والمتابعة بعد انتهاء تلك المشاريع مع المجتمعات المحلية والحكومات لضمان الاستدامة والاستمرارية.

وشدّد كومي أيضاً على ضرورة إشراك الشباب والأطفال والمجتمعات المحلية في البرامج والمشاريع، لأنّ "هؤلاء أدرى من غيرهم بحاجاتهم وكيفية مساعدتهم بطرق أفضل"، ورأى أنّ ثمّة ضرورة لإيجاد طرق أفضل لمحاسبة مرتكبي الجرائم، وللإيفاء بالوعود التي تقطعها الدول من دون أن تنفّذها.

المساهمون