استمع إلى الملخص
- تروي أم أحمد معاناتها من الأمطار التي أغرقت خيمتها، مما أدى إلى تلف الأغطية والملابس والطعام، وتعبر عن خوفها من الأمراض والبرد الذي يهدد أطفالها.
- يعبر النازحون عن استيائهم من نقص الخدمات الأساسية وغياب الأمل في العودة، ويناشدون السلطات لتقديم مساعدات عاجلة وحلول دائمة.
تتفاقم معاناة أكثر من 1400 أسرة نازحة في مخيم بزيبز، غربي العاصمة العراقية بغداد، بعد الأمطار الغزيرة التي أغرقت المخيم خلال اليومين الماضيين، مما جعل حياة الآلاف من الأطفال وكبار السن والمرضى محفوفة بالمخاطر، حيث يواجه سكان المخيم ظروفاً قاسية نتيجة تحول خيامهم إلى برك طينية، وسط نقص في المياه النظيفة والمساعدات الأساسية، ما يزيد من خطر الأمراض مع انخفاض درجات الحرارة.
أُنشئ مخيم بزيبز عام 2014، بعد نزوح آلاف الأسر العراقية نتيجة العملية العسكرية التي شنها الجيش العراقي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في محافظة الأنبار (غرب) والمناطق المحيطة، وخاصة في مدينة الفلوجة. وأقيم المخيم بشكل مؤقت لإيواء العائلات النازحة التي فرت من مناطق الصراع، ولكنه تحول على مر السنين إلى مأوى دائم للعديد من الأسر، التي تعيش فيه منذ نحو 10 سنوات، بسبب سيطرة مليشيات مسلحة على مدنهم ومنع العائلات العودة إليها، وأبرزها جرف الصخر والعويسات. من دون أن تقدم الحكومة على أي خطوات لتحسن الظروف المعيشية أو توفر بنية تحتية تحميهم من تقلبات الطقس وظروف الحياة القاسية.
ليلة مأسـ.ـاوية في مخيمات بزيبز.. خيام مهترئة ونازحون بلا مأوى | تقرير: أحمد ناجي#قناة_الفلوجة pic.twitter.com/I0alVJCPBK
— قناة الفلوجة-الأخبار (@alfallujahNews) November 3, 2024
تروي أم أحمد، إحدى نازحات المخيم، بنبرة حزينة لـ"العربي الجديد" حجم الأضرار التي لحقت بخيمتها: "منذ الخميس الماضي ونحن نعاني من المطر. لم ننم سوى ساعات قليلة. رغم كل التحصينات التي عملناها لكن خيامنا لم تصمد فقد غرقت جميعها". مضيفة "حاولنا بجهد إخراج الماء، لكن الأرض الطينية جعلت الوضع أسوأ. كل شيء غرق، أغطيتنا وملابس أطفالنا وحتى القليل من الطعام الذي كنا نحتفظ به". وتواصل أم أحمد: "نعيش هنا منذ سنوات، ولم نتوقع أن تكون حياتنا أصعب مما هي عليه، لكن الآن نحن نخشى على أطفالنا من البرد والأمراض التي قد تزداد مع هذه الظروف ولا نملك حتى ما نحمي به أنفسنا من المطر القادم".
تأتي هذه الأزمة الموسمية -بحسب ما يقول النازحون لـ"العربي الجديد"- في ظل استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في المخيم، حيث يعاني السكان من نقص في المياه النظيفة والصرف الصحي، إلى جانب نقص في الخدمات الطبية والإغاثية. ومع انخفاض درجات الحرارة، يواجه النازحون صعوبة في تأمين الاحتياجات الأساسية لحمايتهم من البرد القارس والأمراض.
للتذكير
— سيف الدين المهنا (@Saif_almuhana) November 3, 2024
ان هناك الآن في مخيم بزيبز عوائل(عراقية)
اطفال ونساء وكبار سن تسكن في خيام رثة
والآن لقد داهمتهم مياه الأمطار ودمرت كل
شيء،سيبقون مبللين يتراجفون حتى الصباح
عسى ان تجففهم الشمس ان شرقت عليهم !
عفوا لا تناشدوا الحكومة كونها
مشغولة بضيوفها اللبنانيين !!#انقذوا_النازحين pic.twitter.com/oOCNrglXd1
يصف حسين أبو علي، الذي يقيم في مخيم بزيبز مع أسرته، الظروف الصعبة التي يعيشها هو وباقي العائلات بعد الأمطار الغزيرة التي أغرقت المخيم، قائلا بحسرة: "كل عام ننتظر الأمطار بخوف، لكن هذه المرة كانت شديدة لدرجة أن خيمتنا غمرت بالكامل. الأرض تحولت إلى طين، وكل شيء عندنا غرق، حتى الأغطية التي كانت تقي أطفالنا من البرد". ويضيف: "لم نعد نملك ما يمكن أن يحمي أسرنا من المطر القادم؛ كل موسم شتاء نواجه نفس المعاناة، ولا نجد سوى خيم بالية لا تصمد أمام المطر أو الرياح".
وتابع أبو علي حديثه مبدياً استياءه مما يعيشه سكان المخيم: "الوضع يزداد سوءاً، ونحن هنا منذ سنوات نعيش بين المرض ونقص الخدمات دون أمل في العودة أو التحسن". ويناشد السلطات ومنظمات الإغاثة قائلاً: "نحن بحاجة لمساعدات عاجلة، ليس فقط لإصلاح الأضرار التي سببتها الأمطار، بل لتوفير حلول دائمة. أطفالنا وكبار السن لا يتحملون هذا الوضع، نريد فقط مكاناً آمناً يحفظ كرامتنا".
كانت ليلة قاسية على سكان المخيمات في بزيبز غرب بغداد ومعرية لمن يتباكى على مذابح أهلنا في فلسطين وهو يمارس ذات الإجرام مع سكان مدن كاملة في العراق.
— Ahmed Saeed (@ahsaeedhd) November 3, 2024
ما يزيد من آلام النازحين في هذا المخيم أن معاناتهم هي ذاتها تتجدد باستمرار، وعلى الرغم من توجيههم مناشدات ورسائل مستمرة عبر وسائل الإعلام ومن خلال التواصل مع المنظمات الإنسانية والأحزاب والسياسيين، لكن "دون جدوى" وفق ما يقول عمر النداوي (19 عاما) أحد سكان المخيم، لافتا إلى وضع يصفه بـ"الخطير" حيث تسبب الحال الذي يعيشونه في "مرض نفسي أصاب جميع من في المخيم"، مبيناً "نحن هنا مواطنون من الدرجة العاشرة، لا نستطيع العودة إلى بيوتنا لأنها تحولت إلى مواقع عسكرية واعتُبرنا نحن متهمين بالإرهاب وعلينا تحمل ذنب لم نرتكبه غير أن بعض الإرهابيين تمركزوا في مناطقنا في تلك الفترة بين 2014 و2017".
بدموع تنهمر على وجنتيه، يصف عمر المعاناة التي يعيشها مع أسرته وجميع سكان المخيم قائلاً: "نحن هنا نعيش في جحيم لا ينتهي. في الصيف، لا نستطيع التنفس من شدة الحرارة، وفي الشتاء نرتجف من البرد، والآن دهمتنا الأمطار الغزيرة قبل يومين". ويضيف عمر بصوت مخنوق: "لم يعد لدينا شيء، خيامنا غارقة، وأطفالنا يمرضون من الطين والماء الذي يحيط بنا من كل جانب. هذه ليس بحياة، كثير منا يتمنى الموت بدلاً من العيش في هذا الذل. نحن نسأل: كم من الوقت سنظل نعيش بلا أمل؟".