يعاني سكان بعض أحياء مدينة القامشلي السورية من تدني البنى التحتية، وتختلط مياه الأمطار سنوياً مع مياه الصرف الصحي، وتسبب أضراراً صحية وبيئية بالغة، فضلاً عن تضرر البيوت القديمة.
يعيش السوري عادل محمود في حي حلكو الشعبي، جنوب غربي مدينة القامشلي، في محافظة الحسكة (شمال شرق)، وهو من بين مَن تتضرر منازلهم بهطول الأمطار سنوياً، إذ تغرق مياه الأمطار المنزل.
يقول محمود لـ"العربي الجديد": "في آخر هطول للمطر يوم 5 يناير/ كانون الثاني، امتلأت منازل منطقتنا بالمياه، فالمنطقة منخفضة، ومياه الصرف تغرق البيوت، وفي كل عام نعاني من المشكلة ذاتها في فصل الشتاء، إذ يصبح ارتفاع الماء نحو متر، ويتلف محتويات المنازل، ويصيب أطفالنا بالأمراض بسبب البرد والمياه الملوثة، وأغلب العوائل فقيرة".
ويتابع: "لم نتلق أية مساعدة، ولا وجود لأجهزة الطوارئ. لا نستطيع النوم داخل المنزل إذا غرق بالماء، ولا نستطيع تركه غارقاً للذهاب إلى العمل. يوجد نحو 50 عائلة في الحي، وجميعها متضررة بسبب كون المنازل منخفضة، وتتجمع فيها المياه. من لديه أقارب في المدينة يقوم بأخذ بعض أغراض المنزل والذهاب للبقاء عندهم، ومن ليس لديه أقارب يضطر للبقاء في المنزل، ومحاولة التغلب على المياه، ومقاومة الأمراض".
وتضم مدينة القامشلي 21 حيّاً قديماً، يعود تاريخ تأسيسها إلى فترة الانتداب الفرنسي في الربع الأول من القرن الماضي، ويعيش فيها خليط من العرب والأكراد والسريان والأرمن.
يعيش عيسى خليل أحمد أيضاً في حي حلكو، ويقول لـ"العربي الجديد": "ليست تلك المرة الأولى التي نعاني فيها من فيضان المجارير، فدائماً ما يحدث ذلك في فصل الشتاء لتغرق البيوت، ويصبح التنقل في الشوارع صعباً للغاية، وطالبنا مجلس الحي مراراً بإيجاد حلول، لكنهم يردون دائماً بأن شبكة المجاري قديمة، وأن الجهات المعنية تقوم بإجراء صيانة لها ضمن إمكاناتها".
وتقدم سكان حي حلكو في شهر مارس/ آذار 2023، بعريضة إلى بلدية القامشلي، طالبوا فيها بإنهاء الأسباب التي ينجم عنها اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، وإيجاد حلّ نهائي لهذه الأزمة، وعدم اعتماد حلول مؤقتة، والمشكلة ذاتها تعاني منها أحياء جرنك، والهلالية، وقناة السويس، والسياحة.
بدورها، توضح أميرة عبدو لـ"العربي الجديد"، أن "الأزمة معروفة، لكنها تكون واضحة مع هطول المطر، إذ تبدأ مصارف المياه في داخل البيوت بالفيضان. جلست مؤخراً أبكي، فمياه الصرف فاضت، والرائحة الكريهة جعلتني عاجزة، ولم أكن أعرف ماذا أفعل، وقضيت ثلاثة أيام في تنظيف البيت باستخدام الكلور والمعطرات في محاولة للتخلص من الروائح، وأصبت بآلام في المعدة، وأشعر بالمرض كلما أتذكر ما حدث، فهو كارثة بكل معاني الكلمة".
تتابع عبدو: "عندما أصحب ابني في الصباح إلى المدرسة، أكون حريصة ألا يدوس في برك المياه، كونها ملوثة بمياه المجارير، ورائحتها مزعجة للغاية، من المقرف أن يكون هذا الوضع الذي نعيشه في مدينة القامشلي، ونرجو أن يستجيبوا لمطالبنا. نريد أن يكون هناك شبكة صرف صحي جيدة في الأحياء المهمشة، مثل حي حلكو وحي جرنك، لكن لا أحد يبالي بالسكان. نريد على الأقل أن نتمكّن من السير في الشوارع خلال فصل الشتاء بدون أن تلوثنا المياه الآسنة ذات الرائحة النتنة، وألا تدخل هذه المياه منازلنا".
ومن حي الزهور، جنوبي مدينة الحسكة، يقول حسن علي لـ"العربي الجديد": "نعيش منذ سنوات أزمة بسبب مياه الصرف الصحي وفيضان المجارير، وفي كل عام تتفاقم الأزمة مع هطول الأمطار. خط التصريف الرئيسي للمدينة يمر في الحي، ومع هطول المطر، يتحول المكان إلى برك من المياه الآسنة، ونطالب منذ سنوات عدة بحلول، لكن لا نحصل على نتيجة، وتكون الردود تسويفاً ووعوداً فقط دون إنهاء الأزمة".
يضيف: "المشكلة أن الضرر يستمر لأيام عدة، ويتجدد مع كل هطول للمطر في المدينة، والحلول التي اعتمدوها مثل فرش الحصى في الشوارع لم تكن نافعة، فالحل الحقيقي هو صيانة شبكة الصرف الصحي، فنحن نعيش في مدينة، ولسنا في قرية صغيرة يمكن فيها اللجوء إلى الحلول الوقتية".
ويوضح الناشط مدين عليان لـ"العربي الجديد"، أن "العديد من المشاكل في أحياء مدينة القامشلي، تنجم عن هطول الأمطار، خاصة في الأحياء الشعبية القديمة، ومن بين المشاكل فيضان شبكة الصرف الصحي، وللأسف ليس هناك حلول جذرية، رغم أن سكان هذه الأحياء تتضرر منازلهم، وهم يناشدون المنظمات الإنسانية مد يد العون لهم لترميم هذه المنازل، وبعض بيوت هذه الأحياء من الطين، وفي عام 2019 هدمت السيول بيتاً في حي قناة السويس، لكنها هذا العام تسببت بأضرار فقط، ويجب النظر إلى هذه الأزمة بشكل جدي".