الأسير نائل البرغوثي يرفض توجيه رسالة بعد 42 عاماً في سجون الاحتلال: "الصمت أبلغ"

20 نوفمبر 2022
حكم على الأسير الفلسطيني نائل البرغوثي بالمؤبّد زائد 18 عاماً (فيسبوك)
+ الخط -

رفض الأسير الفلسطيني نائل البرغوثي هذا العام أن يوجّه رسالة لإتمامه 42 عاماً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، واكتفى بالقول إنّ "الصمت أبلغ". ودخل البرغوثي، اليوم الأحد، العشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، عامه الـ43 في الأسر، وهو ما يُعَدّ أطول مجموع لمدد اعتقال في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وقد توالت أجيال ومتغيّرات كبيرة على الساحة الفلسطينية والعالمية، وما زال نائل البرغوثي البالغ من العمر 65 عاماً يقبع في زنازين الاحتلال رهينة، بذريعة وجود ملف "سرّي" حكمه مؤبّد زائد 18 عاماً.

ويبدو أنّ نائل البرغوثي عبّر من دون كلام عن عتبه على الدورَين الرسمي والفصائلي الفلسطينيَين في ما يتعلَق بقضيته، حين اكتفى بـ"الصمت أبلغ"، مع دخوله عامه الثالث والأربعين في الأسر. وتشرح زوجته أمان نافع لـ"العربي الجديد"، في هذا الإطار، أنّ "ما أوصل نائل إلى ما هو عليه الآن وعدم توجيهه رسالة (بالمناسبة) هو نوع من العتب على الفصائل الفلسطينية والدور الرسمي الفلسطيني، وهو التقصير تجاه قضيته وقضية الأسرى، في ظلّ مماطلة قانونية"، مؤكدة أنّه "يؤمن بأنّ اعتقاله سياسي ليس أكثر".

وتشير نافع إلى أنّ "هذا التقصير الرسمي والفصائلي بحقّ الأسرى واضح، فكيف يُترك أسرى لمدّة تتخطّى 40 عاماً في سجون الاحتلال من دون بذل الجهود اللازمة (في سبيل قضيتهم)"، مشدّدة على "وجوب تكثيف الجهود للإفراج عن الأسرى، خصوصاً نائل الذي أمضى أكثر من ثلثَي حياته في سجون الاحتلال". وأوضحت أنّه "كان يبلغ من العمر 19 عاماً" عندما أُسر للمرّة الأولى، "وهو الآن بعمر 65 عاماً".

وترى نافع أنّه "لو كان ثمّة عالم حرّ، لما بقي نائل 42 عاماً في الأسر"، مشيرة إلى أنّه "على الرغم من الألم الذي يعانيه نائل في سجون الاحتلال، فإنّه مؤمن كما بقيّة الأسرى، بأنّه شمعة تنير طريق النضال لتحرير فلسطين".

تضيف نافع أنّ "ثمّة مماطلة من قبل محاكم الاحتلال، إذ إنّ محامي نائل يطالب محكمة عوفر بشكل مستمرّ بالردّ على طلب محكمة الاحتلال العليا حول سبب اعتقاله حتى الآن، على الرغم من الإفراج عنه في صفقة تبادل. لكنّ محكمة عوفر تماطل بالردّ منذ نحو ثلاثة أشهر".

من جهته، أفاد نادي الأسير الفلسطيني، في بيان له بالمناسبة، بأنّ "قضية الأسير البرغوثي تفرض تساؤلات عديدة على الحركة الوطنية الفلسطينية ومصير الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وأكثر من 300 أسير أمضوا أكثر من 20 عاماً، لتُشكّل هذه التجربة شاهداً تاريخياً على جريمة الاحتلال المستمرّة بحقّ الأسرى".

ولد الأسير البرغوثي في 23 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1957 في بلدة كوبر في محافظة رام الله وسط الضفة الغربية، قد واجه الاعتقال منذ عام 1978، وقضى منها 34 عاماً بشكل متواصل، وتحرّر في عام 2011 ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، إلا أنّ الاحتلال أعاد اعتقاله ضمن حملة اعتقالات واسعة في عام 2014 طاولت عشرات من المحرّرين في الصفقة، يتبقّى حالياً منهم رهن الاعتقال 48 أسيراً. يُذكر أنّ أحدهم يتوقع أن يتحرّر اليوم، وهو الأسير عماد فاتوني من سلفيت وسط الضفة الغربية، بعد أنّ أمضى ما مجموعه 30 عاماً في سجون الاحتلال.

وأخيراً، عُقدت جلسة للأسير البرغوثي في المحكمة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي، بعد أن أعادت المحكمة العليا القضية إلى تلك المحكمة التي بتّت بأمر اعتقاله في عام 2015. وحتى اليوم لم يصدر قرار بشأن المطالبة بإنهاء اعتقاله.

قضايا وناس
التحديثات الحية

تجدر الإشارة إلى أنّه بعد الإفراج عنه في 18 أكتوبر من عام 2011، إلى جانب مئات من الأسرى، من بينهم رفيق دربه المحرّر فخري البرغوثي، تزوّج نائل البرغوثي من الأسيرة المحرّرة أمان نافع. وبعدما أعادت سلطات الاحتلال اعتقاله في 18 يونيو/ حزيران من عام 2014، أصدرت بحقه حُكماً مدّته 30 شهراً. وبعد قضائه مدّة محكوميته هذه، أعادت حُكمه السابق، أي المؤبد زائد 18 عاماً، إلى جانب عشرات من محرّري صفقة "وفاء الأحرار" الذين أُعيدت أحكامهم السابقة، وهم بمعظمهم يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد.

وفي عام 2018، قتلت قوات الاحتلال ابن شقيقه صالح البرغوثي، واعتقلت شقيقه عاصم، وعدداً من أفراد عائلته، وهدمت منزلَين للعائلة، ضمن سياسة العقاب الجماعي.

وفي العام الماضي، واجه نائل البرغوثي محطّة صعبة في حياته تُضاف إلى عشرات من المحطات السابقة، وذلك بفقدان شقيقه ورفيق دربه عمر البرغوثي (أبو عاصف). وقد حرمه الاحتلال مجدداً من وداع أحد أحبّائه، علماً أنّه كان قد فقد سابقاً والدَيه اللذَين حُرِم كذلك من وداعهما.

وكان نائل البرغوثي قد وجّه في سنوات اعتقاله الماضية رسائل عدّة، من بينها أنّ "الطريق الوحيدة لتحريرهم تبدأ أولاً من الوحدة الوطنية، كمنطلق أساسي لاستعادة الهوية الفلسطينية، وإعادة الاعتبار للقضية وأهدافها التحررية (...) ومحاولات الاحتلال لقتل إنسانيتنا لن تزيدنا إلا إنسانية، لو أنّ هناك عالماً حرّاً كما يدّعون، لما بقيتُ في الأسر حتى اليوم".

المساهمون