الأسيرة الفلسطينية المراهقة نفوذ حماد تروي تفاصيل الاعتداء عليها وإهانتها أثناء تحقيق الاحتلال

15 فبراير 2022
نفوذ حماد عند اعتقالها في ديسمبر 2021 (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
+ الخط -

روت الأسيرة الفلسطينية المراهقة نفوذ حماد، البالغة من العمر 15 عاماً، من حيّ الشيخ جرّاح في مدينة القدس المحتلة، لمحامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية حنان الخطيب، تفاصيل اعتقالها وما تعرّضت له من تنكيل واعتداء وحشي ومعاملة مهينة في خلال اقتيادها من مدرستها واستجوابها في داخل أقبية تحقيق الاحتلال الإسرائيلي.

ووفق بيان أصدرته هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أفادت نفوذ بأنّه في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2021، نحو الساعة التاسعة صباحاً، "كنت في المدرسة وكنّا في الحصّة الأولى، وقد دخلت القوات الإسرائيلية المدرسة (مدرسة بنات الروضة الحديثة الثانوية) وبدأت بتفتيش التلميذات". أضافت أنّ عناصر القوات الإسرائيلية أوقفوا عدداً من التلميذات إلى جانب الحائط لتفتيشهنّ، وبعدها أمروا جميع التلميذات والمعلّمات والعاملين في المدرسة بالخروج إلى الساحة وأوقفوهم في طوابير، فيما فُصلت عنهم التلميذات اللواتي تعرّضنَ للتفتيش.

وتابعت نفوذ سردها: "عندما وصل دوري في التفتيش، سألوني عن اسمي أنا وصديقتي إسراء غتيت. أجلسونا، ثمّ اقتادوني جانباً. عندها طلبتُ أن ترافقني معلّمة، فرفضوا ذلك. وطلبتُ أيضاً أن ترافقني أختي التي تكبرني بسنة واحدة، ورفضوا أيضاً. بعدها، أخذوني إلى جانب مكتب المديرة، وقيّدوا يدَيّ إلى الخلف بأصفاد من الحديد، وأحاطني نحو خمسة جنود، فيما كانوا يسألونني ويصرخون في وجهي ويشتمونني بكلام بذيء جداً".

وأشارت نفوذ إلى أنّهم "أدخلوني بعدها إلى إحدى غرف المدرسة مع مجنّدتَين قامتا بتفتيشي. ثمّ صادروا هاتفي وأعادوا تقييدي بالأصفاد الحديدية إلى الخلف، وعصبوا عينَيّ وأنزلوني عبر درج المدرسة. حينها طلبتُ مرّة أخرى مرافقة أختي أو معلّمتي، فرفضوا ذلك وصرخوا في وجهي مرّة أخرى وأمروني بالسكوت. وفي ما بعد، اقتادوني وقاموا بزجّي في داخل سيارة عادية، وكنت محاطة بجنود الاحتلال من كلّ الجهات وأنا مقيّدة اليدَين إلى الخلف ومعصوبة العينَين".

وأكملت نفوذ: "تمّ اقتيادي في ما بعد إلى مركز تحقيق المسكوبية، وتمّ استجوابي من قِبل ستة أو سبعة محقّقين، أحدهم كان يصرخ في وجهي ويشتمني بألفاظ نابية. وثمّة محقق آخر ضربني على وجهي بعنف، ومن شدّة اللكمة اصطدم رأسي بالحائط. كذلك ركلني على خاصرتي وشدّ شعري، ولم يتوقّف عن الصراخ في وجهي وتهديدي باحتجازي في داخل الزنزانة لفترة طويلة وحرماني من رؤية أهلي. بعد ذلك، نقلوني إلى زنزانة أخرى، حيث رمى محقّق آخر كرسيّاً صوبي، وهدّدني بهدم بيتي واعتقال والدَيّ".

الصورة
الاحتلال الإسرائيلي يعتقل الفتاة الفلسطينية نفوذ حماد (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
عناصر من الاحتلال الإسرائيلي يقتادون نفوذ حماد إلى الاعتقال (أحمد غرابلي/ فرانس برس)

وأوضحت نفوذ في إفادتها: "نقلوني بعدها إلى قسم المعبار في سجن الشارون، أنا وصديقتي إسراء، لكنّهم منعونا من الكلام. كانت الساعة 12:30 بعد منتصف الليل تقريباً. ونحو الساعة 2:30 فجراً، أيقظونا وأخذونا إلى مركز تحقيق المسكوبية مرّة أخرى. وبقينا على هذه الحال نحو 10 أيام متتالية. لم نكن ننام إلا ساعتَين، عدا عن ظروف النقل القاسية في ما يسمّى عربة البوسطة، فكراسيها حديدية وباردة جداً".

وذكرت نفوذ أنّ "ظروف الزنازين في معبار الشارون صعبة جداً، فالنافذة كبيرة ومفتوحة بشكل دائم، وقد طلبنا من السجانين إغلاقها مرّات عدّة، فرفضوا. وفي اليومَين الأوّلَين، لم يحضروا لنا طعاماً. وفي مرّة، طلبنا ماءً فأحضروا لنا ثلجاً، وكانوا يماطلون جداً بإحضار وجبات الطعام. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ البطانية التي توفّرها إدارة السجن هي شرشف (غطاء) خفيف، فيما الفراش جلدي، ولا وسادة. ورائحتها كريهة. أمّا الزنزانة فقذرة جداً، وعلى جدرانها صراصير وحشرات (أخرى)". أضافت نفوذ أنّه "لم تتوفّر مياه ساخنة في اليومَين الأوّلَين. وبعد نحو خمسة أيام، استطاع أهلي إدخال ملابس لي، لكنّ السجّانين تعمّدوا احتجاز الأغراض لأيام أخرى قبل إدخالها لنا. وكنّا ننام ونستيقظ بالملابس نفسها، وأنا كنت بالزيّ الرسمي للمدرسة. وبعد نحو ستّة أيام، استطعنا تبديل ملابسنا".

وبحسب نفوذ، فقد "أُطلق سراح صديقتي إسراء بكفالة مالية، بعد نحو أسبوعَين، وبقيتُ لوحدي بالغرفة لمدّة يوم. بعدها، أحضروا الأسيرة عبيدة الحروب. وحينها طلبتُ من السجانين إحضار شامبو وفرشاة أسنان، فدخلت إليّ سجّانة تُدعى نعمة وبدأت تضربني وتصرخ في وجهي. قلت لها إنّني لا أفهم العبرية، فانهالت عليّ بالضرب. سألتها عن سبب ضربها لي، إذ إنّني لم أطلب إلا شامبو وفرشاة أسنان، لكنّها استمرّت بالضرب من دون توقف. وكان ثمّة سجّانون آخرون راحوا يصرخون في وجهي ويشتمونني بألفاظ بذيئة".

وتستمرّ نفوذ برواية ما حدث، قائلة "بعدها قيّدوني ونقلوني إلى زنزانة انفرادية، حيث بقيتُ لمدّة أربع ساعات. وفي ما بعد، اقتادوني إلى زنزانة أخرى قريبة من قسم السجناء الجنائيين، قبل استجوابي مرّة أخرى بسبب المشكلة التي حصلت بيني وبين السجّانة. وبعد مكوثي أياماً عدّة في سجن الشارون، نُقلت إلى قسم الأسيرات في سجن الدامون حيث أقبع الآن".

وبحسب ما تؤكد هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، فإنّ الفتاة الفلسطينية نفوذ حماد التي تُعَدّ طفلة بحسب القوانين الدولية التي تُحدّد سنّ الطفولة حتى 18 عاماً، ما زالت موقوفة حتى الآن من دون أن يصدر حكم بحقّها. وتلفت إلى أنّ دولة الاحتلال تُمعن في انتهاك كلّ المواثيق والمعاهدات الدولية التي تنصّ على احترام حقوق الطفل، وترتكب بشكل يومي انتهاكات وأساليب تعذيب ومعاملة حاطّة للكرامة بحقّ أطفال فلسطين، سواء عند اعتقالهم أو في أثناء احتجازهم في داخل السجون. وتشدّد على أنّ هذا يشكّل وصمة عار بحقّ المؤسسات الدولية الإنسانية والحقوقية التي تعجز عن توفير الحماية لأطفال فلسطين المستهدفين.

المساهمون