الأسيرة المحررة وفاء جرار... تركها الاحتلال مبتورة الساقين

05 يونيو 2024
وفاء جرار مع زوجها الأسير عبد الجبار جرار (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وفاء جرار، الأسيرة الفلسطينية المحررة، تعرضت لإصابات خطيرة أدت إلى فقدان ساقيها بعد انفجار آلية عسكرية إسرائيلية. استطاعت فتح عينيها لأول مرة منذ الحادثة، لكنها تواجه صعوبة في التحدث بسبب التنفس الصناعي والغموض حول حالة عمودها الفقري.
- تعرضت لانتهاكات شديدة خلال اعتقالها شملت الاعتقال الهمجي والتخريب المنزلي، واستخدمت كدرع بشري مما أدى إلى إصابات بالغة. العائلة واجهت صعوبات في الحصول على المعلومات الطبية وتم بتر ساقيها دون موافقتهم.
- حالة وفاء مستقرة وفق الفريق الطبي، لكن العائلة تعاني من اعتقال الزوج وصعوبات متزايدة. وفاء، المعروفة بنشاطها المجتمعي، تتلقى دعمًا وتضامنًا من مجتمعها وعائلتها في هذه الأوقات الصعبة.

للمرة الأولى منذ إصابتها الخطرة وفقدانها لساقيها، تمكنت الأسيرة الفلسطينية المحررة وفاء جرار "أم حذيفة" (49 سنة) من مدينة جنين، من فتح عينيها لتشاهد أبناءها وأقاربها الذين يحيطون بها وسط نظرات ترقب وأمل.
لم تتلفظ جرار بكلمة واحدة لأنها تتنفس عبر أنبوب خارجي منذ إصابة رئتيها بالتهابات شديدة، في حين يكتنف الغموض حالة عمودها الفقري الذي تضرر أيضاً من جراء الانفجار الذي أصاب الآلية العسكرية الإسرائيلية التي كانت تقلها عقب اعتقالها من منزلها في جنين يوم 21 مايو/ أيار الماضي، والذي أدى إلى إصابتها في الأطراف السفلية، ودفع الأطباء الإسرائيليين إلى إخضاعها لعملية جراحية أسفرت عن بتر ساقيها من فوق الركبة.
وتعد أم حذيفة إحدى أبرز الناشطات مجتمعياً في جنين، وهي منسقة رابطة أهالي الشهداء والأسرى في المحافظة، ومرشّحة سابقة في الانتخابات التشريعية، وهي زوجة القيادي في حركة حماس، الأسير عبد الجبار جرار، والذي أمضى في سجون الاحتلال 16 عاماً، ويقضي حالياً حكماً إدارياً لمدة ستة أشهر منذ السابع من شباط /فبراير الماضي.
يقول شقيقها زهدي جرار لـ"العربي الجديد": "الانتهاكات التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق أم حذيفة لا تعد ولا تحصى، وتبدأ من اعتقالها بطريقة همجية، وتخريب المنزل، وسرقة مبالغ مالية ومصاغ ذهبي لعروس ابنها أمجد، وصولاً إلى استخدامها درعا بشريا خلال نقلها في إحدى الآليات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، قبل أن تنفجر فيها عبوة ناسفة، ما أدى لإصابة شقيقتي بجروح بالغة، ومن ثم إخضاعها لعدة عمليات جراحية وبتر قدميها، وفوق كل هذا تحويلها للاعتقال الإداري، ثم نقلها فجأة للعلاج في مستشفى فلسطيني بالضفة الغربية، وهو ما نعتبره محاولة اغتيال لها، والتخلص من مسؤولية متابعة ملفها".


ويلفت جرار إلى أن "الاحتلال يتعامل مع حالة شقيقتي بما هي ملف أمني، ويمنع الاطلاع عليه، حتى المحامون المفوضون لم يتمكنوا من الحصول على نسخة من التقرير الطبي، وهذا من أبسط حقوق المريض. نظراً لكونها غابت عن الوعي لعدة أيام، وكونها تحت تأثير التخدير، وأجهزة التنفس الاصطناعي، كان لا بد من تعيين وصي عليها، وهو نجلها أمجد، وسرنا بالإجراءات القانونية اللازمة، ووقعنا على كل الأوراق، لكن من دون جدوى حتى الآن، فالاحتلال رفض طلبات المحامين بإطلاع الوصي على حقيقة حالتها والإجراءات الطبية التي خضعت لها".
يضيف: "وافقت العائلة على خضوعها لعملية بتر جزئية تحت الركبة في ساقيها، ثم تبين أنّ عملية البتر تمت فوق الركبة من دون أخذ موافقة العائلة أو الوصي، أو حتى علم المحامين المفوضين. تقدم المحامون بطلب عاجل باسم العائلة إلى مدير مستشفى (العفولة) الإسرائيليّ، وإلى وزارة الصحة الإسرائيلية، للمطالبة باسترداد ساقيها المبتورتين من أجل دفنهما، وكذلك للحصول على الملف الطبي الخاص بها منذ لحظة نقلها إلى المستشفى حتى يوم الإفراج عنها، وتوضيح ما جرى في يوم عملية البتر".


ويوضح نجلها الأكبر حذيفة جرار أن "الاجراء المطبق في كل مستشفيات العالم أنه في حال قرر الأطباء التخلص من أي جزء من جسم المريض، فإن ذلك يتم وفق برتوكول طبي يستلزم موافقة الأهل، وإبلاغهم بمصير الطرف المبتور أو المستأصل، لكن الاحتلال يدعي أن إدارة المستشفى تخلصت من ساقي والدتي، وهذه مخالفة كبيرة، ومن حقنا أن نطالب باسترداد قدميها المبتورتين. تعاني والدتي أيضاً من إصابة في العمود الفقري، ولم يحدد بعد نسبة الضرر الناجم عنها، والجميع بانتظار استفاقتها الكاملة لعمل صورة رنين مغناطيسي، وتحديد حجم هذا الضرر".
وحول وضعها الحالي، يقول حذيفة: "وضعها خطير لكنه مستقر وفق الفريق الطبي المشرف على حالتها، وهي تعاني من التهابات شديدة في الرئتين، وتتنفس عبر أنبوب خارجي، وقد استفاقت لوقت قصير، وتمكنت من التعرف إلى أشقائي وبعض الأقارب".

وتتعاظم معاناة العائلة في ظل مواصلة الاحتلال اعتقال زوجها الأسير عبد الجبار جرار (58 سنة) منذ فبراير/ شباط الماضي. يقول حذيفة: "لا نعرف إن كان والدي قد علم بما جرى مع أمي أم لا، وأعتقد أنه سمع بالحادثة، لكنه لا يملك صورة جلية عن تبعات الحادث، ويحاول المحامون جاهدين ترتيب زيارة له". 
وتصف ابنتها زيتونة جرار، والدتها بأنها "كانت شعلة من النشاط، ولا تتأخر عن حضور أي فعالية لأهالي الأسرى، وتزورهم رغم أنها واحدة منهم، ولا تسمع منها إلا الكلام الذي يرفع المعنويات، وفي الأحداث الصعبة وارتقاء الشهداء تكون من أوائل المتواجدين قرب ذويهم لتواسيهم وتشد من أزرهم".

المساهمون