أمضى الشاب الفلسطيني هاشم أبو شعبان (28 عاماً) عدة سنوات وهو يبحث عن عمل حتى ولو بالشيء القليل، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل لينضم إلى صفوف العاطلين عن العمل الذين تتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم في قطاع غزة.
لم يترك الشاب أبو شعبان باباً للعمل أو لإنشاء مشروعٍ خاص به إلا وطرقه، وهو الذي يسعى دائماً لأن يوفر لقمة العيش لأطفاله الثلاثة وأسرته التي لا معيل لها بعد أن كبر والده في السن، عدا عن إخوانه العاطلين عن العمل.
ولم تسع السعادة قلب الشاب الفلسطيني عندما تلقى اتصالاً من مركز المشروع الخيري الشبابي يدعوه فيه للانضمام إلى مشروع جديد بعنوان "الأرض الطيبة". يقول هاشم إنّ المؤسسة سلمته أرضاً بمساحة نصف دونم لحراثتها وزراعتها خلال موسم الشتاء، وسيقوم ببيع المحصول الذي تنتجه الأرض، على أن يكون العائد كاملاً له.
وتقوم مبادرة الأرض الطيبة على التواصل مع أصحاب الأراضي المتروكة في قطاع غزة ليقوموا بالموافقة على استصلاحها لفترة زمنية محدودة من خلال مبادرة الأرض الطيبة لأحد الشباب العاطلين عن العمل، بهدف الاستفادة من خيراتها وتشغيل الشباب الفلسطينيين.
واستعان الشاب أبو شعبان باثنين من أشقائه العاطلين عن العمل لمساندته في حرث الأرض وزراعتها ومتابعتها، مبيناً أنّه يشعر بسعادة غامرة وكأنّه أصبح مالكاً لهذه الأرض.
وسيبدأ أبو شعبان وشقيقيه قريباً بزراعة محصول البطاطس في الأرض التي تسلمها، من أجل إصلاحها واستثمارها بشكل جيد.
وتزايدت نسب البطالة في قطاع غزة، أخيراً، بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث تجاوزت وفق تقديرات خبراء اقتصاديين أكثر من 50%.
ولا تزال المبادرة في بدايتها وهي التي تهتم بالبحث والتحري عن الأراضي المتروكة في محافظات قطاع غزة كافة، حيث يتوقع أن يصل عدد المستفيدين من المشروع خلال الفترة القريبة القادمة إلى مائة مستفيد.
وتعتمد المبادرة على أنّ يقدم الشاب المستفيد جهده البدني فقط في متابعة وزراعة الأرض، فيما تتكفل المبادرة الخيرية بتقديم كل ما يلزم له من أول يوم في تسلمه للأرض الزراعية حتى آخر يوم في قطف وتسويق المحصول.
وقال رئيس مركز المشروع الخيري المهندس زكي مدوخ، إنّ المبادرة لاقت اهتماماً واستحساناً كبيرَين من كثير من أصحاب الأراضي، و"استطعنا أن نحصل في الأسبوع الأول فقط لإطلاق المبادرة على أكثر من 15 قطعة أرض بمساحات مختلفة وفي مناطق متفرقة في قطاع غزة بهدف دعم الشباب العاطلين عن العمل والوقوف إلى جانبهم".
ويراقب القائمون على المبادرة خطوات الشباب في الأراضي التي يتسلمونها بحيث يبقى المشروع قائماً وعلى قيد الاهتمام والمتابعة، وفق مدوخ، الذي أشار في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ المبادرة ستعمل في المرحلة الأولى على تقديم كل ما يلزم من أسمدة ومواد زراعية مختلفة للشباب الذين سيتسلمون مشاريعهم من أجل دعمهم والوقوف إلى جانبهم.
وأضاف: "سنقدم لهم كل ما يلزم، وقد اعتمدنا في هذه المبادرة على أن تكون الزراعة بعلية والتي تُسقى بماء المطر فقط ولا تحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة، في المقابل تعود بإيرادٍ جيد على الشباب المستفيدين من هذه الأراضي".
وفي ذات السياق، أشار جهاد مصبح، أحد القائمين على المبادرة، في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ صاحب الأرض يتبرع بأرضه فترة أربعة شهور (فترة الزراعة البعلية)، ونقوم بدورنا من خلال أهل الخير بتوفير حراثة الأرض والبذور والسماد.
وأوضح أنّ أبرز إيجابية في هذا المشروع هي إعادة إحياء أراضٍ لم تتم زراعتها منذ عشر سنوات أو أكثر، "وبالتالي نحن نقوم فعلياً من خلال هذه المبادرة بإحياء الأرض والإنسان".
وخلال فترة عمله منذ أربع سنوات، أطلق مركز المشروع الخيري الشبابي (مؤسسة غير حكومية) عشرات المبادرات الخيرية والتي تعتمد على التشغيل وليس الإغاثة، حيث استفاد حتى اللحظة أكثر من 650 عاطلاً عن العمل ضمن مشاريع تشغيلية صغيرة.