الأردن يعاني من ظاهرة التغيّر المناخي

23 نوفمبر 2020
سيول شهدتها عمّان عام 2015 (صلاح ملكاوي/ الأناضول)
+ الخط -

تخشى السلطات الأردنية أن تشهد البلاد أمطاراً غزيرة وسيولاً وفيضانات هذا الشتاء، على غرار السنوات الأخيرة. وإن كانت قد اتخذت مجموعة من التدابير، إلا أن هذا لا يعني أن البنى التحتية جاهزة لتداعيات التغير المناخي

لن يكون الأردن بمنأى عن تداعيات التغيّر المناخي. ويُتوقّع أن تشهد البلاد أمطاراً غزيرة وفيضانات وسيول تسببت خلال السنوات الأخيرة بغرق محال تجارية، عدا عن فاجعة البحر الميت التي خلفت 21 ضحية و43 إصابة (وقع الحادث في 25 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018 في منطقة وادي زرقاء ماعين عند شواطئ البحر الميت من الجانب الأردني، إثر تعرض البلاد لمنخفض جوي أدى إلى أمطار غزيرة وفيضانات في الأودية)، وغيرها من الحوادث المشابهة في عدد من المدن والمحافظات.  

وعادة ما تعلن الحكومة عن اتخاذ إجراءات استعداداً لمواجهة الشتاء، علماً أن الحكومة غير مجهزة للتعامل مع تساقط الأمطار الغزيرة. لكن مع تغيّر العوامل المناخية، تصبح الحاجة للتعامل مع المستجدات ومنع وقوع خسائر بشرية ومادية أكثر إلحاحاً. 
في هذا السياق، تقول الناشطة البيئية صفاء الجيوسي، لـ "العربي الجديد"، إن الأبحاث والدراسات تفيد بأن الأردن سيعاني نتيجة للتغير المناخي، ليكون الصيف شديد الحرارة والشتاء قصيراً وماطراً. وتلفت إلى أن هذا لن يكون حال الأردن فقط، بل سيشمل دولاً عربية. الأخيرة ستشهد كذلك صيفاً حاراً سيجعل ممارسة الأنشطة المعتادة أكثر صعوبة، بالإضافة إلى شتاء ماطر، ما سيؤدي إلى حدوث سيول جارفة، علماً أن البنى التحتية في الأردن والدول العربية ليست مجهزة لسقوط أمطار غزيرة. 
توضح الجيوسي أن المدن العربية بنيت بشكل عشوائي ما يعني أنها غير قادرة على التعامل مع التغير المناخي، على غرار عمان والعاصمة المصرية القاهرة ومدن عربية أخرى. كما أن القضاء على المساحات الخضراء يزيد من حجم الأضرار نتيجة السيول. ويتوقع، بحسب الدراسات، أن يكون جنوب البلاد الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، باعتبار أن السدود موجودة بشكل أكبر في شمال ووسط البلاد، التي تعرضت خلال السنوات الماضية لأمطار غزيرة وفيضانات.
في الدول المتقدمة، حرص المسؤولون على التكيّف مع التغيّر المناخي من خلال بناء مراكز إنذار مبكرة لتحذير الناس مسبقاً من خطر السيول، ما يتيح لهم الانتقال إلى أماكن أخرى، بحسب الجيوسي. أما التحرك في الأردن ودول عربية أخرى، فيأتي كردة فعل.  
وحول تأثير الإغلاق التام في البلاد نتيجة لتفشي كورونا على البيئة، تقول إنه ما من تأثير فعلي لذلك على ظاهرة التغير المناخي؛ فما يعيشه العالم اليوم هو نتيجة للثورة الصناعية وحرق الوقود الأحفوري، ما يعني أن الحديث هو عن عقود من التلوث فاقت قدرة الأرض على التحمل. أما الإغلاق التام، فيساهم في الحد من تلوث الهواء، إلا انه آني وغير دائم. وتخشى، بعد السيطرة على الوباء، من أن تقدم الدول الصناعية على تسريع وتكثيف العمل لتعويض خسائر الفترة الماضية، وبالتالي زيادة نسبة التلوث. وتتمنى أن تنتقل الدول التي استطاعت التعامل مع تفشي جائحة كورونا إلى اقتصاد أخضر.
بدوره، يقول الناطق الإعلامي باسم أمانة عمان الكبرى ناصر الرحامنة، لـ "العربي الجديد"، إن المسؤولين يستعدون لفصل الشتاء على مدار العام من خلال الحفاظ على نظافة شبكات تصريف المياه وزيادتها. يضيف أن التغير المناخي يتسبب أحياناً في ارتفاع منسوب المياه، خصوصاً وأن بعض المناطق تشهد أمطاراً غزيرة، وبالتالي تعجز الشبكات عن تصريف المياه. ويوضح أن عدد سكان عمان ارتفع بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة ليصل إلى نحو 4.5 مليون شخص، ترافق مع زيادة مساحات المباني الإسمنتية والشوارع. كذلك، يعدّ وسط العاصمة مصب لمياه الأمطار من جبال عمان السبعة. 
ويشير إلى أن أمانة عمان الكبرى تعمل بشكل أساسي في المناطق التي شهدت مشاكل عدة خلال السنوات السابقة، وذلك من خلال زيادة قدرتها على استيعاب المياه، خصوصاً مناطق وسط العاصمة، لافتاً إلى أن التنسيق مستمر مع مختلف المؤسسات العامة والأهلية استعداداً لاستقبال الشتاء. 
ويرى أنّ هناك مسؤوليات مشتركة ما بين أمانة عمان والمواطن خلال فصل الشتاء بهدف ضمان تصريف مياه الأمطار. ويقول إن أمانة عمان الكبرى أنهت تنظيف شبكات تصريف مياه الأمطار ومجاري السيول والوديان، مؤكّداً أهمية إرشاد مواطني المنطقة للابتعاد عن المناطق المنخفضة، وعدم رمي النفايات بشكل عشوائي، ما يتسبّب بإغلاق مجاري تصريف مياه الأمطار. 
منذ سنوات، تشهد العاصمة عمان أمطاراً غزيرة، ما يؤدي إلى تجمع المياه على الأرصفة لتشكل بركاً صغيرة نتيجة انسداد شبكات تصريف المياه، ما يعرقل حركة المواطنين. وأعلنت وزارة الإدارة المحلية عن خطة طوارئ من ثلاث مراحل استعداداً لفصل الشتاء. تتضمن المرحلة الأولى تنظيف مجاري الأودية وشبكات الصرف الصحي، والتأكد من صلاحية الآليات العاملة في البلديات، وصيانة آليات شفط المياه، وتوفير احتياط كاف من المحروقات للآليات، ووضع لافتات تحذيرية في المناطق الأكثر خطورة، ونقل المواطنين القاطنين قرب الأودية ومجاري السيول إلى أماكن أكثر أماناً. أما المرحلة الثانية، فتشمل الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حال تساقط الثلوج، بالإضافة إلى حدوث عواصف وسيول، من خلال ضمان جهوزية الآليات العاملة في البلديات، وتوفير أخرى من خلال مجالس الخدمات المشتركة أو استئجارها، وتجهيز غرف العمليات في البلديات ومديريات الشؤون البلدية ومجالس الخدمات المشتركة، والتنسيق مع غرفة عمليات الوزارة، ووضع خطط الطوارئ الثلاث؛ القصوى والمتوسطة والخفيفة، وتوفير الدعم اللوجستي والخدمات الإدارية لتمكين الفرق المناوبة خلال الطوارئ. 

أما المرحلة الثالثة من الاستعدادات، فتعتمد على التنسيق التام مع الأجهزة والمؤسسات ذات العلاقة، مثل وزارة الأشغال وأمانة عمّان والحكام الإداريين والدفاع المدني والقوات المسلحة، خصوصاً في المناطق التي تتداخل فيها الصلاحيات، والتنسيق مع دائرة الأرصاد الجوية للحصول على التقارير والنشرات الجوية بشكل مستمر. 

المساهمون