الأردن: عطلة مدرسية طويلة تُربك الأهل

27 ديسمبر 2022
قبل بدء العطلة الشتوية (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

يبدأ طلاب المدارس الأردنية عطلة الشتاء (بين الفصلين) قبيل نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بمجرد انتهاء الامتحانات النهائية للفصل الدراسي الأول، وقد تصل إلى 40 يوماً، علماً أن الفترة الرسمية للعطلة هي 33 يوماً وتبدأ في الثاني من يناير/ كانون الثاني المقبل وحتى الرابع من فبراير/ شباط المقبل بحسب التقويم المدرسي، الأمر الذي يُربك الأهل. 
وكان هذا القرار مبرراً العام الماضي في ظل حرص وزارة التربية والتعليم على سلامة وصحة التلاميذ نظراً لظروف جائحة كورونا، وتلافياً لارتفاع أعداد الإصابات، إذ تزداد احتمالات العدوى خلال فصل الشتاء. لكن الظروف الصحية مختلفة اليوم بحسب الأهالي.  
وتقول إسراء الزعبي، وهي أم لأربعة أبناء في المراحل الأساسية، لـ "العربي الجديد"، إنّ عطلة الشتاء الطويلة نسبياً والتي تستمر حوالي 40 يوماً غير مبررة ولها سلبيات تربوياً. في الوقت نفسه، تتحدث عن إيجابيات، إذ إن بقاء التلاميذ في بيوتهم  يحميهم من برد الشتاء والأمراض التنفسية التي تنتشر في هذا الفصل، وخصوصاً أن مدارس كثيرة تفتقد أدوات التدفئة والبيئة الصحية، كما أن الأمر مريح للتلاميذ وأهلهم بسبب التوقيت الحالي، مشيرة إلى أن التلاميذ يذهبون إلى المدارس قبل شروق الشمس. 
تضيف الزعبي: "للأسف، الأبناء في العادة لا يستفيدون من هذه العطلة لتنمية مواهبهم، ويقضون معظم الوقت أمام شاشات التلفزة أو الألعاب الإلكترونية، ويتغير نمط حياتهم اليومي بالسهر حتى ساعات متأخرة من الليل، والاستيقاظ في ساعات متأخرة من النهار"، مشيرة إلى أنها تحاول في الكثير من الأحيان مراجعة الدروس مع أطفالها، وخصوصاً الأصغر سناً، علماً أن تجاوبهم يكون ضعيفاً.  
أما نائلة محمود، وهي موظفة وأم لثلاثة تلاميذ، فتقول لـ"العربي الجديد" إن العطلة طويلة نسبياً وتزيد عن 35 يوماً، علماً أن فترة أسبوعين تعد كافية، وهو ما يزيد من ارتباك الأهل. وتوضح أن هذه الفترة لا تتيح لها تسجيلهم في دورات أو ناد كما هو الحال في العطلة الصيفية، وليست قصيرة ليقضونها بهدوء في البيت. وتطالب وزارة التربية والتعليم بمراعاة ظروف الأهل، معتبرة أن مثل هذه العطلة تربك الأمهات العاملات. وتشير إلى أن التلاميذ لا يراجعون دروسهم في هذه العطلة ويقضون أوقاتهم في ألعاب غير مفيدة.  
من جهته، يقول محمد العبادي، وهو أب لابنين يدرسان في مدرسة خاصة، لـ "العربي الجديد"، إنّ "مثل هذه العطلة جيدة لراحة التلاميذ وإعادة تجديد نشاطهم"، لافتاً إلى أنها فرصة للذهاب في رحلة إلى مناطق مناسبة في فصل الشتاء، كالعقبة. يضيف أن "فصل الشتاء يتيح الجلسات العائلية، وخصوصاً أن العطلة تخلو من الواجبات المدرسية المرهقة. فالتلاميذ في أوقات الدراسة وبعد انتهاء يومهم تكون لديهم واجبات مدرسية، ما يحرمهم من الاستمتاع بوقتهم. لكن العطلة تمنحهم هذه الفرصة". 

الصورة
يلجأ بعض الأهل إلى إشراك أطفالهم في أنشطة رياضية خلال العطلة (Getty)

إلى ذلك، تقول الخبيرة التربوية هبة أبو حليمة لـ"العربي الجديد" إن "هذه العطلة بين الفصلين، والتي تتراوح مدتها ما بين 30 و40 يوماً، تبدأ مع نهاية امتحانات الفصل الأول التي تختلف من مدرسة إلى اخرى، وتمتد حتى الرابع من فبراير/شباط المقبل"، معتبرة أنها "إجازة طويلة نسبياً لها إيجابيات وسلبيات". وتوضح أنها فترة للاسترخاء بعد نهاية الفصل الأول، حتى يعود التلميذ بجد إلى الدراسة في الفصل الثاني، بعدما يكون قد قضى عطلة طويلة مع عائلته، سواء اقتصرت على التجمعات العائلية أو شملت رحلات.

تضيف: "خلال هذه الفترة، يمكن أن يحاول بعض التلاميذ تنمية مواهبهم في بعض المراكز الثقافية والرياضية، مثل رياضات الدفاع عن النفس لتفريغ الطاقة، كما يمكن الانضمام إلى مراكز تعطي مهارات تعليمية في المواد التي يشعر التلميذ أنه ضعيف فيها وتنمية المواهب، وحتى مساعدة الأمهات في أعمال المنزل". 
وتوضح أبو حليمة أن "العطلة تأتي في فصل الشتاء البارد، وهذا يعني أن التلاميذ بشكل عام سيستمتعون بالدفء مع عائلاتهم". تضيف: "بعض الأمهات العاملات يخترن إجازتهن مع إجازة الأبناء من أجل قضاء وقت أكبر معهم، علماً أن بعضهن يكن منهكات بسبب المسؤوليات ولا يستطعن الجلوس بشكل جيد مع أبنائهن أيام العمل".

وتتابع أنّ هذه الإجازة طويلة نسبياً من الناحية التربوية. فمثل هذه الفترة قد تجعل التلميذ يعاني من صعوبات كبيرة لدى العودة للانتظام بالدراسة، مشيرة إلى أن إجازة أسبوعين تعد كافية، وربما جيدة للحد من عدوى الأمراض التنفسية في هذه الفترة. 
وترى أبو حليمة أن الأكثر معاناة عند انتهاء عطلة الشتاء والعودة إلى المدارس سيكون تلاميذ الصفوف الأولى، مشيرة إلى أن العطلات الطويلة تغير نمط النوم ليصبح السهر أكثر والاستيقاظ متأخراً ووقت الوجبات الغذائية مختلفاً. وتنصح الأهل بوضع جدول للأبناء لاستغلال الإجازة بشكل تام حتى لا تذهب هباء منثوراً على الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وتحديد نظام معين، وإعطاء التلميذ مساحة لكن ضمن ضوابط معينة، على أن يكون تفريغ الطاقات بشكل محدد. 
وتقول: "من الممكن للتلاميذ مراجعة بعض ما درسوه سابقاً، بالإضافة إلى مراجعة خيارات التلاميذ وخصوصاً في الصف العاشر للاختيار بين التخصصات المهنية أو الأكاديمية"، مشيرة إلى أن المرشدين الاجتماعيين والنفسيين في المدارس على استعداد لمساعدة الأهالي حتى خلال العطل. 

المساهمون