طالب خبراء أردنيون الحكومة والأجهزة المعنية بالاهتمام برعاية وعلاج مدمني المخدّرات، خصوصاً النساء والأحداث، مع ارتفاع عدد متعاطيها، مشدّدين على أهمية معالجة مشكلة الاكتظاظ التي تعاني منها مراكز الإصلاح والتأهيل، أي السجون، في الأردن.
أضاف الخبراء، في جلسة حوارية عُقدت مساء أمس الثلاثاء، تحت عنوان "مراجعة استراتيجيات مراكز الإصلاح والتأهيل ودورها في الحدّ من الجريمة ومكافحة المخدّرات"، أنّ قانون مراكز الإصلاح والتأهيل لا ينصّ بصريح العبارة على علاج حالات إدمان النزلاء، لكنّه يُفهَم ضمناً من نصوص القانون أنّ الرعاية الصحية المتعلقة بالنزلاء، من ضمنها العلاج من الإدمان، تأتي في إطار دور مراكز الإصلاح والتأهيل.
ويشير الخبراء إلى أنّ إنشاء أوّل مركز علاج إدمان للذكور في مركز إصلاح وتأهيل بيرين في محافظة الزرقاء (شمال)، في العام الماضي، يأتي في هذا الإطار، علماً أنّ النساء والأحداث يفتقرون إلى هذه الخدمة.
وقال رئيس التحالف الوطني لتعزيز مكافحة المخدّرات في الأردن، التابع لمنتدى قطاع العدالة والمنبثق عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، اللواء المتقاعد طايل المجالي، إنّ "الوضع خطر، ونحن في حرب. الأردن يقع وسط إقليم ملتهب"، وقد غاب الأمن عن بعض الدول المجاورة، الأمر الذي يسهّل عمليات تهريب المخدّرات، ولفت إلى أنّ "ثمّة أبعاداً سياسية لتهريب المخدّرات، وكذلك أبعاداً اجتماعية تنعكس على الأسر الأردنية".
وشدّد المجالي على أهمية الرعاية اللاحقة لنزلاء مراكز الإصلاح الذين يُطلَق سراحهم، من المحكومين بجرائم مخدّرات، ليُصار إلى إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع وتعزيز الرعاية المقدّمة لهم.
من جهته، قال رئيس شعبة مكافحة المخدّرات في العاصمة عمّان غيث الصمادي إنّ حجم قضايا المخدّرات كبير، وثمّة جهود كبيرة تُبذل لملاحقة تجّار المخدّرات ومروّجيها، لكنّ ثمّة جانباً إنسانياً متعلقاً بالتعامل مع المتعاطين وأهاليهم، ولفت إلى تزايد أعداد النساء اللواتي يتعاطينَ المخدّرات في الأردن والتي ترصدها المديرية.
أضاف الصمادي أنّ ثمّة نساءً يراجعنَ إدارة المكافحة مع أزواجهنّ وأحياناً أبناهنّ معبّرات عن رغبتهنّ في العلاج، وقد فُتحت لهنّ ملفات خارجية، لكنّه بيّن أنّ لا مراكز في الأردن لعلاج المدمنات، ويجري التعامل مع هذه الحالات من قبل وزارة الصحة، لكنّ المطلوب حماية أكبر للنساء والأحداث.
وأوضح الصمادي أنّ كلّ من يتقدّم للعلاج من الإدمان من تلقاء نفسه يُعفى من العقوبة، وأنّه عند ضبط الأشخاص في جرائم مخدّرات يُعرَضون على أطباء لمعرفة حالاتهم الصحية الدقيقة وما إذا كانوا قد وصلوا إلى مرحلة الإدمان. وأحياناً يكون هدف توقيف المتعاطين للمرّة الأولى منعهم من الوصول إلى المادة المخدّرة وفطامهم.
في سياق متصل، قال مدير مركز تأهيل وإصلاح الجويدة العقيد محمود الغياث إنّ الاكتظاظ هو المشكلة الكبرى التي تواجه مراكز الإصلاح والتأهيل، لافتاً إلى وجود 21.725 نزيلاً في مراكز الإصلاح (17 مركزاً من بينها مركز واحد للنساء) بالأردن فيما طاقتها الاستيعابية 13.288 نزيلاً، بالتالي فإنّ نسبة الإشغال حالياً هي 163 في المائة من الطاقة الاستيعابية.
أضاف الغياث أنّ ثمّة أربعة آلاف نزيل تقريباً مسجونون بقضايا مخدّرات. وفي تجربة مركز إصلاح للمحكومين بقضايا مخدّرات في منطقة بيرين بمحافظة الزرقاء، ثمّة 250 نزيلاً تقريباً، علماً أنّ التجربة سوف تُقيَّم بعد فترة معيّنة.
ولفت الغياث إلى أنّ مراكز الإصلاح تحاول تعليم النزلاء مهناً مثل النجارة والحدادة بالإضافة إلى أعمال يدوية ومساعدتهم على استكمال الدراسة، لا سيّما للحصول على شهادة الثانوية العامة، وشرح أنّ الرعاية الصحية متوفّرة طوال الأسبوع عبر أطباء عامين واختصاصيين، علماً أنّ كلّ هذه المراكز تابعة لوزارة الصحة.
وعمّا يُخصَّص للنساء، أوضحت مديرة مركز تأهيل وإصلاح النساء ومديرة إدارة الشرطة النسائية السابقة الدكتورة هناء الأفغاني أنّ ثمّة مركز إصلاح واحداً مختصّ بالنساء في الأردن، وهو يضمّ الموقوفات إدارياً وقضائياً والمحكومات، بسعة 450 سريراً، ويوفّر كلّ الخدمات التي تحتاج إليها النساء. أضافت الأفغاني أنّ المركز يحاول تأهيل النساء حرفياً وتطوير قدراتهنّ الفنية وبيع منتجاتهنّ إلكترونياً، لكنّ الوصمة تلاحقهنّ للأسف بعد خروجهنّ، وتطالب مؤسسات المجتمع المدني بمتابعة ورعاية اللواتي أُطلقَ سراحهنّ.
وفي ختام الجلسة الحوارية، شدّ المشاركون على أهمية الرعاية اللاحقة للمفرّج عنهم من مراكز الإصلاح والتأهيل، خصوصاً في ظلّ الوصمة الاجتماعية، وإيجاد حلول لاكتظاظ تلك المراكز مع تعاون أكبر بين مؤسسات المجتمع المدني والجهات الرسمية، لا سيّما في ما يتعلّق بمرتكبي جرائم مخدّرات.