الأردن: إغلاق جديد للمدارس

25 يناير 2022
خسائر التعليم قد تنعكس على الأطفال لسنوات (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

عارض أهالي تلاميذ ومسؤولو مؤسسات ومنظمات تهتم بالتعليم في الأردن قرار مجلس الوزراء تأجيل بدء الفصل الدراسي الثاني في المدارس الحكومية والخاصة من صف الروضة حتى الحادي عشر فترة 3 أسابيع إضافية، وتحديد موعد عودة التلاميذ إلى مدارسهم في 20 فبراير/ شباط المقبل.
وبرر وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية فيصل الشبول القرار الذي استثنى طلاب الثانوية العامة (التوجيهي) وعددهم 134 ألفاً، وأولئك في المدارس التي تعتمد برامج تعليم دولية والذين يناهزون 12 ألفاً، بمحاولة الحفاظ على صحة التلاميذ والكوادر التعليمية، وكسر حدّة المنحنى الوبائي الذي يشهد تصاعداً. لكنه شدد على أنَّ خيار التعليم عن بُعد غير وارد، موضحاً أنه سيجري تمديد الدوام المدرسي إلى فترة مسائية مماثلة لفترة تأخير انطلاق الفصل الثاني، تمهيداً لإنهاء العام الدراسي في 6 يونيو/ حزيران المقبل.
واعتبر الشبول أن الخطوة تشكل فرصة لتطعيم أكبر عدد ممكن من التلاميذ في إطار حملة تبدأ الأسبوع المقبل مخصصة للفئات العمرية بين 12 و17 عاماً، وتهدف إلى تعزيز الوقاية من الفيروس عند العودة إلى التعليم. لكن الخطوة خالفت دعوات ممثلي منظمة الأمم المتحدة للقافة (يونسكو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي في الأردن لجعل المدارس آخر القطاعات التي تغلق، والأولى التي يعاد فتحها للحدّ من خسائر التعليم التي قد تنعكس على الأطفال لسنوات.
تقول كريمة أحمد، وهي أم لخمسة أطفال في مدارس حكومية، لـ"العربي الجديد": "يعاني أبنائي كثيراً في التعليم بعدما فقدوا مهارات القراءة والكتابة، في حين بت أنا نفسي عاجزة عن متابعة دراستهم. من هنا أطالب الحكومة بتسريع إعادة دوام المدارس قبل أن يخسر المجتمع جيلاً كاملاً، بسبب البعد عن التعليم".
من جهته، انتقد محمد العبادي في حديثه لـ"العربي الجديد" قرار الحكومة، واعتبر أن "كل القطاعات الحكومية والخاصة عادت الى العمل بكل طاقتها، في حين أرجئت الدراسة من أجل مواصلة تجهيل التلاميذ. وأبناء المسؤولين والتجار الكبار لا يعانون من تبعات القرار، فهم يلتحقون بمدارس الدولية فيما يدفع أبناء عامة المواطنين الثمن".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقول منسق حملة "ذبحتونا" الوطنية لحقوق الطلاب فاخر دعاس لـ"العربي الجديد": "ارتبط قرار الإغلاق بحال إرباك التلاميذ وذويهم من وضع الوباء. وبعدما أرجأت وزارة التربية والتعليم استئناف الدوام 20 يوماً، تراجعت بالقول إن الإجراء مجرد توصية، ثم حسمت التأجيل، من دون أن تقدم مبررات كافية، إذ تحدثت عن موجة رابعة من كورونا من دون أن تحدد مكامن الخطر، واكتفت بإعلان أن الأرقام التي تصدرها وزارة الصحة حول حال الوباء تكشف ارتفاع عدد الإصابات وليس أرقام دخول المستشفيات والوفيات والحالات التي تحتاج الى عناية مشددة. وخلال الفترات الماضية وصل عدد مرضى كورونا في المستشفيات إلى أكثر من 1300، وهو يناهز 600 حالياً.
ويدعو إلى الموازنة بين التعليم والصحة، كاشفاً أن "الفاقد التعليمي للتلاميذ كبير حالياً، حتى أن بعض طلاب الصف الثالث الأساسي لا يعرفون كتابة الحروف بعد سنتين من التعليم عن بعد، ما يجعل الفاقد التعليمي أمراً مرعباً". 
يضيف: "استثنت الحكومة تلاميذ الثانوية العامة من القرار، وأولئك في المدارس الدولية التي تضم أبناء كبار المسؤولين والفئات المتنفذة، ما يعني أن الحكومة تدافع عن مصالح أعضائها الجدد والقدامى بحجج واهية، مثل القول إن عدد تلاميذ المدارس الدولية قليل، علماً أن تلاميذ البادية والمناطق النائية عددهم قليل أيضاً، فلماذا لا يستثنون؟".

الفاقد التعليمي مرعب في الأردن  (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
الفاقد التعليمي مرعب في الأردن (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)

من جهتها، تطالب العضو المؤسس في حملة "نحو عودة آمنة لمدارسنا" الوطنية أسيل الجلاد، في حديث لـ"العربي الجديد"، الحكومة بالعودة عن قرارها، ووقف التخبط وعدم استضعاف فئة الأطفال، وجعل التعليم أولوية. تضيف: "يكفي الاستخفاف بقطاع التعليم، إذ لا يمكن فتح مختلف القطاعات باستثناء المدارس بحجة مواجهة الجائحة". 
وترى أن صحة الأطفال لا ترتبط فقط بوباء كورونا، داعية إلى إظهار بعد نظر والاهتمام بالصحة النفسية والعقلية للأطفال، ومراعاة الفجوة التعليمية والتربوية التي حدثت في العامين الماضيين.
وتطالب بـ "عدم حصر الاهتمام بالتعليم، فهناك قضايا تتعلق بالنمو والتربية يحتاج إليها الأطفال الذين يجب تجنيبهم البقاء مثل الأسرى في البيوت. والنشاط المدرسي جزء من عملية التعليم وكذلك العدالة. وكما جرى استثناء المدارس الدولية كان يفترض أن يشمل الإجراء التلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم، وذوي الإعاقات، وأولئك في مدارس المناطق النائية".

تضيف: "يجب أن تعلن الحكومة موعداً قريباً لعودة الطلاب إلى المدارس، وإلغاء نظام تقسيم الطلاب بين متابعي الدراسة الوجاهية وأولئك من بعد".
وتشدد على ضرورة منح أولوية أكبر لإعادة فتح المدارس والحفاظ على استمرارها، وتعميم مناهج في التعليم العلاجي في المدارس الحكومية، خاصة لأطفال الأسر ذات الدخل المنخفض، والمصابين بإعاقات، واللاجئين
وتطالب الجلاد بضرورة اعتبار التعليم المدرسي النوعي العادل "لكل الفئات العمرية أولوية قصوى على أجندة صانعي القرار والامتناع عن إغلاق المدارس بسهولة، كلما تغيّر حال الوباء، وأرى أن الحل الأمثل هو التعايش ضمن ضوابط صحية".

المساهمون