الأرجنتين تفقد مناضلة من "أمهات بلازا دي مايو"

21 نوفمبر 2022
هيبيه دي بونافيني في أحد تحرّكات "أمهات بلازا دي مايو" (رفاييل وولمان/ Getty)
+ الخط -

 

الأرجنتين في حالة حداد. فقد توفيت المناضلة هيبيه دي بونافيني التي قادت مجموعة من النساء الأرجنتينيات عُرفن باسم "مادرس دي بلازا دي مايو" (أمهات بلازا دي مايو)، في تحدٍّ للدكتاتورية العسكرية وللمطالبة بالحقيقة بشأن أبنائهنّ المفقودين، أمس الأحد، عن 93 عاماً، بحسب ما أعلنت نائبة الرئيس الأرجنتيني كريستينا كيرشنر.

قبل 45 عاماً، أسّست هيبيه ماريا باستور دي بونافيني مع مناضلات أخريات في الأرجنتين المجموعة التي جمعت أمهات احتججنَ أمام مقرّ الرئاسة لمعرفة مكان عشرات الآلاف ممّن اختطفوا في خلال النظام العسكري (1976-1983). ومنذ عام 1977، وفي ظلّ حكومات مختلفة، استمرّت هؤلاء النساء في الالتقاء والسير حول ساحة بلازا دي مايو، فيما يضعنَ على رؤوسهنّ مناديل بيضاء صارت رمزاً لهنّ. لكنّ بحثهنّ عن العدالة لم يكن مجدياً في كثير من الأحيان.

وأعلنت كيرشنر في تغريدة على موقع تويتر وفاة بونافيني مشيدة بها، وقد عدّتها "رمزاً عالمياً للنضال من أجل حقوق الإنسان، وفخر الأرجنتين"، أضافت في تغريدتها المقتضبة: "شكراً ببساطة".

من جهته، قال الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز إنّ بونافيني "مناضلة دؤوبة من أجل حقوق الإنسان"، معلناً الحداد الوطني لمدّة ثلاثة أيام، أضاف في بيان أنّ "الحكومة والشعب الأرجنتيني يعترفان بها كرمز عالمي للبحث عن الذاكرة والحقيقة والعدالة للمفقودين البالغ عددهم 30 ألفاً".

وكانت ابنتها أليخاندرا بونافيني قد أعلنت رسمياً وفاتها في أحد مستشفيات العاصمة بوينس آيرس، بعدما أُدخلت إليه قبل أيام، وأصدرت بياناً باسم عائلة الفقيدة، قالت فيه إنّ "هذه لحظات صعبة جداً من الحزن العميق، ونحن نتفهّم حبّ الناس لهيبيه. لكنّنا في الوقت الحالي، نحتاج إلى البكاء على انفراد". وقد تناقل ناشطون كثر البيان على مواقع التواصل الاجتماعي، وإن كانوا يفضّلون مشاركة أفراد عائلة هذه المناضلة الكبرى بكاءهم.

يُذكر أنّ نحو 30 ألف شخص اختُطفوا وافتُرض أنّهم قتلوا على يد النظام أو فرق الموت اليمينية في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، للاشتباه في كونهم يساريين. وتُضاف إلى ذلك مأساة الخطف واسعة النطاق التي طاولت أطفالاً مولودين لأهل يُشتبه في أنّهم معارضون في أثناء فترة حكم دكتاتورية اليمين. وبالفعل وُلد أطفال كثيرون من دون معرفة أقاربهم، وسُلّموا إلى عائلات عسكريين للتبنّي.

وقد وُلدت بونافيني، التي شاركت في مسيرات "أمهات بلازا دي مايو" في خلال السنوات الأخيرة على كرسيها المتحرّك، في عام 1928 في إنسينادا، وهي بلدة تبعد 60 كيلومتراً عن بوينس آيرس. وهي كانت ربّة منزل عندما استولى الجيش على السلطة في عام 1976 وأطاح إيزابيل بيرون، زوجة الرئيس الراحل خوان بيرون. وفي عام 1977، اختُطف أبناؤها وزوجة أحدهم. وأخيراً، قالت بونافيني في افتتاح معرض صور عن حياتها: "لقد نسيت من كنت يوم اختفوا. لم أفكّر في نفسي بعد ذلك".

لايف ستايل
التحديثات الحية

وبعد أشهر قليلة من الخطف، بدأت بونافيني ومجموعة صغيرة من النساء بالاحتجاج أمام القصر الرئاسي. وخاطرت الأمهات بمواجهة مصير أبنائهنّ الناشطين السياسيين نفسه، التعذيب أو الموت أو الاختفاء ببساطة من دون أثر، في حين سخر الجنرالات منهنّ ووصفوهنّ بـ"النساء المجنونات". وراحت النساء يقصدنَ ساحة بلازا دي مايو كلّ يوم خميس، وما زلنَ، حتى في خلال أزمة كورونا الوبائية، وقد اشتهرنَ في كلّ أنحاء العالم بنضالهنّ.

وفي وقت لاحق، أصبحت بونافيني شخصية أكثر إثارة للجدال، وصارت مؤيّدة متشدّدة لـ"الكيرشنرية" وداعمة قوية للرئيس السابق نيستور كيرشنر وزوجته كريستينا، نائبة الرئيس الحالي. وفي عام 2017، حُوكمت بتهمة اختلاس أموال مخصصة لبناء منازل للفقراء، في قضية قالت بونافيني إنّها مدفوعة باعتبارات سياسية من قبل الرئيس ماوريسيو ماكري حينها، وقد عدّته "عدوّاً". يُذكر أنّ القضية لم تحلّ.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون