تختلف ألوان الأدوية، سواء أكانت على شكل أقراص أو كبسولات أو حتى شراب، من دون أن يثير ذلك فضول مستهلكيها. وفي حين تكثر الأدوية ذات اللون الأبيض، فإنّ أعداداً كبيرة تأتي بألوان صارخة أو باهتة. وقد يتوقّف بعضنا عند ذلك ويسأل عن "السرّ" وراء الأدوية الملوّنة، وعن الأسباب التي قد تدفع الشركات الصيدلانية المنتجة إلى اختيار ألوان دون أخرى.
وقد تُطرَح في هذا الإطار أسئلة حول تأثير لون الدواء على فاعليته، وحول سبب اعتماد اللون الأحمر مثلاً أو الأصفر أو البرتقالي أو الأزرق أو الأخضر أو غيرها، وحول اعتماد شركات مصنّعة لونَين لأدوية معيّنة (خصوصاً الكبسولات)، وغير ذلك.
في تقرير نشرته صحيفة "ذا ميرور" البريطانية، أمس الإثنين، كانت محاولة للإضاءة على هذا الموضوع من خلال حديث خاص مع الصيدلاني عباس كناني الذي قال إنّه لا علاقة تُذكر ما بين الألوان والأدوية بحدّ ذاتها كعقاقير، لافتاً إلى أنّ الأمر في الواقع خيار ذكيّ للتسويق. وأوضح كناني أنّ المصنّعين هم الذين يحدّدون ألوان الأدوية، مؤكداً أنّ لا تأثير للون على فعالية دواء.
وأشار كناني إلى أنّ دراسة سابقة كانت قد بيّنت أنّ اللون الأحمر واللونَين الأصفر والبرتقالي ترتبط بـ"تأثير محفّز"، في حين يرتبط كلّ من اللونَين الأزرق والأخضر بـ"تأثير مهدّئ". وأضاف أنّه "بالنسبة إلى مرضى كثيرين، فإنّ ما يحملونه من معتقدات مسبقة قبل تناول أيّ دواء قد يؤثّر في أحيان كثيرة على النتيجة، لجهة فعالية الدواء وآثاره الجانبية. وهذا ما يُعرَف بتأثير الدواء الوهمي". وتابع كناني أنّ "تأثير الدواء الوهمي قوي جداً"، وبالتالي فإنّه لا بدّ من النظر بعناية إلى عوامل أخرى وليس فقط إلى لون الدواء.
اختيار الألوان
ولأنّ اختيار ألوان الأدوية يأتي خصوصاً في إطار عمليات التسويق التي تعتمدها الشركات المصنّعة، يُطرح السؤال حول كيفية اعتماد لون دون آخر لمنتج دوائي معيّن. وفي خمس نقاط، تشرح شركة "كابسول سي إن" العالمية الرائدة في مجال تصنيع الكبسولات الفارغة وآلات تعبئة الكبسولات، أسباب الألوان المختلفة لأقراص وكبسولات الدواء.
- ألوان الأقراص هي في الغالب الألوان الأساسية للمواد الفاعلة في الأدوية.
- تُعَدّ أشكال وألوان الأقراص والكبسولات علامات مهمّة للتمييز ما بين الأدوية المختلفة، لا سيّما إذا كان المريض يتناول أكثر من دواء.
- ثمّة ارتباط ضمني ما بين لون الدواء والنتائج المتوقّعة من هذا الدواء استناداً إلى لونه. وقد خلصت دراسات في هذا المجال إلى أنّ للأدوية التي تأتي بالأحمر والأصفر والبرتقالي تأثيراً مزعجاً بشدّة، في حين أنّ للونَين الأزرق والأخضر ميلاً أكبر إلى الهدوء.
- لا تلجأ الشركات المصنّعة للمنتجات الصيدلانية إلى ألوان محدّدة، بل تختار اللون الأكثر جذباً لزبائنها.
- تساعد الألوان المضافة إلى الكبسولات وطبقة السكر الخارجية بالنسبة إلى الأقراص في منع الأدوية من التلف، إذ هي تمنع الضوء من بلوغ المواد في داخل الكبسولات والأقراص.
اللون عامل مؤثّر
تفيد منصة "أوريك أليرت!" للبيانات الإخبارية التي تديرها الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم، بأنّ ثمّة دراسة حديثة بيّنت أنّ لون الدواء وشكله ومذاقه وحتى اسمه تؤثّر على كيفيّة شعور المرضى تجاه العلاج الذي يتناولونه.
وبهدف اكتشاف مدى تأثير لون الدواء على اختيار المستهلكين، راقب باحثون من جامعة مومباي الهندية 600 شخص يستخدمون أدوية لا تحتاج إلى وصفة طبية، فوجدوا أنّ ألوان الأدوية وأشكالها أثّرت بصورة كبيرة على ثلاثة أرباع هؤلاء. في السياق نفسه، استغرب هؤلاء الباحثون كيف أنّ 14 في المائة من الأشخاص المشمولين في دراستهم يعتقدون بأنّ لأقراص الدواء ذات اللون الوردي مذاقاً لذيذاً حلواً أكثر من الأقراص حمراء اللون، وبأنّ للأقراص ذات اللون الأصفر مذاقاً لاذعاً بغضّ النظر عن مكوّناتها الفعلية.
كذلك يعتقد 11 في المائة من هؤلاء الأشخاص المشمولين بالدراسة بأنّ لأقراص الدواء ذات اللون الأبيض أو اللون الأزرق مذاقاً مرّاً، و10 في المائة يرون أنّ للأقراص ذات اللون البرتقالي مذاقاً حامضاً.
في سياق الدراسة نفسها، وجد الباحثون في جامعة مومباي أنّ الأشخاص البالغين في منتصف العمر يميلون إلى أقراص الدواء ذات اللون الأحمر أكثر بمرّتَين من البالغين الأصغر سنّاً. والنساء اللواتي اخترنَ الأقراص ذات اللون الأحمر تفوّقنَ عددياً على الرجال من ذوي الخيار نفسه. وبالتالي، اكتشف الباحثون أنّ اللون عامل مؤثّر في اختيار الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية.