اعتقال الأقارب... أسلوب إسرائيلي لإجبار الفلسطينيين على تسليم أنفسهم

27 أكتوبر 2023
انتهاكات جنود الاحتلال الإسرائيلي لا تتوقف (جعفر اشتية/ فرانس برس)
+ الخط -

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في السابع من الشهر الجاري، تواصل قوات الاحتلال حملات اعتقال واسعة يومياً في الضفة الغربية، طاولت أكثر من 1530 فلسطينياً، لكن اللافت هو اعتقال أقاربهم من أجل الضغط عليهم، في حال لم يتمكن من اعتقال من يستهدفهم، وهو أسلوب "دنيء"، كما تؤكد العائلات والمؤسسات التي تُعنى بشؤون الأسرى.

اعتقال الأمهات

"إذا لم يُسلّم ابنك عبد اللطيف نفسه لنا حتى الساعة العاشرة صباحاً، سنعتقلك أنت"، هذا التهديد وجّهه، فجر اليوم الجمعة، الضابط الإسرائيلي للحاجة عبلة عيسى أقرع (73 عاماً) في بلدة قبلان جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، عندما اقتحم منزلهم لاعتقال نجلها عبد اللطيف، لكنه لم يكن موجوداً في البيت.

يقول شقيقه عبد الرحمن لـ"العربي الجديد": "إن جنود الاحتلال الإسرائيلي داهموا منزلنا قبيل فجر الجمعة، وعاثوا فيه فساداً وكسروا محتوياته، وكانوا في قمة العنف والفظاظة، ودققوا في هويات من كان فيه، وسألوا عن أخي عبد اللطيف، فأخبرتهم أمي أنه غير موجود، فجُنّ جنون الضابط الذي هددها بأنه سيعود ليعتقلها إذا لم يسلم أخي نفسه، وأمهلها حتى العاشرة من صباح اليوم".

يشير عبد الرحمن إلى أن الاحتلال سبق أن اعتقله وشقيقه في أول أيام العدوان على قطاع غزة، وأفرج عنهما لاحقاً، وهما منذ ذلك الوقت يمارسان حياتهما بشكل طبيعي، متسائلاً، "ما الذي استجد حتى يعيد الاحتلال اعتقاله، بل ويهدد باعتقال أمنا المسنة!".

يرى أن الاحتلال يتخبط بشكل غير مسبوق، وقد تجاوز كل الأعراف باعتقاله الفعلي لكبار السن من الرجال والنساء للضغط على أبنائهم ليسلموا أنفسهم، لافتاً إلى أن شقيقه بالفعل توجه إلى حاجز عسكري للاحتلال وسلّم نفسه حتى لا يلحق أي أذى بأمه المسنة.

اعتقال الزوجات

أمس الخميس، تكرر المشهد في بلدة صانور جنوب جنين شمال الضفة الغربية، إذ أقدم الاحتلال فعلياً على اعتقال السيدة منى شهير ولد علي ووالدها، للضغط على زوجها القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الأسير المحرر بلال ذياب لتسليم نفسه.

تقول مصادر من العائلة لـ"العربي الجديد": "إن قوات الاحتلال اقتحمت عدة مرات منزل ذياب في بلدة كفر راعي جنوب جنين لاعتقاله ولم تفلح في ذلك، وفي إحدى المرات اعتقلت اثنين من إخوانه، وأمس الخميس، أقدم الاحتلال على مداهمة منزل أنسبائه في صانور واعتقل زوجته التي كانت تقيم في منزل عائلتها، ولم يكتف بذلك فاعتقل معها والدها المسن".

وتصف العائلة ما أقدم عليه الاحتلال بالخطوة الدنيئة التي تؤكد أنه لم يعد هناك خطوط حمراء تمنعه من القيام بأي فعل، وتقول المصادر ذاتها: "ما نتعرض له على يد الاحتلال لا يقارن أبدا بجرائمه في قطاع غزة، فمن يقتل الرضع والأطفال والنساء ويقصف البنايات السكنية المأهولة لن يتردد باعتقال النساء والأطفال حتى لإجبار ذويهم على تسليم أنفسهم".

حملات انتقامية

ما يجري من حملات اعتقال بالضفة الغربية، يؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدورة فارس في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه يأتي في سياق عمليات انتقامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهو ما يظهر جلياً فيما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، مستغلاً انشغال العالم والإعلام بجرائمه الفظيعة في قطاع غزة.

ينوه فارس إلى أن اعتقال الاحتلال لذوي المطلوب للضغط عليه ليسلم نفسه ليس أسلوباً جديداً، فقد اتبعه الاحتلال كثيراً، لكن ليس بهذا الشكل المكثف كما يفعله اليوم، مؤكدًا أن الاحتلال يتبع أسلوب دنيئاً، وكأنه يريد أن يمسك الشخص الذي ينوي اعتقاله من يده التي تؤلمه، فيعتقل أحب الناس إلى قلبه، وهما الوالدان أو الزوجة والأبناء.

ويلفت فارس إلى أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية تتابع هذه الاعتداءات وتعمل على توثيقها وتراسل المؤسسات الحقوقية الدولية بهذا الشأن، لكن الاحتلال الإسرائيلي لا يلقي بالاً لكل القوانين واللوائح التي ترفض مثل هذه الأساليب غير الإنسانية.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في السابع من الشهر الجاري، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملات اعتقال واسعة يومياً في الضفة الغربية المحتلة، طاولت حتى اللحظة وفق بيانات نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية أكثر من 1530 فلسطينياً، غالبيتهم العظمى من المحسوبين على حركة حماس.

ومن المعتقلين قيادات سياسية ووزراء ونواب سابقين في المجلس التشريعي الفلسطيني، ومحاضرين جامعيين ورؤساء وأعضاء هيئات محلية، إضافة إلى أكثر من عشرة نساء، وسبعة صحافيين، وغالباً ما يتزامن مع عمليات الاعتقال الاعتداء الجسدي بحق المعتقل وذويه، إضافة إلى تدمير المحتويات.

المساهمون