يعاني نهر العاصي في وسط سورية من التلوث المستمر منذ سنوات نتيجة مخلفات نفايات المصانع ومياه الصرف الصحي، خاصة التي تصبّ في بحيرة قطينة، جنوب غرب حمص، ما يدق ناقوس الخطر من انتشار الأمراض ومنها الكوليرا الذي تفشى في 5 محافظات سورية إلى الآن.
ولا تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة في حكومة النظام إلى ارتفاع معدل الوفيات والإصابات الناجمة عن الكوليرا، فحتى 17 من الشهر الجاري أعلنت عن تسجيل 201 إصابة و14 وفاة، ضمنها واحدة فقط في حمص. غير أن منظمة الصحة العالمية أعلنت أمس عن إرسال مساعدات طبية إلى سورية لاحتواء تفشي الكوليرا، الذي اعتبرت أنه يشكل تهديدا لها وللمنطقة والدول المجاورة والعالم بأسره".
Today, @WHO received a shipment of cholera kits,oral rehydration solutions,& rapid diagnostic tests from its logistics hub in Dubai to support the cholera outbreak response in Syria.These supplies are enough to treat 2000 severe cholera cases and almost 190000 mild diarrhea cases pic.twitter.com/RUANsNKCE1
— WHO Syria (@WHOSyria) September 19, 2022
والكوليرا عدوى حادة تسبب الإسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة ولا تزال تشكل تهديداً عالمياً للصحة العامة ومؤشراً إلى انعدام المساواة وانعدام التنمية الاجتماعية، وفقا لمنظمة الصحة.
ويشكك سوريون في الإحصاءات التي ينشرها النظام ويعتبرون الأرقام غير مطابقة للواقع وما تشهده المراكز الصحية من إقبال للمصابين وحالات تسمم سابقة نتيجة التلوث في مياه نهر العاصي.
وقال سامر الشامي المقيم في حمص، لـ"العربي الجديد"، إنّ تلوث نهر العاصي وخاصة من جهة بحيرة قطينة وما يليها، ليس جديدا، بل هو واقع قائم منذ سنوات، مضيفا أن التلوث ازداد خلال الأشهر الأخيرة والسكان يعانون من الرائحة الكريهة في الكثير من المناطق خاصة في الغوطة.
ويعتمد المزارعون في مساحات واسعة على الري من مياه السواقي والجداول القادمة من بحيرة قطينة ومعظم الخضر المنتجة في المنطقة سقيت من مياه نهر العاصي، وذلك يثير تخوفا لدى السكان عموما من أن تكون لتلوث النهر علاقة بانتشار الكوليرا.ويرتبط انتقال الكوليرا ارتباطاً وثيقاً بقصور سبل إتاحة المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي.
وأكد مدير الموارد المائية التابع للنظام في حمص إسماعيل إسماعيل ارتفاع نسبة التلوث في مياه نهر العاصي، ووجود دعوات قضائية مرفوعة بحق المعامل والمصانع التي تسبب التلوث.
وأضاف، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية: "تقوم المديرية بإجراء تحاليل دورية (شهرية) لمياه نهر العاصي وعند اكتشاف ارتفاع مواد محددة كالأمونيا والفوسفات تتم مخاطبة الجهات المعنية (المنشآت المسببة كمعمل السماد ومصفاة حمص والبلديات) وتم في وقت سابق تنظيم ضبوط مائية وإحالتها للقضاء المختص، وهناك دعاوى قضائية بهذا الخصوص".وقال إن "ارتفاع مستويات التلوث في النهر ينتج عن الصرف الصحي والصناعي، وفي هذا الصدد تتم مخاطبة المنشأة أو الجهة المسببة لهذا الارتفاع لتقوم بتلافي الخلل الحاصل فوراً".
وكان مسؤولون في النظام قد زعموا سابقا أن هناك انتهاكات بمجرى النهر من قبل الجانب اللبناني سببت ضعفا في تدفق المياه بمجرى النهر في سورية، وذلك أدى إلى ارتفاع نسبة التلوث. إضافة إلى أن القرى المحيطة بالنهر على طول مجراه تصب الصرف الصحي في النهر.وتؤكد المهندسة الزراعية ريم من حمص، وفضّلت عدم كشف اسمها كاملاً لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، أن المصدر الرئيسي للتلوث هو المنشآت الصناعية التابعة للنظام وأهمها معمل الأسمدة في منطقة قطينة وتليه مصفاة حمص ثم مياه الصرف الصحي، وأشارت إلى أن هذه المعامل قديمة ولا تملك آليات حديثة تمكنها من تكرير المياه وتخليصها من المواد الملوثة قبل إلقائها في النهر.
وبينت أن التلوث في حمص له تأثير على الثروة السمكية وعلى الأراضي الزراعية، ورغم كل الدعاوى القانونية المفتوحة والاحتجاجات من السكان منذ عشرات السنين إلا أن الوضع على حاله. يذكر أن مديرية الزراعة التابعة للنظام تمنع الري في بعض المناطق من مياه النهر، إلا أن الفلاحين لا يلتزمون بذلك، وهذا أيضا يضع المواطنين تحت خطر الأمراض والأوبئة خاصة عند تناول الخضر الورقية غير المطبوخة مثل البقدونس والخس.