تزايدت الاتهامات الموجهة للأجهزة الأمنية الجزائرية، بتعمد القيام بانتهاكات ضد عدد من نشطاء الحراك الشعبي المعتقلين، بعد كشف عدد منهم عن التعرض للتحرش الجنسي، ومحاولات الاغتصاب، وأشكال من التعنيف والتعذيب داخل مراكز الشرطة، بالتزامن مع مطالبات حقوقية بفتح تحقيقات جدية، وملاحقة الأمنيين المتورطين في هذه التجاوزات.
وكشف الناشط المعتقل أيوب شحاتو (21 سنة)، خلال محاكمته، أمس الأحد، عن تعرّضه للاغتصاب داخل مركز الشرطة المركزي في مدينة البيض (غرب)، وفق بيان للجنة الوطنية للدفاع عن معتقلي الرأي، وهي ذات الأقوال التي كان أدلى بها والده الأسبوع الماضي.
وتزامن ذلك مع تفجّر قضية عنف جنسي تعرّض لها الفتى سعيد شطوان (15 سنة)، عقب توقيفه، السبت الماضي، خلال مظاهرة للحراك الشعبي في العاصمة الجزائر، وسرد الشاب تفاصيل الاعتداء عليه، ما اضطر السلطات إلى فتح تحقيق في "الادعاءات الواردة في فيديو حول تعرّض قاصر لسوء المعاملة في أحد مقرات شرطة العاصمة. وقامت مصالح أمن ولاية الجزائر، بإعلام وكيل الجمهورية الذي أمر بفتح تحقيق للوقوف على صحة الادعاءات التي يتضمنها الفيديو، كما تم استدعاء القاصر، وولي أمره".
لكن هيئات حقوقية محلية، بينها الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، استغربت منح السلطات القضائية التحقيق في القضية لنفس الجهة المتهمة بارتكاب التجاوزات، واعتبرت أن ذلك يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، وأن التحقيق سيكون متحيزا. كما طالبت بالكشف عن نتائج التحقيق في قضية محاولة اغتصاب الناشط وليد نقيش في مقر تابع لجهاز المخابرات، وجددت دعمها لضحايا "ممارسة منهجية لنظام في مأزق تصنف على أنها جرائم ضد الإنسانية".
ودعا مكتب منظمة العفو الدولية في الجزائر، إلى إجراء تحقيق محايد ومستقل في مزاعم العنف الجنسي ضد القاصر سعيد شطوان، في مركز للشرطة في العاصمة، في 3 إبريل/نيسان، بعد اعتقاله عقب احتجاج سلمي، وشددت على أنه "يجب إعلان نتائج التحقيق في أسرع وقت ممكن، وتقديم المسؤولين إلى العدالة، وفقا لمصادقة الجزائر على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".
في السياق ذاته، دان مكتب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في ولاية تيارت (غرب)، اعتقال مواطنين واحتجازهم أثناء ممارستهم حقهم في التظاهر السلمي في إطار الحراك الشعبي، مؤكدا أنه "تم رصد عدة تجاوزات متفاوتة الخطورة، بين اعتداءات لفظية وجسدية، أثناء فترة الاحتجاز ، وسجلت حالة اعتداء بالضرب، وحالة اعتداء بفعل مخلّ بالحياء لشخص آخر أثناء تعرّضه للتفتيش"، مطالبا السلطات بفتح تحقيق، وإحالة المتجاوزين إلى القضاء لمحاسبتهم.
وينظر القضاء الجزائري قضية اعتداء عنيف من قبل الأجهزة الأمنية ضد الناشط كمال العرباوي، في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بعد أن حصل على إثباتات طبية تفيد بتعرّضه لحالة عجز عن العمل لمدة 30 يومًا، عقب تعرّضه للتعذيب داخل المركز الأمني.
ووجهت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، قبل أسبوعين، انتقادات حادة للسلطات الجزائرية، بشأن القمع والتضييق والملاحقات التي يتعرض لها الناشطون في الحراك الشعبي، وطالبت السلطات بإنهاء هذه السياسات.