ائتلاف حقوقي يقترح قانوناً لتحقيق المناصفة والمساواة بين الجنسين في المغرب

20 ديسمبر 2022
دعوات لحماية المرأة المغربية من التحرش الجنسي والعنف بكل أشكاله في أماكن العمل (Getty)
+ الخط -

طالب ائتلاف حقوقي يضم جمعيات مدافعة عن حقوق النساء السلطات المغربية باتخاذ التدابير التي من شأنها ضمان المساواة والمناصفة بين الجنسين في علاقات الشغل والحياة المهنية، ومكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وحمايتها من التحرش الجنسي والعنف بكل أشكاله في أماكن العمل.
وجاء ذلك في مسودة قانون إطار حول المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء رفعه، الأسبوع الماضي، ائتلاف "المناصفة دابا (الآن)" (يضم جمعيات الدفاع عن حقوق النساء وحقوق الإنسان وقيادات حزبية نقابية) إلى رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، في سياق ترافعها عن حقوق المرأة ودفع سلطات البلد نحو تفعيل مبدأ المناصفة الذي ورد في دستور 2011، ولا سيما في ظل ما تعتبره بطئاً في إقرار المساواة الفعلية بين المرأة والرجل.


واعتبر ائتلاف "المناصفة دابا"، في مسودة القانون الإطار، أن المساواة بين الجنسين هي "الاعتراف الحقيقي بالمرأة كمواطنة كاملة الحقوق كما هو الحال بالنسبة للرجل، والاعتراف بها أيضاً كفرد يتمتع بحرية الاختيار والتفكير والتصرف".
ودعا الائتلاف الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية إلى العمل على وضع سياسات وبرامج واتخاذ إجراءات تهدف إلى تحقيق المناصفة الدستورية في أبعادها الشاملة. كما دعا الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني إلى العمل على تحقيق المناصفة في أجهزتها المختلفة، وتأمين الولوج العادل للمرأة إلى المناصب والمسؤوليات الانتدابية والانتخابية التي تتولى الترشيح فيها.

من جهة أخرى، بدا لافتاً رفض الائتلاف ما اعتبره استمراراً في تقييد مقتضيات عدد من المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، بداعي تعارضها مع التشريعات الوطنية، معتبراً أن "الخصوصية التي تتجسد في التقاليد الوطنية والثقافية لا تعني الانعزال ورفض القيم الإنسانية الكونية التي تؤسس لوجود المجتمع، وتؤمن بالمشترك بين مكوناته".
 

ينص الفصل الـ19 من دستور 2011 على أن الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية

وطالب ائتلاف "المناصفة دابا"، في مسودة القانون الإطار، بأن تشمل المساواة والمناصفة بين الرجال والنساء في علاقات الشغل المساواة الأجرية في حالة تساوي قيمة الشغل، والعمل على إنهاء كل مظاهر التمييز بين الرجال والنساء في مدونة الشغل، لا سيما في ظل وجود فجوة كبيرة بين أجور النساء والرجال في المغرب، إذ تقل الأجور التي تحصل عليها النساء بما يناهز 17 في المائة عن الأجور التي يحصل عليها الرجال، وفق دراسة سابقة لمديرية الدراسات والتوقعات بوزارة الاقتصاد والمالية.

وترى الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير، في حديث مع "العربي الجديد" اليوم الثلاثاء، أن مسار الحراك النسائي بالمغرب قد قطع أشواطاً مهمة من أجل ترسيخ وضمان حقوق المرأة مروراً برهان المناصفة، معتبرة أنه: "آن الأوان اليوم للانخراط الفعلي لمكونات المجتمع لتكريس نجاح الورش الإصلاحي الذي يؤسس للبناء الديمقراطي والتنموي بالمغرب".
وتوضح لموير أن تقديم مسودة قانون إطار حول المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء إلى رئيس الحكومة "خطوة مهمة لأننا اليوم في مرحلة الترسيخ الفعلي للمناصفة. بالإضافة إلى أن دعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس كانت واضحة بتفعيل المؤسسات الدستورية التي تعنى بحقوق الأسرة والمرأة وتحسين الآليات والتشريعات الوطنية للنهوض بوضعيتها (مجلس المناصفة ومجلس الأسرة)".

وتضيف: "نجاح مطلب المناصفة من قبل الائتلاف لن يتحقق إلا من خلال تفعيل الفصل 19 من الدستور المغربي، الذي يكرس هذا الحق. بالإضافة إلى أن إنجاح هذا الورش لن يتم بمعزل عن الآلية القانونية التي تعتبر الضامن الرئيسي لنجاح مطالب الائتلاف".
وينص الفصل الـ19 من دستور 2011 على أن الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
غير أنه وبعد مضي ما يقارب 11 سنة على إقرار المناصفة، وبرغم كل الزخم الذي حققته تمثيلية المرأة في مؤسسات وهيئات التداول واتخاذ القرار، إلا أن تطبيق هذا المبدأ ما زالت تعترضه مجموعة من الإكراهات والتحديات.
وفي ظل هذا الوضع، عمل ائتلاف "المناصفة دابا" على التحرك على العديد من الجبهات من أبرزها المؤسسة التشريعية، حيث نجح في يونيو/ حزيران 2021 في دفع مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) لقبول عريضة "تفعيل المناصفة الدستورية الفعلية في أفق 2030"، التي تهدف إلى تعزيز حضور المرأة على الساحة الوطنية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وفق الفصل 19 من الدستور، وكذا تسريع عملية بناء المغرب الديمقراطي، إضافة إلى وضع قانون إطار يحدد قواعد المساواة والمناصفة بين الرجال والنساء، وتقوية وظيفة البرلمان في مراقبة التطبيق الفوري للنصوص القانونية المتعلقة بتمثيلية النساء في جميع المجالات.

المساهمون