إنقاذ 232 مهاجراً وانتشال جثّتَين من قارب غارق قبالة سواحل لبنان

31 ديسمبر 2022
قارب المهاجرين وهو يغرق قبالة سواحل شمالي لبنان ويبدو أحد مراكب الإنقاذ (تويتر)
+ الخط -

أفاد الجيش اللبناني في تغريدة نشرها على موقع "تويتر"، مساء اليوم السبت، بأنّ القوات البحرية التابعة له أنهت عملية إنقاذ 232 شخصاً غرق قاربهم قبالة شاطئ بلدة سلعاتا في الشمال اللبناني، فيما انتشلت جثّتَين أخريين من البحر.

وكان مهاجرون من جنسيات مختلفة قد استقلّوا "قارب موت" انطلاقاً من سواحل لبنان الشمالية في رحلة هجرة غير نظامية، عبر البحر الأبيض المتوسط.

من جهتها، كانت قناة "تلفزيون لبنان" الرسمية قد نشرت خبراً عاجلاً في تغريدة على موقع "تويتر"، يفيد بأنّ القارب كان يقلّ مهاجرين لبنانيين وسوريين وفلسطينيين، بحسب المعلومات الأولية.

وبهد انتهاء العملية، أشاد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بجهود الجيش اللبناني في خلال عملية إنقاذ ركاب القارب ونقلهم إلى طرابلس، بحسب ما جاء في بيان نُشر على حساب رئاسة مجلس الوزراء على موقع تويتر. كذلك شكر ميقاتي قوات "يونيفيل" التي ساهمت في عملية إنقاذ هؤلاء المهاجرين. وفي الإطار نفسه، عبّر ميقاتي عن "أسفه الشديد لسقوط ضحيّتَين في الحادثة"، وقدّم التعازي لذويهما.

وفي وقت سابق من اليوم السبت، كان الجيش اللبناني قد أعلن أنّ القارب كان يقلّ أشخاصاً "كانوا يحاولون مغادرة المياه الإقليمية اللبنانية بطريقة غير قانونية".

أضاف في تغريدة أخرى أنّ ثلاثة مراكب للبحرية يرافقها رابع، تابع لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وصلت إلى موقع غرق القارب، لإنقاذ نحو 200 شخص. ولم يقدّم الجيش حينها مزيداً من التفاصيل.

أمّا وزير الأشغال والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميّة، فقد غرّد بأنّ القارب تعطّل قبل خروجه من المياه الإقليمية اللبنانية، ناشراً صورة التُقطت للقارب وهو يغرق وقد اكتظّ بالركاب.

وفي هذا الإطار، أفادت تقارير واردة من مدينة طرابلس، عاصمة الشمال اللبناني، والتي تُعَدّ ثاني أكبر المدن اللبنانية وأكثرها فقراً، بأنّ رجالاً ونساءً وأطفالاً لبنانيين وسوريين وفلسطينيين كانوا على متن الزورق الذي غادر شمال لبنان ليلة أمس الجمعة.

وكان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي قد قال، في تصريح أخير له، إنّ محاولات الهجرة البحرية المحفوفة بالمخاطر من لبنان في خلال العام الماضي زادت بنسبة 73 في المائة.

وشهد لبنان في عام 2022 تزايداً في أعداد المهاجرين غير النظاميين، خصوصاً من الشمال، علماً أنّ هؤلاء من جنسيات مختلفة، لا سيّما الفلسطينية والسورية إلى جانب اللبنانية. ويأتي ذلك في ظلّ الانهيار المالي المستمرّ منذ عام 2019، والذي جرف معه كلّ شرائح المجتمع، خصوصاً الفئات الأكثر ضعفاً وفقراً التي باتت عاجزة عن توفير أبسط مقوّمات العيش، وسط غياب تام للدولة اللبنانية التي تواصل اعتماد سياسات تزيد من معاناة المواطنين وتضرب قدرتهم الشرائية من دون أن تؤمّن لهم الخدمات الأساسية.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وفي سياق متصل، بيّنت "الدولية للمعلومات" (شركة دراسات وأبحاث علمية مستقلة) في تقرير نشرته في أكتوبر/ تشرين الأول 2022 أنّ "لبنان عرف منذ قرون مضت موجات هجرة غير شرعية من أبنائه إلى مختلف أنحاء العالم، ولا سيّما منهم أصحاب العلم والكفاءة أو الفقراء الساعين لحياة أفضل. أمّا في السنوات المنصرمة، فازدادت عمليات الهجرة غير الشرعية التي يقبل على المجازفة فيها لبنانيون وغير لبنانيين من المقيمين على الأراضي اللبنانية، هرباً من حياة تحوّلت إلى جحيم تساوى فيها خيارا الموت، غرقاً في البحر أو جوعاً وقهراً في لبنان".

وأوضحت "الدولية للمعلومات" أنّه "منذ سبتمبر/ أيلول من عام 2013 وحتى أيلول/ سبتمبر من عام 2022، بلغ عدد الضحايا الذين غرقوا في البحر أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية 248 ضحية، يُضاف إليهم مئات هاجروا وانقطعت أخبارهم، فلم يُعرَف إذا كانوا قد وصلوا إلى وجهتهم أو أنّ البحر قد ابتلعهم".

تجدر الإشارة إلى أنّه في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، لقي 102 مهاجراً مصرعهم قبالة سواحل مدينة طرطوس في شمال سورية، بعد غرق "قارب الموت" الذي استقلّوه غداة مغادرتهم الشمال اللبناني متّجهين نحو أوروبا. ومن بين هؤلاء نحو 25 طفلاً، فيما نجا 20 شخصاً، وما زال آخرون في عداد المفقودين.

وقد مثّلت هذه الحادثة واحدة من أكثر حوادث غرق القوارب فتكاً في شرق البحر الأبيض المتوسط في السنوات الأخيرة، إذ يحاول مزيد من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين الفرار من لبنان الذي يمرّ بأسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخه الحديث، في اتّجاه أوروبا، علماً بأنّ قوات الأمن اللبنانية تعمل على منع المهاجرين غير النظاميين من خوض غمار البحر.

أضافت "الدولية للمعلومات" أنّه قبل عام 2022، كُشفت محاولات هجرة عديدة، من بينها محاولات على 25 قارباً في عام 2021 كانت تقلّ نحو 750 مهاجراً، ومحاولات أخرى على أربعة قوارب في عام 2020 كانت تقلّ 126 شخصاً.

وفي تقرير آخر، أفادت "الدولية للمعلومات" بأنّه "مع استمرار الأزمة الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية لدى أكثرية اللبنانيين نتيجة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية في مقابل العملات الأجنبية، ومع ارتفاع نسبة البطالة التي تقدّر بـ 38 في المائة، تتزايد أعداد اللبنانيين المهاجرين والمغادرين سعياً إلى تحسين ظروف حياتهم الصعبة، أو للحصول على فرصة عمل أصبحت مستحيلة في وطنهم. وقد وصل عدد المهاجرين والمغادرين منذ بداية عام 2022 وحتى منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022 إلى 42.199 شخصاً".

المساهمون