أكدت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، أنجلينا إيخورست، في مقابلة مع "العربي الجديد" أن العقد الاجتماعي أساس للنهوض باقتصادات الدول العربية، وأن الشباب العربي أثبت قدرته على التغيير والمطالبة بأسس الديمقراطية والحرية والعدالة
وهذا نص المقابلة
وهذا نص المقابلة
* كيف تنظرون إلى واقع الشباب العربي اليوم بعد أربع سنوات من بدء الثورات العربية؟
لا شك أن ما قام به الشباب العربي، يعبّر عن تطلعاته نحو بناء مستقبل أفضل على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. في العديد من الدول العربية، غابت الإصلاحات السياسية، وما يترافق معها من إصلاحات اقتصادية، الأمر الذي دفع الشباب العربي للخروج والمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وشاهدنا في العديد من هذه الدول توجه الشباب للمطالبة بتأمين الحقوق الأساسية، أبرزها الحق في العدالة والحرية. اليوم، وبعد أربع سنوات من بدء الربيع العربي، نؤكد أن هناك تحديات كبيرة ما زالت تلوح في الأفق، ولكن إصرار الشباب العربي على التغيير ستكون له نتائج إيجابية، وإن طال الوقت. وعليه، أمام إصرار الشباب العربي على التغيير، لا بد للحكومات من أن تستجيب لرغبات الشعوب.
* برأيك، ماذا يحتاج الشباب العربي اليوم، من أجل تنمية اقتصاده، خاصة في دول النزاعات؟ وما هي برأيكم الأداة الأنجح من أجل بناء الاقتصاد المدمر في العديد من هذه الدول؟
لا بد أولاً من الإشارة إلى أنه لا يمكن التعميم على مستوى الدول. لكل دولة خصوصيتها. الوضع في ليبيا مختلف عن اليمن، مختلف عن العراق، لا تتشابه هذه الدول مع بعضها بعضاً، فالأوضاع الاقتصادية والسياسية مختلفة في كل حالة من هذه الحالات.
ففي سورية، نشهد حرباً دامية تختلف عن النزاعات أو الحروب التي شهدتها بقية الدول. هناك الملايين من اللاجئين، والمشردين، تدمير كامل للبنى التحتية، المنشآت الصناعية، هناك الملايين من الأبرياء الذين لاقوا حتفهم بسبب هذه الحرب الدامية. وبالتالي، فإن لكل دولة خصوصية معينة، تجعل منها حالة فريدة.
من أجل بناء الاقتصاد وتنميته، لا بد أولاً من الانطلاق من الإصلاحات السياسية، ومن ثم الانتقال بعدها نحو بناء الاقتصاد. ولذا، فإن الخطوة الأولى لبناء الاقتصادات المهدمة تبدأ من خلال العملية السياسية، والانتقال الديمقراطي للحكم، ومن ثم التوجه لإقامة عقد اجتماعي بين الدولة والشعب. وعليه، فإن المطلوب اليوم، التوجه لإقامة عقد اجتماعي بين الدولة والشعب، ونعني بذلك الدولة القائمة على أسس الحرية والعدالة والديمقراطية، لوضع الأسس الحقيقية للحكم، ومن ثم التوجه نحو بناء اقتصاد منتج وفعال، يخدم الطبقات الاجتماعية.
* كيف تقيّمون وضع اللاجئين السوريين في لبنان، بعد أربع سنوات من الحرب الدائرة في بلدهم؟
يعاني اللاجئون السوريون من وضع إنساني كارثي، ومحزن للغاية. لا شك أن التهجير واللجوء الى دول أخرى، أمر ليس بالسهل، وخاصة أن هناك العديدين من بينهم أطفال ونساء.
حاول الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء توفير الدعم للاجئين، وتقديم كافة المساعدات لتأمين
أبسط الحقوق الأساسية. بالنسبة إلى وضع اللاجئين السوريين في لبنان، فإن الأمر في غاية الصعوبة، لبنان يعاني من تحديات كبيرة على مستوى تأمين الرعاية الأساسية للاجئين، خاصة أن لبنان لم يكن مهيّأً لاستقبال هذا العدد الهائل. لذا، قدمنا المساعدة من أجل توفير المتطلبات الرئيسية للعيش، خصوصاً في ظل وجود أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ.
طالب لبنان بمساعدات فورية، وقمنا بإرسال مساعدات أولية، ومن ثم انتقلنا إلى الدعم المادي المباشر، عبر تقديم الأموال لتأمين الأساسيات الخاصة بالبنى التحتية، كالمياه والكهرباء، كما قدمنا مساعدات خاصة للاجئين. منذ اندلاع الأزمة السورية قدم الاتحاد الأوروبي دعماً إضافياً للبنان، قدّرت الأموال بأكثر من 150 مليون دولار من أجل تنظيم ورعاية اللاجئين في مختلف المجالات، منها دعم القطاعين الصحي والتربوي. كما قام الاتحاد الأوروبي بمساعدة النازحين عن طريق مؤسسات المجتمع المدني، وتوفير الاحتياجات الأساسية لتأمين عيش كريم.
* تناولت تقارير عديدة وجود مافيات تتحكّم بالأموال المرسلة لمساعدة النازحين السوريين، وفي العام 2013، زارت وفود أجنبية لبنان للاطلاع على آليات صرف الأموال، وتحدث البعض منهم عن وجود سرقات تطال الأموال الموزعة للنازحين السوريين، إذ إن بعض مؤسسات المجتمع المدني، على سبيل المثال، لا تلتزم بتقديم المساعدات كما هو مطلوب، وبالرغم من ذلك ما زلتم تقدمون الأموال للمجتمع المدني، كيف تفسّرون ذلك؟
كما ذكرت، نحن في لبنان ملتزمون بمساعدة الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لتقديم المساعدات الأولية للنازحين، ونحن أيضاً ملتزمون بمراقبة وجهة صرف الأموال، وتقديم النتائج إلى الاتحاد الأوروبي، لأننا كبعثة مسؤولون أمامه عن هذه الأموال، وبالتالي فإن جميع الأموال التي قدمت تمت مراقبة آليات صرفها عن كثب، وقدمنا تقارير مفصّلة إلى الاتحاد.
ولكن حصول سرقات أو عدم التزام المؤسسات في كيفية صرف الأموال هو أمر جائز، لذا أطلب من الجميع تقديم أي معلومات ووثائق تفيد بحصول هذه السرقات من أجل متابعتها، لأننا سنقوم باتخاذ التدابير اللازمة في حال حصلنا على وثائق وبيانات تظهر تورط مؤسسات المجتمع المدني أو أي مؤسسة ملتزمة بتقديم المساعدات من قبلنا للنازحين ولم تكن على المستوى المطلوب. وبالتالي، فإن أي مؤسسة أو خبير أو جهة تمتلك بيانات تثبت تورط أو عدم تلقي بعض النازحين مساعدات كما هو متفق عليه، فإن أبواب البعثة مفتوحة أمام الجميع، لنبدأ على الفور تحركنا وإجراء اللازم في هذا الشأن.
* بالانتقال إلى الوضع الداخلي في لبنان، برأيكم أين هو اليوم من اتفاقية الشراكة الأوروبية؟ هل هو ملتزم بكل ما يطلبه الاتحاد الأوروبي؟
لقد قام الاتحاد الأوروبي بوضع خارطة طريق تنظّم تنفيذ الاتفاقية المشتركة بين لبنان والاتحاد، ولا يمكن القول إننا لم نحقق نجاحات في بعض البنود الخاصة بالاتفاقية، ولكن هناك العديد من العقبات والتي تتعلق أولاً ببطء الإدارة اللبنانية في تنفيذ جميع المتطلبات، ولعل أهمها السعي باتجاه الدخول إلى منظمة التجارة العالمية.
في لبنان هناك العديد من الكوادر التي تعمل بصمت من أجل إتمام كل ما يلزم لتنفيذ أطر الاتفاقية. ولكن البطء في تنفيذ البنود، والتساهل نوعاً ما يعيق المضيّ قدماً في تحقيق المطلوب. من جهة أخرى، أود الاشارة إلى أن اتفاقية الشراكة الأوروبية هامة جداً للبنان وللدول الأوروبية، إذ إن أمر تطبيقها يعود بالنفع لكلا الطرفين، فلبنان سيستفيد من هذه الشراكة، كما أن دول الاتحاد الأوروبي ستستفيد أيضاً، لذا المطلوب تسريع الخطوات، والالتزام بتنفيذ جميع البنود.
* تطالبون بضرورة إصلاح المالية العامة في لبنان، وسنوياً هناك ارتفاع حاد في الدين العام. السؤال بالرغم من معرفتكم بسياسة الهدر في الإدارات العامة، وغياب الترشيد، تستمرون في تقديم الدعم المادي، ألا تعتقدون أن هذه السياسة خاطئة، وكيف يمكن أن تقدموا الأموال إلى إدارة فاسدة؟
دورنا في لبنان، كما سبق وذكرت، يتجلى في مساعدته لتخطي الأزمات التي يعاني منها. هناك أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية، ونحن منذ بدء عملنا، وضعنا خارطة طريق منظمة. نقوم دائماً بمراجعة جميع الأعمال والأموال التي توزع للإدارات العامة، أو الوزارات أو البلديات.
هناك شراكة قائمة بين بعثة الاتحاد والإدارات العامة أو الوزارات من أجل متابعة المشاريع المقترحة. حتى اليوم، لبنان ملتزم بجميع المشاريع التي اتفق عليها، ونحن نمضي سويّاً لتنفيذ كافة المشاريع. ولكن، كما قلت سابقاً، هناك بطء في تنفيذ كل ما هو مطلوب، لذا نحن نطالب بتسريع الخطوات لتنفيذ جميع المشاريع.
* ما هو حجم المبالغ السنوية التي يدفعها الاتحاد الأوروبي، إن على شكل هبات أو مساعدات، من أجل تنمية الاقتصاد في لبنان؟ وهل تعتقدون أن هذه الأموال تصرف في الغاية التي وضعت من أجلها؟
أريد التوضيح أن هناك فصلاً بين الأموال التي قدمناها قبل الحرب في سورية، والأموال التي تقدم اليوم. الجميع يعلم أن الحرب في سورية، تسببت بمجيء أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ إلى لبنان، ولبنان يعاني في الأساس من مشاكل في البنى التحتية، وزاد الوجود السوري من الضغط. لذا، فإن الاتحاد الأوروبي قام بزيادة المخصصات المالية للبنان. في السابق كنا نقدم في الحد الأدنى 50 مليون يورو سنوياً من أجل مساعدة لبنان، وبعد الأزمة، وحتى اليوم، آذار/ مارس 2015، خصصت المفوضية الأوروبية 449.4 مليون يورو لأغراض الاستجابة لتداعيات الأزمة السورية في لبنان، بالإضافة إلى المخصصات السنوية، وهي أرقام قادرة على إحداث تغيير في البنى الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.
* هل تعتبرون أن لبنان مهيّأ اليوم لدخول منظمة التجارة العالمية؟ ما هي العوائق والتحديات؟
نحن ندعو الأطراف جميعها إلى العمل الجدي للدخول في منظمة التجارة العالمية. المستثمر الأجنبي يحتاج إلى قوانين مرعية دولية تساعده في تأمين حقوقه الأساسية، وتعد منظمة التجارة العالمية مصدراً هاماً من أجل حماية المستثمر من ناحية وانتقال الاقتصاد اللبناني إلى مرحلة متقدمة.
* ما هو تعليقكم بشأن رفض الاتحاد الأوروبي فتح أسواقه أمام البضائع العربية؟
وضعت الدول الأوروبية معايير محددة للصادرات والواردات، وذلك يتطلب من جميع الدول الالتزام بها. وفي حال لم تكن البضائع العربية مطابقة للمعايير، بطبيعة الحال، سيتم إغلاق الأسواق الأوروبية أمامها، وأعتبر أن هذه المعايير الأوروبية عامل مشجع لتحفيز الدول العربية على تقديم أجود أنواع السلع، وستكون الأسواق الأوروبية مفتوحة أمامها، لا بل أسواق العالم كلها ستكون مفتوحة أمامها، أما بالنسبة إلى رفض السلع العربية، فذلك يعود إلى أن معظمها غير مطابق للمواصفات.
تعريف:
أنجيلنا إيخورست، سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، ولدت في العام 1965. تحمل شهادة في اللغات والثقافة الخاصة بدول الشرق الأوسط، وحائزة على شهادة في العلوم السياسية، ومتخصصة في القانون الدولي وحقوق الإنسان. عيّنت سفيرة للاتحاد الأوروبي في لبنان عام 2011.
وثيقة تعاون
أعد الاتحاد الاوروبي وثيقة تعاون بين دول الاتحاد ولبنان للأعوام 2013 و2015 من أجل تنفيذ أطر اتفاقية الشراكة الأوروبية. وتتناول الوثيقة العمل لتعزيز الأسس الحقيقية لبناء الدولة والتي تتضمن إصلاح نظام العدالة (بما فيھا السجون) نحو تحقيق المزيد من الكفاءة والفعالية، العمل لإدخال إصلاحات انتخابية تتماشى والمعايير الدولية، بالإضافة إلى تعزيز فعالية البرلمان اللبناني. كما تتضمن الوثيقة العمل لإصلاح المالية العامة، وتعزيز فعالية تخصيص الموارد العامة، بالإضافة إلى تحسين الكفاءة والشفافية والحكم الرشيد في الإدارة العامة. وفي مجال حقوق الإنسان، تنص الوثيقة على ضرورة حماية حقوق الشعوب الضعيفة، ومن بينهم اللاجئون الفلسطينيون واللاجئون السوريون، من خلال اتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة، وتوفير الحماية الاجتماعية والصحية. على الصعيد التجاري، تنص الوثيقة على ضرورة زيادة القدرة التنافسية التجارية وزيادة التكامل التجاري ضمن الاتحاد الأوروبي، والسعي لانضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية، بالإضافة إلى تحسين بيئة الأعمال، ولا سيما المشاريع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتطوير ظروف السوق المحلية في القطاعات الرئيسية.
إقرأ أيضا: عزبة أبو آدم.. أربعة أجيال تتحدّى الاحتلال
لا شك أن ما قام به الشباب العربي، يعبّر عن تطلعاته نحو بناء مستقبل أفضل على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. في العديد من الدول العربية، غابت الإصلاحات السياسية، وما يترافق معها من إصلاحات اقتصادية، الأمر الذي دفع الشباب العربي للخروج والمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وشاهدنا في العديد من هذه الدول توجه الشباب للمطالبة بتأمين الحقوق الأساسية، أبرزها الحق في العدالة والحرية. اليوم، وبعد أربع سنوات من بدء الربيع العربي، نؤكد أن هناك تحديات كبيرة ما زالت تلوح في الأفق، ولكن إصرار الشباب العربي على التغيير ستكون له نتائج إيجابية، وإن طال الوقت. وعليه، أمام إصرار الشباب العربي على التغيير، لا بد للحكومات من أن تستجيب لرغبات الشعوب.
* برأيك، ماذا يحتاج الشباب العربي اليوم، من أجل تنمية اقتصاده، خاصة في دول النزاعات؟ وما هي برأيكم الأداة الأنجح من أجل بناء الاقتصاد المدمر في العديد من هذه الدول؟
لا بد أولاً من الإشارة إلى أنه لا يمكن التعميم على مستوى الدول. لكل دولة خصوصيتها. الوضع في ليبيا مختلف عن اليمن، مختلف عن العراق، لا تتشابه هذه الدول مع بعضها بعضاً، فالأوضاع الاقتصادية والسياسية مختلفة في كل حالة من هذه الحالات.
ففي سورية، نشهد حرباً دامية تختلف عن النزاعات أو الحروب التي شهدتها بقية الدول. هناك الملايين من اللاجئين، والمشردين، تدمير كامل للبنى التحتية، المنشآت الصناعية، هناك الملايين من الأبرياء الذين لاقوا حتفهم بسبب هذه الحرب الدامية. وبالتالي، فإن لكل دولة خصوصية معينة، تجعل منها حالة فريدة.
من أجل بناء الاقتصاد وتنميته، لا بد أولاً من الانطلاق من الإصلاحات السياسية، ومن ثم الانتقال بعدها نحو بناء الاقتصاد. ولذا، فإن الخطوة الأولى لبناء الاقتصادات المهدمة تبدأ من خلال العملية السياسية، والانتقال الديمقراطي للحكم، ومن ثم التوجه لإقامة عقد اجتماعي بين الدولة والشعب. وعليه، فإن المطلوب اليوم، التوجه لإقامة عقد اجتماعي بين الدولة والشعب، ونعني بذلك الدولة القائمة على أسس الحرية والعدالة والديمقراطية، لوضع الأسس الحقيقية للحكم، ومن ثم التوجه نحو بناء اقتصاد منتج وفعال، يخدم الطبقات الاجتماعية.
* كيف تقيّمون وضع اللاجئين السوريين في لبنان، بعد أربع سنوات من الحرب الدائرة في بلدهم؟
يعاني اللاجئون السوريون من وضع إنساني كارثي، ومحزن للغاية. لا شك أن التهجير واللجوء الى دول أخرى، أمر ليس بالسهل، وخاصة أن هناك العديدين من بينهم أطفال ونساء.
حاول الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء توفير الدعم للاجئين، وتقديم كافة المساعدات لتأمين
طالب لبنان بمساعدات فورية، وقمنا بإرسال مساعدات أولية، ومن ثم انتقلنا إلى الدعم المادي المباشر، عبر تقديم الأموال لتأمين الأساسيات الخاصة بالبنى التحتية، كالمياه والكهرباء، كما قدمنا مساعدات خاصة للاجئين. منذ اندلاع الأزمة السورية قدم الاتحاد الأوروبي دعماً إضافياً للبنان، قدّرت الأموال بأكثر من 150 مليون دولار من أجل تنظيم ورعاية اللاجئين في مختلف المجالات، منها دعم القطاعين الصحي والتربوي. كما قام الاتحاد الأوروبي بمساعدة النازحين عن طريق مؤسسات المجتمع المدني، وتوفير الاحتياجات الأساسية لتأمين عيش كريم.
* تناولت تقارير عديدة وجود مافيات تتحكّم بالأموال المرسلة لمساعدة النازحين السوريين، وفي العام 2013، زارت وفود أجنبية لبنان للاطلاع على آليات صرف الأموال، وتحدث البعض منهم عن وجود سرقات تطال الأموال الموزعة للنازحين السوريين، إذ إن بعض مؤسسات المجتمع المدني، على سبيل المثال، لا تلتزم بتقديم المساعدات كما هو مطلوب، وبالرغم من ذلك ما زلتم تقدمون الأموال للمجتمع المدني، كيف تفسّرون ذلك؟
كما ذكرت، نحن في لبنان ملتزمون بمساعدة الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لتقديم المساعدات الأولية للنازحين، ونحن أيضاً ملتزمون بمراقبة وجهة صرف الأموال، وتقديم النتائج إلى الاتحاد الأوروبي، لأننا كبعثة مسؤولون أمامه عن هذه الأموال، وبالتالي فإن جميع الأموال التي قدمت تمت مراقبة آليات صرفها عن كثب، وقدمنا تقارير مفصّلة إلى الاتحاد.
ولكن حصول سرقات أو عدم التزام المؤسسات في كيفية صرف الأموال هو أمر جائز، لذا أطلب من الجميع تقديم أي معلومات ووثائق تفيد بحصول هذه السرقات من أجل متابعتها، لأننا سنقوم باتخاذ التدابير اللازمة في حال حصلنا على وثائق وبيانات تظهر تورط مؤسسات المجتمع المدني أو أي مؤسسة ملتزمة بتقديم المساعدات من قبلنا للنازحين ولم تكن على المستوى المطلوب. وبالتالي، فإن أي مؤسسة أو خبير أو جهة تمتلك بيانات تثبت تورط أو عدم تلقي بعض النازحين مساعدات كما هو متفق عليه، فإن أبواب البعثة مفتوحة أمام الجميع، لنبدأ على الفور تحركنا وإجراء اللازم في هذا الشأن.
* بالانتقال إلى الوضع الداخلي في لبنان، برأيكم أين هو اليوم من اتفاقية الشراكة الأوروبية؟ هل هو ملتزم بكل ما يطلبه الاتحاد الأوروبي؟
لقد قام الاتحاد الأوروبي بوضع خارطة طريق تنظّم تنفيذ الاتفاقية المشتركة بين لبنان والاتحاد، ولا يمكن القول إننا لم نحقق نجاحات في بعض البنود الخاصة بالاتفاقية، ولكن هناك العديد من العقبات والتي تتعلق أولاً ببطء الإدارة اللبنانية في تنفيذ جميع المتطلبات، ولعل أهمها السعي باتجاه الدخول إلى منظمة التجارة العالمية.
في لبنان هناك العديد من الكوادر التي تعمل بصمت من أجل إتمام كل ما يلزم لتنفيذ أطر الاتفاقية. ولكن البطء في تنفيذ البنود، والتساهل نوعاً ما يعيق المضيّ قدماً في تحقيق المطلوب. من جهة أخرى، أود الاشارة إلى أن اتفاقية الشراكة الأوروبية هامة جداً للبنان وللدول الأوروبية، إذ إن أمر تطبيقها يعود بالنفع لكلا الطرفين، فلبنان سيستفيد من هذه الشراكة، كما أن دول الاتحاد الأوروبي ستستفيد أيضاً، لذا المطلوب تسريع الخطوات، والالتزام بتنفيذ جميع البنود.
* تطالبون بضرورة إصلاح المالية العامة في لبنان، وسنوياً هناك ارتفاع حاد في الدين العام. السؤال بالرغم من معرفتكم بسياسة الهدر في الإدارات العامة، وغياب الترشيد، تستمرون في تقديم الدعم المادي، ألا تعتقدون أن هذه السياسة خاطئة، وكيف يمكن أن تقدموا الأموال إلى إدارة فاسدة؟
دورنا في لبنان، كما سبق وذكرت، يتجلى في مساعدته لتخطي الأزمات التي يعاني منها. هناك أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية، ونحن منذ بدء عملنا، وضعنا خارطة طريق منظمة. نقوم دائماً بمراجعة جميع الأعمال والأموال التي توزع للإدارات العامة، أو الوزارات أو البلديات.
هناك شراكة قائمة بين بعثة الاتحاد والإدارات العامة أو الوزارات من أجل متابعة المشاريع المقترحة. حتى اليوم، لبنان ملتزم بجميع المشاريع التي اتفق عليها، ونحن نمضي سويّاً لتنفيذ كافة المشاريع. ولكن، كما قلت سابقاً، هناك بطء في تنفيذ كل ما هو مطلوب، لذا نحن نطالب بتسريع الخطوات لتنفيذ جميع المشاريع.
* ما هو حجم المبالغ السنوية التي يدفعها الاتحاد الأوروبي، إن على شكل هبات أو مساعدات، من أجل تنمية الاقتصاد في لبنان؟ وهل تعتقدون أن هذه الأموال تصرف في الغاية التي وضعت من أجلها؟
أريد التوضيح أن هناك فصلاً بين الأموال التي قدمناها قبل الحرب في سورية، والأموال التي تقدم اليوم. الجميع يعلم أن الحرب في سورية، تسببت بمجيء أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ إلى لبنان، ولبنان يعاني في الأساس من مشاكل في البنى التحتية، وزاد الوجود السوري من الضغط. لذا، فإن الاتحاد الأوروبي قام بزيادة المخصصات المالية للبنان. في السابق كنا نقدم في الحد الأدنى 50 مليون يورو سنوياً من أجل مساعدة لبنان، وبعد الأزمة، وحتى اليوم، آذار/ مارس 2015، خصصت المفوضية الأوروبية 449.4 مليون يورو لأغراض الاستجابة لتداعيات الأزمة السورية في لبنان، بالإضافة إلى المخصصات السنوية، وهي أرقام قادرة على إحداث تغيير في البنى الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.
* هل تعتبرون أن لبنان مهيّأ اليوم لدخول منظمة التجارة العالمية؟ ما هي العوائق والتحديات؟
نحن ندعو الأطراف جميعها إلى العمل الجدي للدخول في منظمة التجارة العالمية. المستثمر الأجنبي يحتاج إلى قوانين مرعية دولية تساعده في تأمين حقوقه الأساسية، وتعد منظمة التجارة العالمية مصدراً هاماً من أجل حماية المستثمر من ناحية وانتقال الاقتصاد اللبناني إلى مرحلة متقدمة.
* ما هو تعليقكم بشأن رفض الاتحاد الأوروبي فتح أسواقه أمام البضائع العربية؟
وضعت الدول الأوروبية معايير محددة للصادرات والواردات، وذلك يتطلب من جميع الدول الالتزام بها. وفي حال لم تكن البضائع العربية مطابقة للمعايير، بطبيعة الحال، سيتم إغلاق الأسواق الأوروبية أمامها، وأعتبر أن هذه المعايير الأوروبية عامل مشجع لتحفيز الدول العربية على تقديم أجود أنواع السلع، وستكون الأسواق الأوروبية مفتوحة أمامها، لا بل أسواق العالم كلها ستكون مفتوحة أمامها، أما بالنسبة إلى رفض السلع العربية، فذلك يعود إلى أن معظمها غير مطابق للمواصفات.
تعريف:
أنجيلنا إيخورست، سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، ولدت في العام 1965. تحمل شهادة في اللغات والثقافة الخاصة بدول الشرق الأوسط، وحائزة على شهادة في العلوم السياسية، ومتخصصة في القانون الدولي وحقوق الإنسان. عيّنت سفيرة للاتحاد الأوروبي في لبنان عام 2011.
وثيقة تعاون
أعد الاتحاد الاوروبي وثيقة تعاون بين دول الاتحاد ولبنان للأعوام 2013 و2015 من أجل تنفيذ أطر اتفاقية الشراكة الأوروبية. وتتناول الوثيقة العمل لتعزيز الأسس الحقيقية لبناء الدولة والتي تتضمن إصلاح نظام العدالة (بما فيھا السجون) نحو تحقيق المزيد من الكفاءة والفعالية، العمل لإدخال إصلاحات انتخابية تتماشى والمعايير الدولية، بالإضافة إلى تعزيز فعالية البرلمان اللبناني. كما تتضمن الوثيقة العمل لإصلاح المالية العامة، وتعزيز فعالية تخصيص الموارد العامة، بالإضافة إلى تحسين الكفاءة والشفافية والحكم الرشيد في الإدارة العامة. وفي مجال حقوق الإنسان، تنص الوثيقة على ضرورة حماية حقوق الشعوب الضعيفة، ومن بينهم اللاجئون الفلسطينيون واللاجئون السوريون، من خلال اتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة، وتوفير الحماية الاجتماعية والصحية. على الصعيد التجاري، تنص الوثيقة على ضرورة زيادة القدرة التنافسية التجارية وزيادة التكامل التجاري ضمن الاتحاد الأوروبي، والسعي لانضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية، بالإضافة إلى تحسين بيئة الأعمال، ولا سيما المشاريع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتطوير ظروف السوق المحلية في القطاعات الرئيسية.
إقرأ أيضا: عزبة أبو آدم.. أربعة أجيال تتحدّى الاحتلال