إغلاق المدارس بالباب السورية يثير الجدل وسط مخاوف من أضرار تعليمية

05 يناير 2021
زيادة نسبة التسرب ووجود فاقد تعليمي كبير (Getty)
+ الخط -

تثير المدارس في مدينة الباب السورية بريف حلب الجدل، في ظل انتشار فيروس كورونا، ما بين مؤيد لتعليق الدوام وسط مخاوف من زيادة أعداد الإصابات، ورافض للقرار خوفا من خسارة الطلاب مستقبلهم. ففي الوقت الذي قد تكون لتعليق الدوام نتائج صحية إيجابية، من المثبت أنه ساهم في زيادة نسبة التسرب ووجود فاقد تعليمي كبير، بحسب مديرية التربية.

وفي السياق، توقف أبناء أبو عثمان الصبيح الثلاثة، المقيمون في مدينة الباب، عن الذهاب إلى المدرسة منذ نحو  شهر جراء الإجراءات الوقائية، الأمر الذي تسبب، بحسب حديث والدهم مع "العربي الجديد"، في توجه اثنين منهم إلى العمل في حين يمضي الصغير وقته ما بين المنزل واللعب مع رفاقه في الشارع.

ولفت إلى أنه "قد يكون من الصعب عودة ولديه اللذين توجها إلى العمل للمدرسة، فقد اعتادا الحصول على المال، ما خفف عنا بعض الضغوط المادية، فالغلاء يزداد يوما بعد آخر، ولم نعد نستطيع تأمين قوت يومنا"، معتبرا أن "إغلاق المدارس ترك أثرا سلبيا على الطلاب، فقد أضعف التزامهم بالدراسة والمدرسة، ولو لم تكن هناك كل تلك الانقطاعات عن المدرسة لكان كثير من الطلاب وأولهم أبنائي ما زالوا فيها".    

من جهته، أيّد أبو محمد الحمود، من سكان الباب، إغلاق المدارس إلى أن تنتهي هجمة انتشار الفيروس، أو يتوفر لقاح له، مضيفا في حديث مع "العربي الجديد"، "التعليم يمكن أن يعوض، لكن الصحة لا تعوض، فإن أصيب الطفل أو نقل العدوى إلى أحد أفراد المنزل سيكون الوضع كارثيا، فواقع الخدمات الصحية سيئ للغاية، والمصابون لا يجدون مكانا في مراكز العزل أو أسطوانة أوكسجين، والأدوية الخاصة بالعلاج مكلفة، كما ليست لدينا القدرة على تأمين الطعام اللازم للمصابين، فنحن بالكاد نؤمن ما يسد جوعنا".

وأضاف "المدارس لا تمتلك الإمكانات اللازمة لتطبيق الإجراءات الوقائية من الفيروس، من التعقيم إلى التباعد المكاني، ومتابعة الأوضاع الصحية للطلاب، لذلك الأفضل إبقاء الطلاب في المنازل".

من جانبه، لفت الناشط الإعلامي علي الحلبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه "بسبب تعليق الدوام في المدارس توجهت عائلات إلى وضع أبنائها في المدارس الخاصة، بالرغم من التكلفة المرتفعة، حيث تتراوح الأقساط ما بين 50 و200 ليرة تركية شهريا، حيث إنها لم تلتزم بقرار الإغلاق، في حين أن هناك عائلات أخرى أخرجت أبناءها من المدرسة ليتعلموا مهنة ما".    

وبين أن "نسبة الإصابات بين المعلمين ازدادت بشكل واضح قبل قرار إغلاق المدارس الشهر الماضي، وأنا كنت شاهدا على إجراء مسح لـ15 معلما كانت نتائجهم جميعا موجبة، في حين جاء إغلاق المدارس بقرار من التربية التركية، بسبب تابعية المدارس في الباب إلى التربية التركية".

بدوره، قال مدير التربية والتعليم في مدينة الباب جمعة كزكاز،  لـ"العربي الجديد"، "بالنسبة للوضع الصحي للأطفال والطلاب في ما يخص انتشار فيروس كورونا، لم تسجل أي إصابة بينهم، وقد لا تظهر أعراض الإصابة عليهم، لكن كما هو معروف يمكن أن يكونوا ناقلين للفيروس لعائلاتهم أو الكادر التدريسي، لذلك نستطيع أن نقول إن تعليق الدوام ساهم بشكل إيجابي نوعا ما".   وتابع قائلا "ولكن من جهة أخرى كان لتعليق الدوام المدرسي أثر سلبي من الناحية العلمية والتعليمية، تقدر نسبة الضرر ما بين 40% و50%، طبعا هذا بالنسبة للذكور، أما بالنسبة للإناث فقد كان الأثر بشكل أكبر وخاصة لطالبات المرحلتين الإعدادية والثانوية، وذلك في ما يخص حجم الفاقد التعليمي، وارتفاع نسبة التسرب من العملية التعليمية والزواج المبكر وغيرها من المشكلات".

يشار إلى أن يونيسف أفادت الشهر الماضي، على موقعها الرسمي، بأن دراسة عالمية حديثة، اشتملت على بيانات من 191 دولة، أظهرت عدم وجود ارتباط بين وضع المدارس ومعدلات الإصابة بـكـوفيد-19 في المجتمع. وقد حثت يونيسف الحكومات على إعطاء الأولوية لإعادة فتح المدارس واتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لجعلها آمنة قدر الإمكان. 

من جانبه، قال المدير العالمي للتعليم في منظمة يونيسف روبرت جينكينز إن الأدلة تشير إلى أن المدارس ليست المحرك الرئيسي لهذه الجائحة. ومع ذلك، فإننا نشهد اتجاها ينذر بالخطر، حيث تقوم الحكومات مرة أخرى بإغلاقها بدلا من اللجوء إلى ذلك باعتباره ملاذا أخيرا. في بعض الحالات، يتم فعل ذلك على الصعيد الوطني، بدلا من فعله على مستوى كل مجتمع محلي على حدة، ويستمر الأطفال في تكبد الآثار المدمرة على تعلمهم وسلامتهم العقلية والجسدية.

وتؤكد يونسيف أنه عندما تغلق المدارس، يكون الأطفال عرضة لخطر فقدان التعلم ونظام الدعم والغذاء والسلامة، حيث يدفع الأطفال الأكثر تهميشا - وهم الأكثر عرضة للتسرب من الدراسة –ثمنا باهظا.  

المساهمون