أعلنت المؤسسات الداعمة للأسرى الفلسطينيين والقوى والفصائل الفلسطينية في مؤتمر صحافي، ظهر اليوم الثلاثاء، بدء تنظيم فعاليات إسنادية للأسرى الأسبوع المقبل، بعدما شرع الأسرى الفلسطينيون بإضراب جزئي عن الطعام وخطوات احتجاجية أخرى في سجون الاحتلال مطلع الأسبوع الجاري.
وقال رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية أمين شومان في المؤتمر الصحافي الذي عُقد في الاعتصام الأسبوعي المساند للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي أمام مقرّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، "إنّ الأسبوع المقبل سوف يشهد وقوفاً إسنادياً حقيقياً مع الأسرى الذين بدأوا بإرجاع وجبات طعام، وهم مقبلون على معركة حقيقية".
ورأى شومان أنّ على الفلسطينيين الارتقاء بمستوى المعركة، خصوصاً أنّ لجنة الطوارئ التي تقود الاحتجاجات في السجون تمثّل كلّ الأسرى بكلّ فصائلهم، مشيراً إلى أنّ المؤسسات سوف تعلن عن برنامج إسنادي تفصيلي في خلال الأيام المقبلة.
من جهته، طالب رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس فارس الفصائل الفلسطينية وكلّ الأطر المنظمة من شبابية ونسوية وأهلية ونقابية بالاستعداد للبدء بآلاف المبادرات في كلّ أنحاء فلسطين إسناداً للأسرى في معركتهم، وقال: "ليس مطلوبا لمن يريد التعبير عن ذلك أن يغادر قريته ومخيّمه ومدينته، يمكن أن نعبّر عن مساندتنا للأسرى حيث نحن".
ودعت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة، في بيان صباح اليوم الثلاثاء، من داخل السجون، إلى تحديد يوم الجمعة المقبل 26 أغسطس/ آب الجاري، "يوماً للنصرة والنفير لإسناد الأسرى عبر تخصيص خطب الجمعة للحديث عن أسرى الحرية، والخروج إلى نقاط التماس مع المحتل في كلّ محافظات الوطن".
ويحتجّ الأسرى الفلسطينيون على تراجع إدارة سجون الاحتلال عن تفاهمات بينها وبين الأسرى في مارس/ آذار الماضي أوقفت حراكاً استراتيجياً على أثر سلسلة من الإجراءات العقابية التي استهدفت الأسرى بعد عملية "نفق الحرية" وهروب ستة أسرى من سجن جلبوع في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.
وتشمل الإجراءات المعلنة أخيراً عمليات تنكيل بالأسرى عموماً، وبالأسرى المحكومين بالمؤبّد خصوصاً، وذلك عبر النقل التعسفي كلّ ستة أشهر، ما يعني فقدان الأسير الاستقرار.
وقالت زوجة عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي، إيمان نافع، لـ"العربي الجديد" على هامش المؤتمر الصحافي اليوم، إنّ "إدارة سجون الاحتلال نقلت زوجي ومن معه في الغرفة، كالأسرى المحكومين بالمؤبّد بعد عملية نفق الحرية. وسوف يتعرّض كذلك هؤلاء الأسرى لعمليات نقل دورية منذ بداية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل".
وأوضحت نافع أنّه "من الصعب على زوجي الذي أمضى 42 عاماً في الأسر أن يُنقل كلّ ستة أشهر، خصوصاً أنّ الأسير يمضي وقتاً طويلاً مع الأسرى الآخرين في غرفته وقسمه ويبني علاقة انسجام معهم يهدف الاحتلال إلى ضربها".
وأعلنت نافع أنّ أهالي وزوجات الأسرى سوف يقدمون هم أيضاً على خطوة الإضراب عن الطعام في حال بدأ الأسرى إضراباً مفتوحاً بداية سبتمبر/ أيلول المقبل، ولن يتركوا أبناءهم في معركتهم وحيدين. أضافت أنّ "ثمّة مطالب أخرى تتعلق بالأسرى المرضى، وبالسماح للأطفال بلقاء ذويهم المعتقلين واحتضانهم ولمسهم، وهو الأمر الذي صار ممنوعاً".
في سياق متصل، وصف فارس الأزمة الحالية في السجون بأنّها "مفتعلة"، ولذلك بدأ الأسرى بخطوات تمهيدية لحماية حقوق انتزعوها ومكتسبات حقّقوها عبر نضال مرير. وأشار في كلمته إلى إنّ الإجراءات العقابية الحالية تعود إلى توصيات لجنة شكّلها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي في أعقاب عملية "نفق الحرية" وتمّ التراجع عنها مع إضراب الأسرى في مارس الماضي، وهي توصيات تحمل مضامين قمعية قهرية، ولا تتضمّن ما يرمز إلى تحصين الحالة الأمنية لمنع عملية تحرّر أخرى إنّما تعبّر عن حقد وكراهية تحكم سلوك إدارة السجون وتحاول تحميل الأسرى الأزمة والفشل الإسرائيلي.
وشرح فارس أنّ هدف الاحتلال هو "تقويض الحياة الجماعية في داخل السجون التي يعبّر عنها الأسرى بالهياكل والأطر والتشكيلات الاعتقالية والتنظيمية"، والتي بات الأسرى يستشعرون خطراً كبيراً بالمساس بها لأنّها تعني "الانقلاب على كلّ الإنجازات التي حققوها. ولذلك فإنّ الأسرى يريدون القول لإدارة السجون إنّهم سوف يقوّضون ما فيه مصلحة لإدارة السجون من خلال التفاهمات المتبادلة التي ترتّب عليها حقوقا للأسرى ومصلحة لإدارة السجون من خلال إدارة حياة الأسرى". وتابع فارس أنّ "الاحتلال يستهدف الأسرى فيما يعيش حالة الانتخابات، وتريد الطبقة السياسية من خلاله تسجيل نقاط تُترجَم على شكل أصوات في صناديق الاقتراع".
وفي الإطار نفسه، رأى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح صبري صيدم أنّ "ساعة الصفر قد دقّت، وحان وقت العمل وتكثيف الجهود لإسناد الأسرى". وشدّد على أنّ "الموضوع لم يعد مرتبطاً فقط بالاعتقال الإداري أو الأحكام المؤبدة أو الأطفال أو الأسيرات، بل يمثّل حرية الشعب الفلسطيني بأكمله"، معلناً مباركة القيادة الفلسطينية وجميع الفصائل لخطوات الأسرى.
أمّا وكيل هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية عبد القادر الخطيب فقال إنّ "الهيئة تنظر بخطورة إلى وضع الحركة الأسيرة وما تواجهه، وتقف معها في كلّ الخطوات المنوي تنفيذها والتي قد تصل إلى الإضراب المفتوح عن الطعام"، مشدّداً على ضرورة الوقوف الفعلي مع الأسرى من قبل الفصائل والمؤسسات وكلّ شرائح المجتمع.
تجدر الإشارة إلى أنّ الأسرى أكّدوا في بيانهم اقتراب موعد الإضراب المفتوح عن الطعام بداية سبتمبر المقبل، وأنّ لا "أمّ المعارك" في إطار معارك الحركة الأسيرة مع السجّان، فعملية الدفع سوف تبقى مستمرة ما دام الاحتلال قائماً. وشدّدت الحركة الأسيرة على أنّها لن تسمح يوماً للسجّان بفرض إرادته على الأسرى.