"آن ويستد" مبادرة لأربع شابات قطريات تخرجن من اختصاصات جامعية متنوعة كالاقتصاد والفنون، هدفها كما يوحي اسمها، عدم ضياع المواد المهملة. الفكرة الأساسية تدور حول الكمّ الكبير من الملابس، المستعملة وأحياناً غير المستعملة، التي تنتهي إما في القمامة أو في بعض مستوعبات التبرعات، التي تضعها الجمعيات الخيرية قرب المجمعات التجارية، والاستفادة منها بشكل أفضل.
تقول المشاركة في المبادرة، ريم السهلاوي، إنّ هناك مشكلة مهملات في قطر، خصوصاً الملابس التي ترمى، مشيرة إلى أنّ "فكرة المبادرة جاءت لتضع حلاًّ مناسباً وعملياً وبيئياً. بدأنا بجمع الملابس المستعملة من المنازل، كما جرى الاتفاق مع 26 مصممة أزياء، ليستثمرن بقايا الأقمشة في صناعات نسيجية أيضاً، فلا يتبقى شيء لديهن، بدلاً من رمي بقايا القماش في مكب النفايات". وجمع الفريق من ستة منازل فقط، كماً كبيراً من الملابس المستعملة، خلال ستة أشهر، وبعضها لم يستخدم، بل يحمل علامة تجارية أيضاً، وأعدن تأهيلها.
بدورها، تقول المشاركة في المبادرة جواهر الأحمد: "بذلنا جهوداً كبيرة لتوعية مصممات الأزياء بإعادة تصميم البقايا والمهملات. وبعد اقتناعهن، أنتجن ملابس متنوعة بشكل لا يقل أناقة عن الإصدار الأول. أما الملابس القديمة التي جمعت من البيوت، فنعمل على فرزها، ويعاد تأهيلها وطرحها للاستخدام مجدداً".
كذلك، توضح المشاركة في المبادرة، دانا خالد، أنّ "المشكلة عالمية فإذا استمرت أساليب الإنتاج والأنماط الاستهلاكية كما هي، من المتوقع أن يزداد الاستهلاك العالمي من الملابس بنسبة 63 في المائة إلى 102 مليون طن، بحلول 2030، أي ما يعادل 500 مليار قميص إضافي، ومن المثير للقلق أنّه يجري دفن ما يعادل شاحنة قمامة مليئة بالمنسوجات في كلّ ثانية".
تلفت جواهر الأحمد أيضاً، إلى أنّ "العالم يستهلك الآن 80 مليار قطعة ملابس وهذا أكثر بنسبة 400 في المائة عن الكمية التي استهلكناها قبل عقدين فقط، واليوم يحتفظ الشخص العادي بملابسه نصف المدة التي احتفظ بها في مطلع القرن الحالي، وتتم إعادة تدوير نسبة 20 في المائة فقط من هذه الملابس".
وإلى جانب الملابس المستعملة ومهملات المصممين من الأقمشة، تشتمل المبادرة على قسم القهوة، والهدف منه التعريف بالـ"أورغانيك" أو العضوي، المتعلق باستغلال المنتج الطبيعي الخالي من أشكال الملوثات والمواد الكيميائية، لتجهيز المشروبات الساخنة بالاعتماد على خامات طبيعية.
ويرى رئيس برنامج "لكلّ ربيع زهرة" سيف الحِجري، الذي حضر إطلاق معرض المبادرة في قاعة تابعة لمتاحف قطر في ساحة البراحة بمشيرب، أنّ المبادرة تحتوي على جوانب توعوية وبيئية وتعليمية، بالإضافة إلى جانب ابتكاري فني، لافتاً إلى أنّ الكمية الهائلة من الملابس المستعملة التي جمعتها الشابات من ستة بيوت، تدلّ على أنّ الأسرة بشكل عام تفتقر إلى ثقافة الشراء، وقد أهدرت أموالاً وأثّرت سلباً في البيئة أيضاً، وهذا سلوك لا بدّ من إعادة النظر فيه، خصوصاً في قطر، التي يعيش مواطنوها برخاء، فالمطلوب التفكير في تدريب النشء على التصرف الآمن في التعامل مع البيئة، لأنّ المعرفة وحدها لا تكفي، ولا بدّ من أن تترجم إلى سلوك هو "السلوك الأخضر" الذي يجسد تعايش الإنسان مع بيئته بأمان.
وحول أهمية المبادرة للتخلص من النفايات في قطر، يوضح الحِجري، في حديث مع "العربي الجديد" أنّ مشكلة التخلص من النفايات ليست على عاتق الدولة فقط، إذ تبلغ مساهمة الفرد في قطر نحو كيلوغرامين من النفايات يومياً، والمطلوب من القطاع الخاص المساهمة في هذا المجال. يؤكد أنّ المبادرة ستليها مبادرات أخرى، وتساهم في تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في الصناعة الخضراء، كما أنّ المبادرة ذات بعد بيئي، وآخر اقتصادي، فطموح صاحباتها إنشاء مؤسسة هدفها اقتصادي، يتمكنّ فيها من بيع ما يعدن تأهيله. ويشير إلى أنّ بنك قطر للتنمية، يقدم برامج لرواد الأعمال الشباب في مختلف المجالات.
ويقول رئيس برنامج "لكل ربيع زهرة" إنّ قطر متأخرة نوعاً ما، في عملية التخلص من المخلفات، ومنها الطبية والصناعية والإلكترونية والمدنية، ومخلفات المباني والمنشآت والصناعية، وأنشأت قطر أول مصنع يقوم بالتخلص بنسبة 70 في المائة من المخلفات، وتتطلع إلى التخلص الآمن من جميع المخلفات.
وتفيد الإحصاءات الرسمية لعام 2019، أنّ إجمالي النفايات في قطر بلغ 7667 مليون طن، منها 1288 مليون طن نفايات منزلية، و3753 مليون طن نفايات بناء، و40.8 ألف طن إطارات مركبات.