عمّ الإضراب الشامل منذ صباح اليوم الإثنين معظم المدارس في القدس المحتلة، بما فيها مدارس تابعة لبلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، رفضًا لفرض مناهج الاحتلال الإسرائيلي على الطلبة بدلاً من المنهاج الفلسطيني.
وامتنع آلاف التلاميذ عن الذهاب إلى مدارسهم، استجابة لنداء أطلقته لجان أولياء الأمور المركزية في مدارس القدس، وتلبية لنداء القوى الوطنية والإسلامية فيها، التي أطلقت أمس الأول نداء للإضراب، رفضاً لمحاولات الاحتلال فرض المنهاج الإسرائيلي على مدارس القدس بدلاً من المنهاج الفلسطيني.
وخلا كثير من المدارس في العيسوية، وكفرعقب، ومخيم شعفاط، وسلوان، وجبل المكبر، من الطلاب والهيئات التدريسية وسط حالة من الترقب، وانتظار مزيد من الفعاليات التصعيدية التي تقرر القيام بها مستقبلاً، والحفاظ على ديمومتها.
وتتصدر هذه المبادرة من الفعاليات لجان أولياء الأمور المركزية في مدارس القدس، مدعومة من قوى وفعاليات دينية ووطنية وفصائلية، التي أعلنت وقوفها خلف لجان أولياء الأمور في رفضها لتعليم أبنائها المنهاج الإسرائيلي، وتنفيذها سلسلة من الوقفات الاحتجاجية في سلوان، وجبل المكبر، وبيت حنينا، وتوزيع لجان أولياء الأمور المنهاج الفلسطيني على طلبة المدارس كما حدث في مدرسة الإبراهيمية مطلع العام الدراسي الحالي.
فتح: ما تقوم به سلطات الاحتلال في القدس محاولة مكشوفة ومرفوضة ومدانة لطمس حقيقة أحقية الشعب الفلسطيني في أرضه
وجددت القوى الوطنية والإسلامية موقفها الثابت، والرافض لمحاولات فرض المنهاج المزيف أو المستحدث على الطلبة في جميع المدارس على اختلاف مرجعياتها الأكاديمية.
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، حث رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس المحتلة الشيخ عكرمة صبري المواطنين في القدس كافة على الوقوف خلف لجان أولياء الأمور في معركتهم المصيرية التي يخوضونها رفضاً لمحاولات الاحتلال فرض مناهجه على أبنائهم.
وأكد صبري على ثوابت الموقف الوطني الذي وقفه المقدسيون ضد الاحتلال بـ"أسرلة التعليم" منذ اليوم الأول لاحتلال القدس، وقال: "إن صمود المقدسيين آنذاك أفشل كل محاولاتهم، ووقف المربون والمعلمون آنذاك وقفة عزّ وشموخ".
ودعا صبري المقدسيين إلى المشاركة الواسعة في جميع الفعاليات التي تقررها لجان أولياء الأمور لمواجهة التحدي الجديد الذي يحاول الاحتلال فرضه عليهم، مثمناً استجابة معظم مدارس القدس للإضراب.
أما زياد الشمالي من لجنة أولياء الأمور، فاعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" إضراب اليوم رسالة هامة جداً ولها دلالاتها في رفض محاولات الاحتلال فرض مناهجه على الطلبة المقدسيين، واستمراره في ابتزاز المدارس مالياً، داعياً السلطة الفلسطينية إلى توفير الدعم اللازم لصمود مدارس القدس واستمراريتها.
ودعت حركة فتح، إلى الالتزام بالإضراب الشامل اليوم الإثنين، وتلبية النداء الذي أطلقته القوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات والهيئات الشعبية في القدس، رفضاً لأي شكل من أشكال فرض وإملاء منهاج الاحتلال الإسرائيلي المزيّف والمحرّف.
وقال الناطق باسم حركة فتح في القدس، محمد ربيع في تصريح صحافي، "إن محاولة فرض المنهاج الإسرائيلي من قبل سلطات الاحتلال يأتي في سياق مخططات الاحتلال التهويدية، وأسرلة التعليم، وطمس الهوية الوطنية الفلسطينية، وإعلان حرب على المدارس العربية الفلسطينية، وقتل الوعي الوطني للطلبة المقدسيين".
وأضاف ربيع: "إن ما تقوم به سلطات الاحتلال في القدس محاولة مكشوفة ومرفوضة ومدانة لطمس حقيقة أحقية الشعب الفلسطيني في أرضه، وتشويه التاريخ الفلسطيني واستبداله برواية الاحتلال، وهو ما لا يقبل به أي فلسطيني".
وحذّر ربيع من المحاولات الإسرائيلية لـ"أسرلة التعليم" في مدينة القدس المحتلة من خلال الضغوط التي صعّدها الاحتلال ضد المدارس، وكل ما له علاقة بالهوية الوطنية الفلسطينية.
واعتبرت حركة فتح أن إجراءات الاحتلال انتهاك خطير لكل قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد أن مدينة القدس المحتلة هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأشادت بنضال وصمود المقدسيين في مواجهة محاولات الاحتلال وإجراءاته التي تستهدف هوية القدس.
وكانت بلدية الاحتلال في القدس ووزارة المعارف الإسرائيلية شرعتا أخيراً بممارسة ضغوط على المدارس الخاصة والأهلية لإرغامها على فرض المنهاج الإسرائيلي من خلال ابتزازها مالياً، فيما رصدت منذ العام 2018 ميزانية تصل إلى نحو 700 مليون شيقل (عملة إسرائيلية) لتهويد التعليم، من أصل مليار و100 مليون شيقل لمختلف القطاعات الأخرى في القدس الشرقية في سياق محاولاتها للهيمنة على مختلف القطاعات.
يشار إلى أن مدارس القدس المحتلة تتبع لأربع مظلات مختلفة تدير شؤونها، ثلاث منها تُدرّس المنهاج الفلسطيني غير المحرّف، وهي: الخاصة، والتابعة لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية، والتابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ويبلغ عددها 135.
أما النوع الرابع فهو يتبع لبلدية الاحتلال في القدس، وعددها 85 مدرسة، بعضها استولى عليها الاحتلال منذ عام 1967، وأخرى قام ببنائها حديثاً في سياق منافسته المحمومة للمدارس الفلسطينية، وشروعه مع بدء العام الدراسي الجديد بفرض إملاءات جديدة على ست من المدارس مهدداً بإلغاء تراخيص تشغيلها وهي (مدارس الإيمان الخمس، والكلية الإبراهيمية)، بزعم احتواء مناهجها على "تحريض خطير"، على أن يتم منحها ترخيصًا مؤقتًا لعام، باعتباره مهلة لسحب "كتب التحريض"، يتخللها توزيع مناهج تطبعها وزارة التعليم الإسرائيلية على الطلبة.