استمع إلى الملخص
- تصاعد الاحتقان في القطاع الصحي مع إعلان مسيرة حاشدة وإضرابات متكررة مرتقبة، نتيجة عدم الوفاء باتفاق سابق وتجاهل خمس نقاط خلافية رئيسية، مما ينذر باستمرار الأزمة.
- رغم التوصل لاتفاق في 23 يناير يقضي بزيادات في الأجور وتحسين شروط العمل، إلا أن عدم تنفيذه أدى لاستمرار الإضرابات، مع تحميل النقابات المسؤولية لرئيس الحكومة وتأكيدهم على ضرورة حل الأزمة لضمان استقرار الخدمات الصحية.
توقفت الخدمات الطبية والتمريضية والإدارية اليوم الثلاثاء، في مختلف مستشفيات المغرب على خلفية إضراب آلاف العاملين في القطاع الصحي، فيما تتجه الأوضاع نحو المزيد من التصعيد والاحتقان بسبب ما تعتبره النقابات الصحية "تجاهلاً غير مفهوم" من رئاسة الحكومة لـ"مطالبهم ومعاناة المواطنين في المستشفيات وخدماتها المتعثرة". ومنذ صباح اليوم، بدأ العاملون في مستشفيات المغرب الحكومية من أطباء وممرضين وتقنيين وإداريين باستثناء المشتغلين في أقسام المستعجلات والإنعاش، تعليق أنشطتهم لمدة ثلاثة أيام، مؤكدين أن إضرابهم متواصل إلى حين استجابة الحكومة لمطالبهم وتنفيذ الاتفاقيات المعلقة.
مستشفيات المغرب...آلاف المرضى من دون علاج
في المقابل، وجد آلاف المرضى أنفسهم محرومين من العلاج في مستشفيات المغرب، بعدما قررت ثماني نقابات صحية التصعيد في وجه الحكومة ووزارة الصحة، بسبب "عدم الوفاء بالالتزامات" و"عدم الاستجابة للمطالبة العادلة والمشروعة لمهنيي الصحة". ويُحمّل عاملو قطاع الصحة في المغرب الحكومة مسؤولية عدم الوفاء بمحضر اتفاق 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبالاتفاق الذي وقع في 23 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد جلسات حوار جمعت بين النقابات الممثلة في القطاع الصحي ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية وعدد من القطاعات الحكومية.
وتأتي الخطوات التصعيدية الجديدة بعد سلسلة من الإضرابات التي خاضها آلاف الأطباء والممرّضين والتقنيين والإداريين، خلال الأسابيع الماضية، في حين ينتظر أن يتم تنفيذ إضراب آخر لثلاثة أيام في 2 و3 و4 يوليو/تموز القادم، وذلك إلى جانب مسيرة حاشدة في الرباط. وسيعود القطاع الصحي ليعرف حالة شلل جديدة أيام 9 و10 و11 و16 و17 و18 يوليو/تموز المقبل.
إلى ذلك، اعتبر الكاتب العام لـ"الجامعة الوطنية لقطاع الصحة" التابعة لنقابة "الاتحاد الوطني للشغل في المغرب"، محمد زكيري، أن الإضراب الجديد "هو تعبير عن السخط الذي يسود القطاع، بسبب عدم تنفيذ الاتفاق الذي توّج الحوار القطاعي بتاريخ 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي"، موضحاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن خمس نقاط خلافية بين النقابات ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، لم تُحسم بعد، رُفعت لتحكيم رئيس الحكومة، لكن "ظللنا ننتظر من دون أن يكون هناك أي رد، ولا نفهم سبب هذا الصمت الحكومي المريب". وتابع: "هناك تنكر من قبل الحكومة لنتائج أكثر من 50 لقاء في إطار الحوارات القطاعية، وللتضحيات الجسام التي قدّمها العاملون في القطاع الصحي خلال أزمة كورونا إلى درجة أن المرحلة الحالية التي نعيشها بات عنوانها الرئيسي هو الخذلان".
وحمّل المسؤول النقابي رئيس الحكومة شخصياً مسؤولية تعطل الخدمات في القطاع. وقال: "نريد أن نعتذر للمواطنات والمواطنين عن تعطل الخدمات، ونُحمّل رئيس الحكومة شخصياً مسؤولية الاحتقان الذي يعيشه القطاع. لقد كنا مضطرين إلى الإضراب بهدف إرسال إشارات إلى الحكومة، وتنبيهها حتى تعود إلى جادة الصواب، ولا نسعى إلى عرقلة المنظومة الصحية. نجدّد اعتذارنا للمواطنين ونؤكد لهم أن الحل ليس بأيدينا، وإنما بيد رئيس الحكومة".
ويقضي الاتفاق بين النقابات والحكومة الذي جرى التوقيع عليه في 23 يناير/كانون الثاني الماضي بزيادة عامة في الأجر الثابت قيمتها 1500 درهم مغربي (نحو 150 دولاراً أميركياً) صافية لكوادر هيئة الممرّضين وتقنيي الصحة والممرّضين المساعدين والممرّضين الإعداديين، تُدرج في خانة التعويض عن الأخطار المهنية. كذلك، تأتي زيادة عامة في الأجر الثابت قيمتها 1200 درهم (نحو 120 دولاراً) صافية تُدرج في الخانة نفسها، لمهنيي الصحة من فئات المساعدين الإداريين والتقنيين والمحرّرين وتقنيي النقل والإسعاف الصحي ومساعدي طب الأسنان والمساعدين في العلاجات والمتصرّفين والمهندسين.
وتضمّن الاتفاق كذلك "تحسين شروط الترقيات، وإضافة درجة جديدة، وإقرار مباريات داخلية مهنية، واعتماد صيغة مثلى لحساب قيمة التعويضات عن الحراسة والإلزامية والمداومة، مع رفعها من خلال المرسوم المنظّم لمواقيت العمل في المجموعات الصحية الترابية". كذلك، جرى الاتفاق على صرف تعويض خاص بالعمل في البرامج الصحية، بما في ذلك طب الأسرة، وطب الإدمان، ووحدات طب الشغل، والعلاجات المتنقلة، وعن العمل في اللجان الطبية الإقليمية لفائدة جميع مهنيي الصحة العاملين في جميع مصالح شبكات المؤسسات الصحية ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وذلك كلّ ثلاثة أشهر تُحتسَب منذ نهاية شهر يناير 2024.