إزمير لؤلؤة إيجه... آخر الكنوز ساحلٌ من العصر الحجري

10 أكتوبر 2024
في ساحل إزمير (برقان ستين/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تُعتبر إزمير وجهة سياحية بارزة في تركيا بفضل تنوع معالمها الطبيعية والتاريخية، حيث تجمع بين البحر والشواطئ والغابات، وتاريخها العريق الذي يمتد لأكثر من 8500 سنة، مما جعلها تستحق لقب "لؤلؤة بحر إيجه".

- تضم إزمير مواقع أثرية مهمة مثل معبد أغورا ومدينة أفسس القديمة، حيث تم اكتشاف كنوز أثرية تعود لآلاف السنين، مما يضيف لجاذبيتها كوجهة تاريخية وسياحية فريدة.

- تشتهر إزمير بشواطئها الساحرة مثل شاطئ إليكا، وتحتوي على متاحف متنوعة ومدن تاريخية، مما يعزز مكانتها السياحية العالمية.

من النادر أن تجمع ولاية واحدة في تركيا كل المعالم الحضارية والتاريخية والطبيعية المميزة لتحقيق الشهرة والجاذبية السياحية، لكن هذا الأمر يحصل في إزمير من خلال البحر والشواطئ والغابات، ما يجعلها تستحق بجدارة لقب لؤلؤة بحر إيجه في ظل تواصل مسارها الحضاري منذ 8500 سنة شهدت تعاقب الغيثيين والرومان والبيزنطيين والعثمانيين عليها، ثم حظيت برعاية خاصة منذ حررها الأتراك من اليونانيين عام 1922.

وتكثر المعابد الأثرية المفتوحة في إزمير، مثل معبد أغورا الذي يتضمن بقايا مدينة أغورا القديمة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الرابع قبل الميلاد. والعام الماضي، اكتشفت بعثة معهد الآثار النمساوي مجمّع مدن قديمة في "أفسس" يعود إلى نحو 1400 عام، وعثرت على كنوز فخارية تحتوي طعام حِقب قديمة، مثل محار وبلح بحر وبقايا أسماك مخللة، فضلاً عن أطعمة أخرى، من بينها خوخ ولوز وزيتون وحمص، وذلك ضمن منطقة سكنية مساحتها 170 متراً مربعاً تضم بئراً ومطابخ ومخازن ومطاعم وورشاً ومحلات تجارية.
وقبل أيام أعلنت البعثة التركية للتنقيب عن الآثار في منطقة ليمان تبه بإزمير اكتشاف ساحل يعود تاريخه إلى العصر الحجري الحديث (9000 – 4500 قبل الميلاد)، على عمق 500-600 متر تحت سطح البحر، ما يشكل ميزة إضافية في إزمير قد لا تضاهيها ولاية أخرى.

وضعت اكتشافات مدينة أفسس إزمير على الخريطة السياحية والتاريخية لتركيا (كمال أصلان/ فرانس برس)
وضعت اكتشافات مدينة أفسس إزمير على الخريطة السياحية والتاريخية لتركيا (كمال أصلان/ فرانس برس)

وقال رئيس فريق التنقيب في ليمان تبه شاه أوغلو لوكالة الأناضول: "أجرينا أعمال حفر جديدة في قاع المرفأ الغائر الذي كان في الماضي جزءاً من اليابسة، وظل تحت الماء في العصور اللاحقة، وذلك بعد تنفيذ عمليات تنقيب لحطام سفن قدمت معلومات جديدة كأنها كبسولة تعود بالإنسان إلى الماضي، ثم عثرنا على طبقة جديدة في قاع المرفأ يعود تاريخها إلى 5300 عام". يضيف: "تستمر الاكتشافات المثيرة في عمليات التنقيب على اليابسة وتحت الماء في منطقة ليمان تبه التي تقع على طرق التجارة التاريخية في منطقة الأناضول، ونعرف أن منطقة ليمان تبه استضافت مستوطنات بشرية منذ العصر النحاسي الأوسط".
وكشفت عمليات التنقيب المدعومة من وزارة الثقافة والسياحة التركية العديد من القطع الأثرية من طبقات تاريخية مختلفة في المنطقة التي يعود تاريخها إلى سبعة آلاف عام، بالتوازي مع العثور على عينات خزفية من تلك الفترة وطبقة من الحجارة الكبيرة في قاع البحر.

شاطئ إليكا الساحر في إزمير (خليل فيدان/ الأناضول)
شاطئ إليكا الساحر في إزمير (خليل فيدان/ الأناضول)

ويقول الخبير السياحي التركي سردار دونميز لـ"العربي الجديد": "تنقل اكتشافات ليمان تبه التي تلت اكتشافات أفسس ولاية إزمير إلى مكانة أخرى على الخريطة السياحية والتاريخية التركية، فهي كم هائل من الإرث الحضاري الفريد. نتكلم عن أفسس وبرغاما ومتروبوليس وسميرنا، والآن ليمان تبه. وهذه المدن والأسرار بدأت تكشف عن تاريخ يعود إلى نحو 7000 سنة ومدن ما يسمى إقليم إيونية الواقع على الساحل بين ولايتي إزمير وأيدين".
يضيف: "يجب أن ننتظر ما سيكتشف على الساحل ليضاف إلى مكتبة سيلسوس وبوابة هادريان ومعبد دوميتيان وبوابة مغنيسيا ونافورة تراجان كي تتكامل المرحلة. ويجب أن نشيد بجهود خبراء معهد الآثار النمساوي ودعم وزارة الثقافة والسياحة التركية لنقل هذه الكنوز للمعاصرين بعدما فتحوا أمامنا باب مغارة ديكيلي بإزمير قبل عامين للتعرف إلى خبايا 14 ألف عام من رحلة تطوير الحضارة الإنسانية، وأدرجوا قبل ذلك في برغاما على قائمة يونسكو للتراث العالمي، واكتشفوا ثمانية مواقع دينية جديدة والعديد من التماثيل في برغاما ومحيطها".
وتزداد الاكتشافات في ولاية إزمير التي أسسها الإغريق، وعرفت باليونانية باسم سميرنة أو سميرنا، وسمّاها ابن بطوطة بزمير، وتتالت عليها الحضارة اليونانية والبيزنطية والسلجوقية، ثم العثمانية، خاصة في المقاطعات الثلاثين التي تعج معظمها بالآثار والجمال والخضرة، ما ربّع إزمير الضاربة في التاريخ منذ أكثر من 8000 سنة على عرش مدن إيجه وكنوزها المكتشفة. وأضيف إلى الاكتشافات معبد أرتميس ومدينة اليانوي القديمة وكنيسة آية فوتيني وبازار كيميرتي والمصعد التاريخي وبيت الأم مريم، الذي يصفه الأتراك بأنه من عجائب الدنيا.
ويعزز اكتشاف الساحل التاريخي الجديد في عمق البحر أهمية وشهرة وجذب شواطئ الولاية ألتينكوم، إليكا، باموشاك، ميموزا، جومولدور، كوكورالتي هالك، كوي، بيرلانتا، كوكاكوم شاطئ بوياليك هالك. وهي تجعل إزمير مقصداً للسياح الأوروبيين ورجال الأعمال والميسورين حول العالم. وعلى سبيل المثال، يعتبر شاطئ إليكا الساحر الواقع في شبه جزيرة تشيشمي والحائز على العلامة الزرقاء ويتميز برماله الشهيرة والخضرة المدهشة حوله، مركزاً للرياضات المائية، مثل ركوب القوارب والتجذيف بالكاياك والغطس. ويتميز شاطئ إليكا بأن ينابيع حرارية من قاع البحر تسخّن مياهه. 
ومن الآثار القديمة في إزمير قلعة كاديفيكالي المصنّفة أفضل الأماكن الأثرية والسياحية، وتزخر بكتابات ونقوش رومانية وبيزنطية تتوزع على معظم الجدران.
وللمتاحف في إزمير حكايات وأنواع وتخصصات، مثل متحف أغورا، الذي أنشئ على بقايا معبد يحتوي على تمثال البوسيدون الذي يُسميه الإغريق إله البحر.

ويعتبر متحف الآثار المفتوح بإزمير، وهو أكبر المتاحف المفتوحة في الجمهورية التركية، من ميزات إزمير، ويضم عدداً هائلاً من القطع الأثرية من الحضارات البيزنطية والرومانية، ويقع في قلب مدينة إزمير، وهو من أغرب المتاحف المفتوحة لأنه موجود في الهواء الطلق، ويعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد، ويتألف من عدة طوابق مبنية على أقواس وأعمدة حول رباعية كبيرة من الرخام.
وتتبع مدينتان تاريخيتان لولاية إزمير، الأولى سميرنا المُصنفة بأنها من أهم المدن الإغريقية في تركيا، وتقع على الساحل الغربي لهضبة الأناضول على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، والثانية مدينة أفسس التي تعتبر من أعظم مدن الإغريق القديمة، وتأسست في القرن العاشر قبل الميلاد.
ولأوابد وكنوز أفسس حكايات مستقلة تنقل بعضها آثار مكتبة سيلسوس، والمسرح الكبير، وبيت مريم العذراء ومعبد أرتميس.

المساهمون