في وقت قرر مجلس أمناء جامعة بيرزيت شمال رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة الليلة الماضية، الموافقة على توصية من رئيس الجامعة بتعليق العمل في الجامعة بالكامل لفترة أسبوع ابتداء من اليوم الثلاثاء، مع إخلاء تام للحرم الجامعي، يواصل 13 من أعضاء الهيئة الإدارية والعامة لنقابة أساتذة وموظفي الجامعة إضرابهم عن الطعام لليوم التاسع، للمطالبة بحقوق نقابية.
ويعني إخلاء جامعة بيرزيت إخراج 13 من أعضاء الهيئة الإدارية لنقابة أساتذة وموظفي الجامعة وأعضاء الهيئة العامة للنقابة، مضربين عن الطعام منذ 9 أيام لتحقيق مطالب النقابة.
وجاء في بيان صادر عن مجلس الأمناء صدر مساء الإثنين، أن القرار جاء على ضوء الظروف الاستثنائية التي تمر بها الجامعة، وما اعتبره تصعيدًا خطيراً في إجراءات الهيئة الإدارية لنقابة العاملين، وما وصلت إليه الأمور من تهجم على اجتماع مجلس الجامعة حسب البيان، واستناداً إلى المادة 48 من القانون العام للجامعة.
وبرر مجلس الأمناء القرار بأنه لحماية الجميع، وبهدف إتاحة الفرصة لإنهاء الأزمة من خلال الحوار الهادف والبنّاء وللتجاوب مع المبادرات المختلفة التي تقدّمت بها هيئات مسؤولة رسمية وأهلية للوصول إلى حل جذري ومنصف للجميع.
وكان مجلس أمناء الجامعة استنكر في بيان آخر ظهر الإثنين، ما اعتبره تهجماً من نقابة العاملين وبعض مؤيديها على أعضاء مجلس الجامعة أثناء اجتماعهم صباح أمس، داخل حرم الجامعة، معتبراً أن ذلك تصرف يتناقض كلياً مع روح الجامعة ومبادئها التي تستند إلى صون الحقوق والحريات كافة وتنتهج أسلوب الحوار الحكيم والمسؤول بهدف الوصول إلى اتفاق.
واعتبر مجلس الأمناء "أن هذا التصعيد نتيجة لسلسلة من الممارسات، واستخدام خطاب التهديد والتحريض والتعرض للأفراد من طرف نقابة العاملين".
لكن نقابة أساتذة وموظفي جامعة بيرزيت أكدت في رسالة لأعضائها، أن بيان الجامعة الأول يقوم بتجريم وقفة احتجاجية شرعية ضمت حشدا واسعا من أساتذة وموظفي الجامعة أمام مبنى الرئاسة وتخللتها وقفة أمام قاعة اجتماع مجلس الجامعة لفترة قصيرة تم خلالها التصفيق والهتاف لإعلاء الصوت وإيصال رسالة لمجلس الجامعة بوجوب الالتزام بحقوق العاملين.
أما في البيان الثاني لمجلس الأمناء الذي أعلن فيه عن تعليق العمل في الجامعة بالكامل لفترة أسبوع وإخلاء الحرم الجامعي بهدف إتاحة الفرصة لإنهاء الأزمة من خلال الحوار وللتجاوب مع المبادرات المختلفة للوصول إلى حل جذري ومنصف للجميع، فإن النقابة أكدت أنها في حالة انعقاد لتدارس الأوضاع وتحديد الخطوات القادمة.
إضراب عن الطعام واعتصام مفتوح
وكان عاملون في الجامعة نظموا اعتصاما أمام مبنى رئاسة الجامعة تزامنا مع مؤتمر صحافي لمجلس الطلبة، وانتقل المعتصمون إلى داخل المبنى وتحديدا بوابة قاعة كان تضم اجتماعا لمجلس الجامعة، وهتف المشاركون في الفعالية، منددين هتاف "ارحل"، كما قاموا بالطرق على خزانة حديدية خاصة بالإطفاء بأيديهم، وكانوا يصفقون خلال الهتاف، كما صفقوا أثناء خروج أعضاء مجلس الجامعة من المبنى تباعا.
ويواصل 13 إضرابا عن الطعام واعتصاما مفتوحا داخل الجامعة منذ 9 أيام، وقد اتخذت الهيئة الإدارية للنقابة قرارا بالإضراب بعد إعلان الجامعة صرف سلفة من الراتب بقيمة 50٪ في الـ19 من الشهر الجاري، مبررة ذلك بعدم توفر سيولة بسبب استمرار تعطيل الدوام والذي اعتبرته غير قانوني في رسالتها الموجهة للعاملين، بينما اعتبرت النقابة القرار عقابا للعاملين بسبب إجراءاتهم النقابية.
وتقول رئيسة نقابة العاملين في الجامعة لينة ميعاري لـ"العربي الجديد": "هناك توافد لأعداد كبيرة من العاملين، يعقدون حلقات نقاش حول قضايا الجامعة وبنيتها وأهدافها ورؤيتها والشكل الذي نريده لها، ومعنى العمل النقابي وأهميته وتاريخه، وهذه عادة لا تتم في الحياة اليومية حيث كل زميل في مكتبه، فقد أنشأ هذا النضال شكلا جديدا من التجمع، وفرصة لشعور جمعي، بأننا نتناول القضايا ونبني رؤيتنا معا".
طاقم طبي لفحص المضربين
وحول خصوصية المضربات تقول لينة: "إنهن أربع، اتخذن القرار بالإضراب عن وعي، مع إدراكهن لآثاره، لا سيما بوجود مشكلات لبعضهن في الابتعاد عن أطفالهن وبيوتهن، وهي ليست قضية سهلة، وبعض الأطفال يأتون إلى أمهاتهن للزيارة، لكن الزميلات متماسكات صلبات، ومدركات أن هذا النوع من النضال مهما كان صعبا في تفاصيله، إلا أن هناك إيمانا بأن تحقيق الحقوق لا يكون دون تضحيات".
عضو الهيئة الإدارية للنقابة رافي عصفور، يشير في حديث مع "العربي الجديد"؛ إلى حضور طاقم طبي لفحص المضربين، ثم تبدأ رحلة من اللقاءات والاجتماعات، مؤكدًا أن "الغرف الصحية غير مهيأة للمبيت".
ويؤكد عصفور أن يوم المضربين متعب، فهم من ناحية منقطعون عن الطعام بما يؤثر على الجسد، ومن ناحية أخرى مسؤولون عن حوارات واجتماعات متواصلة مع الزملاء وأطراف وساطة، وهمهم الأكبر التوصل للحل وتحقيق المطالب.
وقررت النقابة الإضراب بعدما أعلنت الجامعة في 19 سبتمبر/أيلول الجاري، صرف سلفة بقيمة 50% من الراتب، بسبب النقص الحاد في السيولة الناتج عن استمرار تعطيل العمل والتدريس الذي اعتبرته غير قانوني كما قالت الجامعة في رسالتها للعاملين فيها.
وتقول لينة ميعاري إن الإضراب جاء بسبب استشعار النقابة للخطر، وبوجود خطوة عملية لمعاقبة من يطالبون بالحقوق بدلا من الاستجابة لهم.
وترفع النقابة عدة مطالب أبرزها تطبيق اتفاق الكادر للعام 2016، بإضافة نسبة 15% ضمن الراتب الأساسي وليس كمبلغ مقطوع كما هو الحال الآن، الأمر الذي يحرم العاملين من الحقوق المترتبة على الاتفاق بما فيها تلك المرتبطة بزيادة الراتب التقاعدي، وبدأت إضرابا عن العمل في 24 أغسطس\آب الماضي، بعد سلسلة إجراءات احتجاجية جزئية إثر إعلان نزاع العمل في 21 يونيو\ حزيران الماضي.
الجامعة تؤكد التزامها باتفاق الكادر
لكن الجامعة ردت أمس الإثنين بـ"بيان حقائق" بأنها التزمت باتفاق الكادر الذي كان وقع عام 2016 بين إدارات ونقابات خمس جامعات، وتلا ذلك بعد أقل من شهر حسب البيان، اتفاق ثنائي مع نقابة بيرزيت حول آلية التنفيذ، نص على أن تضاف نسبة 15% كمبلغ مقطوع، وأشارت الجامعة إلى أن وزارة العمل صاحبة الاختصاص اعتبرت أن الجامعة أوفت بالتزاماتها.
في المقابل، فإن النقابة تؤكد أنها تخوض منذ بداية العام الدراسي الحالي حوارات ومفاوضات، دون أي استجابة من إدارة الجامعة، ما دفعها إلى التصعيد.
وكان مجلس طلبة الجامعة طالب في بيان له تلاه رئيس المجلس يحيى قاروط ظهر أمس، خلال وقفة أمام مبنى رئاسة الجامعة؛ إدارة الجامعة بالقيام والسير في حل أزمة إضراب أساتذة وموظفي الجامعة بخطى إيجابية في سبيل تحقيق حقوق الأساتذة وعودة العملية التعليمية لطبيعتها.
كما طالب كلًّا من إدارة الجامعة والنقابة بالتحلي بروح الحل، وقال" إن أكثر ما يقلق المجلس والطلبة، رؤية معلميهم وأساتذتهم يضربون عن الطعام من أجل حقوقهم".
يأتي ذلك كما قال رئيس مجلس الطلبة في ظل ما آلت إليه الأوضاع من إغلاق أبواب الجامعة وتأخير انتهاء الدورة الصيفية التي كان من المفترض أن تنتهي قبل شهر، وما لذلك الأثر من تأخير في بدء الدوام للفصل الأول في العام الدراسي الجديد.