بدأت سلطات محافظة الإسكندرية، شمالي مصر، بتطبيق إجراءات أمنية استثنائية حول المعابد اليهودية، بالتزامن مع استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري على قطاع غزة، وسقوط آلاف الشهداء والجرحى الفلسطينيين.
وقد شُدّدت القبضة الأمنية في مدينة الإسكندرية من خلال تدابير غير مسبوقة عزّزت الحراسة أمام المعابد اليهودية والمواقع والمنشآت الحيوية، في حين نُشرت قوات الأمن وقوات التدخّل السريع في محيط الجامعات والأماكن التي تشهد تجمّعات، إلى جانب إقامة نقاط أمنية ثابتة وأخرى متحركة تشمل كذلك مداخل المدينة الساحلية ومخارجها.
وأفاد شهود عيان "العربي الجديد" بأنّ حواجز حديدية وُضعت وشُغّلت كاميرات مراقبة في الشوارع المحيطة بالمعبد اليهودي بمنطقة المنشية ومحطة الرمل، مع استحداث مسارات مرور في المناطق المحيطة، بالإضافة إلى تكثيف الدوريات الأمنية الثابتة والمتحرّكة وتعزيز وحدات الانتشار السريع في الشوارع والميادين الرئيسية.
ومن بين الإجراءات الأمنية، وُضعت صدادات حديدية حول حرم كلّ معبد، مع عمليات تحقّق من هويات الأشخاص المتردّدين إلى المناطق المحيطة بالمعابد، إلى جانب التعامل مع أيّ جسم غريب يُشتبه فيه بالمحيط وذلك بمعرفة إدارة الحماية المدنية.
وكانت الإسكندرية قد شهدت حادثة قتل سائحَين إسرائيليَّين بعدما أطلق عنصر في الأمن المصري النار على فوج سياحي بالإسكندرية من سلاحه الفردي عشوائياً في منطقة كرموز غربي المدينة، بعد يوم واحد من إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى، وتنفيذ الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية مكثفة وواسعة النطاق ضد قطاع غزة.
يُذكر أنّ شرطياً مصرياً قتل في يونيو/ حزيران الماضي ثلاثة جنود إسرائيليين بالرصاص، قبل أن يلقى مصرعه، بعد أن عبر الحدود إلى صحراء النقب.
وتضمّ الإسكندرية، عاصمة مصر الثانية، معابد يهودية عدّة، من دون أن تُمارَس فيها الشعائر الدينية، لعلّ أشهرها كنيس "إلياهو حنابي" في شارع النبي دانيال، وهو من أقدم وأشهر معابد اليهود في المدينة، إلى جانب كنيس "دي منسى" في منطقة المنشية. يُذكر أنّ الحكومة المصرية كانت قد أعادت افتتاح كنيس "إلياهو حانبي" في يناير/ كانون الثاني من عام 2020 بعد أعمال ترميم.
وقد عبّر عدد من شاغلي العقارات المجاورة للمعابد اليهودية، خصوصاً أصحاب المحال في منطقتَي المنشية ومحطة الرمل وسط المدينة حيث كنيسا "إلياهو حنابي" و"دي منسى"، عن انزعاجهم من الإجراءات الأمنية المشدّدة حول تلك المعابد المغلقة في الأساس، والتي لا يتردّد أحد عليها بسبب تناقص أعداد اليهود في المدينة. وأشاروا إلى أنّ الانتشار الأمني الملحوظ جعل المكان أشبه بثكنة عسكرية.
وتحدّث شاغلو العقارات المجاورة عن انتشار واسع النطاق لعناصر الأمن "السريين" لمنع أيّ ردود فعل أو أعمال انتقامية ضدّ المنشآت اليهودية، خصوصاً مع خروج تظاهرات داعمة للشعب الفلسطيني والتنديد بالجرائم الوحشية التي ينفّذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
من جهة أخرى، كثّفت إدارة شرطة المرافق حملاتها الخاصة بإزالة مخالفات الباعة الجوالين ورفع المركبات المتروكة منذ مدة أمام المعابد والمنشآت المهمّة والسياحية، إلى جانب توسيع عمليات التحقق من الأشخاص في المناطقة المحيطة.
وكانت حملة نفّذتها الأجهزة الأمنية في الإسكندرية للتحقق من الوحدات السكنية المفروشة والفنادق الصغرى، من أجل ضبط الأفراد المشتبه في إقامتهم فيها. كذلك طالب رؤساء مباحث الأقسام الأمنية سماسرة الشقق المفروشة بالإبلاغ سريعاً عن أيّ شخص يُشتبه فيه، لا سيّما الأفراد المقيمين من دون عائلاتهم.
وأفاد مصدر أمني في مديرية أمن الإسكندرية "العربي الجديد" بأنّ السلطات "اتّخذت احتياطات أمنية استثنائية"، من خلال تشديد الإجراءات الاحترازية عند مداخل المحافظة ومخارجها لضمان سرعة الانتقال ومواجهة أيّ أحداث طارئة بحزم. وأوضح المصدر نفسه أنّ "الحماية الأمنية متوفّرة دائماً في المدينة، غير أنّها عُزّزت في الأيام الاخيرة بسبب ما يجري (في غزة) والظروف الراهنة التي تمرّ فيها البلاد".
وتحدّث المصدر نفسه عن "تنفيذ خطط جديدة للتأمين وخطوات استباقية مع رفع مستوى التأهب حول كلّ المنشآت، بما يضمن اليقظة التامة، وسط انضباط قوات الأمن وحسن معاملة المواطنين"، موضحاً أنّها تشمل "تمشيط الشوارع المحيطة بالمعابد اليهودية، والاعتماد على دور العناصر السريين المهمّ في مواجهة أيّ اعتداءات محتملة، مع التحقّق جيداً من كلّ حالات الاشتباه".