أوروبا تدعو إلى ترحيل المهاجرين فوراً وخلاف حول استراتيجية إيطاليا

18 أكتوبر 2024
وصول مهاجرين إلى إيطاليا بعد إنقاذهم من مياه البحر الأبيض المتوسط، 16 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكدت قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل على ضرورة تسريع ترحيل المهاجرين غير النظاميين، ودعت المفوضية الأوروبية لتقديم اقتراح تشريعي جديد، وسط جدل حول فعالية وكلفة "مراكز العودة" المقترحة.
- تزايدت الضغوط من أحزاب اليمين المتطرف، مما دفع الحكومات لتشديد سياسات الهجرة. واقترحت رئيسة المفوضية قانوناً جديداً لتسهيل الترحيل، رغم انخفاض العبور غير النظامي.
- تواجه القمة تحديات داخلية مثل العجز في ميزانية فرنسا، مما يعقد المحادثات حول الهجرة، مع مخاوف من عدم التوصل لاتفاق شامل.

رفعت الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي، في قمّة، أمس الخميس في بروكسل، أصواتها ضدّ الهجرة غير النظامية، داعيةً "بصورة عاجلة" إلى قانون يسرّع عمليات ترحيل المهاجرين، وذلك في ختام مناقشات أبرزت كذلك خلافات حادة داخل التكتّل الأوروبي حول هذا الموضوع.

وشدّدت الدول الأعضاء، في استنتاجات القمة، على أنّ "المجلس الأوروبي يدعو إلى اتخاذ إجراءات حازمة على كلّ المستويات لتسهيل عمليات العودة (ترحيل المهاجرين) وزيادتها وتسريعها انطلاقاً من الاتحاد الأوروبي". كذلك دعت هذه الدول المفوضية الأوروبية إلى تقديم "اقتراح تشريعي جديد" في هذا الإطار، في أقرب وقت ممكن. وكانت رئيسة المفوضية أورسولا فون ديرلاين قد استلمت زمام المبادرة، يوم الاثنين الماضي، إذ اقترحت قانوناً جديداً لم يُحدَّد جدوله الزمني بعد.

في وقت سابق، ناقشت الدول الـ27 باستفاضة مسألة "مراكز العودة"، في سياق اقتراح نقل المهاجرين غير النظاميين إلى مراكز استقبال في بلدان خارج الاتحاد. وظهرت خلافات القادة الأوروبيين بعدما أرسلت إيطاليا دفعة المهاجرين الأولى إلى مركزَي استقبال في ألبانيا. وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إنّ مراكز العودة المُشار إليها لا تعالج أيّ مشكلة "بل تخلق مشكلات جديدة".

من جهته، قال المستشار الألماني أولاف شولتز: "لا بدّ من الحدّ من الهجرة غير النظامية. وفي الوقت نفسه، يجب أن يظلّ الاتحاد الأوروبي منفتحاً على هجرة العمالة الماهرة". أمّا رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس فكان قد صرّح، لدى وصوله إلى بروكسل، بأنّ "علينا أن نفكّر خارج الأنماط المعهودة".

"مراكز العودة" نقطة جدال

بحث القادة الأوروبيون خصوصاً في اقتراح "مراكز العودة" المثير للجدال، والذي يعني نقل المهاجرين إلى مراكز استقبال في دول خارج الاتحاد. وفي هذا الإطار، أبرمت إيطاليا، بقيادة رئيسة حكومتها وزعيمة حزب إخوة إيطاليا اليميني المتطرّف جورجيا ميلوني، اتفاقاً مثيراً للجدال مع ألبانيا، وقد وصلت بالفعل مجموعة أولى من المهاجرين غير النظاميين الذين جرى اعتراضهم في المياه الإيطالية.

وانتقد مسؤولون أوروبيون كثيرون هذه الفكرة. وقال شولتز، أمام الصحافة، إنّ هذه المراكز ليست سوى "قطرة في بحر"، وهي "ليست حلاً" لـ"الدول الكبرى" مثل ألمانيا. بدوره، قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو إنّ هذه المراكز "لم تثبت قطّ في الماضي" أنّها "فعّالة كثيراً وكانت دائماً مكلفة جداً". كذلك تعارض إسبانيا هذه الوسيلة، فيما تلزم فرنسا الحذر وتدعو إلى "تشجيع العودة حين تسمح الظروف بذلك"، بدلاً من ترحيل المهاجرين إلى "مراكز في دول أخرى".

من جهته، قال دبلوماسي أوروبي إنّ المباحثات "مبهمة وأولية"، وإنّ لا خطة متوفّرة بشأن "مراكز العودة"، متوقّعاً ألا تخرج القمة بـ"قرارات كبرى". وقد نظّم الإيطاليون اجتماعاً غير رسمي، بحضور ميلوني، لتشجيع "هذه الحلول المبتكرة" لمواجهة الهجرة، شاركت فيه نحو عشر دول، من بينها هولندا واليونان والنمسا وبولندا والمجر، كذلك حضرت رئيسة المفوضية الأوروبية.

تتولّى المجر، في ظلّ حكم رئيس الوزراء القومي فيكتور أوربان، الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي حتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2024، وهي سوف تستضيف القمة المقبلة في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في بودابست.

في مايو/ أيار الماضي، اعتمد الاتحاد الأوروبي ميثاق الهجرة واللجوء الذي يُفترض أن يدخل حيّز التنفيذ في منتصف عام 2026، مع تشديد التدقيق على الحدود وإنشاء آلية تضامن بين الدول الـ27 في معالجة طلبات اللجوء. وتدعو دول، مثل ألمانيا وفرنسا، إلى الإسراع في تطبيقه.

الهجرة "نحو اليمين" في أوروبا

عادت قضايا الهجرة لتطغى على جدول الأعمال الأوروبي، بدفع خاص من أحزاب اليمين المتطرّف التي تسجّل تقدّماً في كثير من دول أوروبا. وقالت زعيمة اليمين المتطرّف الفرنسي مارين لوبن، التي حضرت في بروكسل اجتماعاً لكتلة "وطنيون من أجل أوروبا"، وهي ثالث قوة سياسية في البرلمان الأوروبي بعد انتخابات يونيو/ حزيران الماضي، إنّ ثمّة جهات في الاتحاد الأوروبي "تسمع ما كنّا نقوله منذ سنوات".

وشدّدت حكومات عدّة لهجتها، وطالبت بتبسيط القواعد في مجال طرد المهاجرين غير النظاميين. وأشار دبلوماسي أوروبي إلى أنّ "المحرّك الفرنسي الألماني يدفعنا إلى التحرّك".

ووجّهت فون ديرلاين، يوم الاثنين الماضي، رسالة إلى الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي، مقترحةً قانوناً جديداً من شأنه مراجعة "توجيهات العودة" الصادرة في عام 2008، من أجل تسهيل عمليات الترحيل عند الحدود. وكانت مبادرة مماثلة قد فشلت في عام 2018، لكن "بعد ستّة أعوام، تطوّر النقاش (...) نحو يمين" الخريطة السياسية، بحسب ما أفاد به مسؤول أوروبي.

يأتي هذا التشدّد في اللهجة مع انخفاض عدد عمليات العبور غير النظامية التي رصدت على حدود الاتحاد الأوروبي، بنسبة 42% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقاً للوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس).

من جهة أخرى، تُعقَد القمة الأوروبية في مرحلة انتقالية في بروكسل، إذ يتولّى الفريق الجديد للمفوضية الأوروبية مهامه في مطلع ديسمبر المقبل. كذلك تُعقَد في وقت يواجه عدد من القادة الأوروبيين صعوبات في بلدانهم، ولا سيّما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ظلّ عجز الميزانية في فرنسا، والعلاقة الهشّة مع رئيس الوزراء الجديد ميشال بارنييه المنتمي إلى اليمين والذي يفتقر إلى غالبية في الجمعية الوطنية.

وقد أكد مسؤول كبير أنّ "المحادثات الأكثر حساسية" بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هي "بالتأكيد تلك المتعلقة بالهجرة"، فيما لم يخفِ خشيته من عدم توصّل الأوروبيين إلى اتفاق حول هذا الشقّ في البيان الختامي للقمة.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون