أهالي الشهداء الفلسطينيين يرفضون "ازدواجية المعايير" واستمرار الاحتلال في احتجاز جثامين أبنائهم
ما زالت الشابة مجد شجاعية، شقيقة الشهيد قيس شجاعية، من قرية دير جرير شرقي محافظة رام الله وسط الضفة الغربية، مصدومة من سرعة الإفراج عن جثمان إسرائيلي من الطائفة الدرزية، ومن حجم التدخّلات في هذا الإطار، بعد يومَين من احتجاز مقاومين جثمانه في مخيّم جنين شمالي الضفة الغربية، في حين تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي احتجاز جثامين 117 شهيداً فلسطينياً، من بينهم شقيقها.
يُذكر أنّ قيس شجاعية استشهد قبل 42 يوماً بعد تنفيذه عملية إطلاق نار بالقرب من مدينة رام الله.
وتشدّد مجد شجاعية على رفض ازدواجية المعايير الإنسانية والدولية في ما يخصّ التدخّل للإفراج عن الجثامين المحتجزة، وتقول لـ"العربي الجديد"، على هامش وقفة ومسيرة نظمّهما أهالي الشهداء في وسط مدينة رام الله: "نحن نحرص على المشاركة بالفعاليات المطالبة باسترداد الجثامين. شقيقي محتجز منذ 42 يوماً، لكنّ الصادم أنّ ثمّة شهداءً محتجزة جثامينهم في ثلاجات الاحتلال منذ أكثر من ستّ سنوات".
تضيف مجد: "لقد صُعقنا من ازدواجية المعايير وحجم التدخّل الدولي وغيره من أجل الإفراج عن جثمان الإسرائيلي في مخيّم جنين، فيما يُترَك أبناؤنا من دون تدخّل"، لافتة إلى أنّ "مطلبنا هو أن ندفن شهداءنا بكرامة. لذا نحن نسأل السلطة الفلسطينية التحرّك من أجل تحرير جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال".
أما فاطمة منصور، عمّة الشهيد محمود حميدان المحتجز جثمانه، من بلدة بدو شمال غربي القدس، فتشير بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الأهالي نظّموا هذه الفعالية كرسالة لرفض الازدواجية في المعايير الإنسانية والدولية في ما يتعلق بالتعامل مع جثة إسرائيلي، في حين أنّ أهالي الشهداء محرومون حتى من معاينة جثامين أبنائهم".
وترفض منصور أن "تُكال الإنسانية بمكيالَين"، متسائلة: "عندما تدخّل بعض الأطراف للإفراج عن جثمان الإسرائيلي، هل أُطلعت تلك الأطراف على قضية احتجاز جثامين أبنائنا؟".
وفي خلال الوقفة على دوار المنارة بمدينة رام الله، قال بسام حماد، والد الشهيد أنس حماد من بلدة سلواد شرقي محافظة رام الله، في كلمة، إنّ "أهالي الشهداء جاؤوا ليطالبوا بجثامين أبنائهم التي وصل عددها إلى 117 جثماناً، وأن يحتضنوها ويواروها الثرى بطريقة شرعية، بعد الصلاة عليها".
بدوره، تساءل حماد عن حجم الازدواجية الدولية في التعامل مع المعايير عند احتجاز جثمان الإسرائيلي.
من جهته، قال الأسير المحرّر فخري البرغوثي في كلمته إنّ أحداً لا يسمع معاناة أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم، فيما يتمّ الانحياز إلى جثّة إسرائيلي ويجري التدخّل بشكل سريع للإفراج عنها، مشدّداً على أنّ هذا الأمر يوجب على الشعب الفلسطيني مساندة أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم.
وفي الإطار نفسه، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس: "يجب عدم التعويل على المؤسسات الدولية، ومطلوب من الفلسطينيين أن يقوموا بعمل نضالي قائم على استراتيجيات تخسّر الاحتلال من احتجاز الجثامين"، داعياً الحركة الوطنية إلى عدم ترك أهالي الشهداء لوحدهم في هذه المعركة، إذ إنّ "مطلب أهالي الشهداء إنساني ونبيل، وهو حقّ أساسي".
كذلك، شدّدت الناشطة النسوية أمل خريشة في كلمتها على "تحيّز من قبل العالم والمؤسسات الدولية لدولة الاحتلال التي ترتكب جرائم حرب ضدّ الإنسانية من دون محاسبة"، مشيرة إلى أنّ "من حقّ أهالي الشهداء أن يواروا أبناءهم الثرى".
ودعت خريشة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى "رفع قضية تحرير جثامين الشهداء إلى المستوى الدولي وبقوّة، وإلى طلب جلسة خاصة لمجلس الأمن في هذا الخصوص".
وبعد الوقفة، جابت مسيرة شارك فيها عشرات من أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم ومن الأسرى المحرّرين وعدد من المسؤولين شوارع مدينة رام الله، وحملوا صور الشهداء ولافتات تشدّد على حقهم في استرداد جثامين أبنائهم.
وأطلق هؤلاء هتافات من قبيل "هاي صرخة الأمهات.. أولادنا بالثلاجات"، و"ما بدنا ازدواجية بحق الإنسانية"، و"ما بدنا كل الشعارات.. وولادنا بالثلاجات"، و"من رام الله لجنين بدنا بدنا الجثامين".