أهالي "أم صفا" يقاومون الاستيطان بإعمار أراضي القرية

20 اغسطس 2023
أهالي "أم صفا" خلال تنظيف الأراضي من الأعشاب (العربي الجديد)
+ الخط -

بدأ أهالي قرية "أم صفا" في الضفة الغربية المحتلة مرحلة جديدة من التصدي لمخططات الاستيطان عبر إعمار أراضيهم، بعد نجاحهم في إزالة بؤرة استيطانية في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي. لكن الوصول إلى تلك الأراضي، خصوصاً الواقعة أسفل الشارع الرئيسي الذي يحد القرية من الجهة الجنوبية، يظل محفوفاً بالمخاطر.
عقب إفشال الأهالي خطة إقامة البؤرة الاستيطانية عبر سلسلة من المسيرات والتظاهرات، التي شهدت استشهاد الفتى محمد البايض (17 سنة) من مخيم الجلزون، والشاب عبد الجواد صالح (24 سنة) من بلدة عارورة، انتقل المستوطنون إلى رعي الأبقار في الأراضي وهم مدججون بالسلاح، متسببين بإتلاف الأشجار، فضلاً عن مضايقتهم الأهالي، وتكرار الاعتداء عليهم.
في المقابل، قرر المجلس القروي تنظيم فعاليات لتعزيز صمود المزارعين بحضور متضامنين أجانب ومؤسسات رسمية، كوزارة الزراعة الفلسطينية وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، لضمان الوجود في الأرض وفلاحتها بما يمكن من تقليص وجود المستوطنين فيها.
بدأ الحاج نمر صباح (77 سنة) بمشاركة الأهالي في جمع وحرق الأعشاب اليابسة، فبقاء تلك الأعشاب يحفز تردد المستوطنين على تلك الأراضي، ويستخدمه جيش الاحتلال في ادعاء أنها أراضٍ متروكة. يقول صباح لـ"العربي الجديد": "بدأت المضايقات حين أقام مستوطنون بؤرة قبل أربعة أعوام على بعد 3 كيلومترات من وادي الزيتون، وفي يونيو/حزيران الماضي، قرروا إقامة خيمة في أرض وادي الزيتون، وبعد تمكن الأهالي من إزالة خيمتهم، انتقلوا برعي أبقارهم من الجهة المقابلة للقرية إلى الأراضي القريبة منها".
يضيف صباح أنه يواظب على زيارة أرضه بشكل يومي، ويحرص على رعايتها، داعياً كل أهالي القرية إلى فعل ذلك من أجل مقاومة المستوطنين. ويقول: "معاناتي مع الاحتلال تعود إلى عام 1982، حين أصدر جيش الاحتلال أمر مصادرة لأرضي، وأعلنها أراضي دولة، رغم أنني أملك أوراق ملكية منذ العشرينيات، وأوراقاً تعود إلى عام 1977، تثبت دفع ضريبة الخروب، ما يعني أنها أراضٍ خاصة".

الصورة
أطماع الاحتلال في أراضي الفلسطينيين تتزايد (العربي الجديد)
أطماع الاحتلال في أراضي الفلسطينيين تتزايد (العربي الجديد)

يتابع المسن الفلسطيني: "ما يقوم به المستوطنون هو تنفيذ لمخطط، وليس مجرد رعي أبقار، فهم أربعة مستوطنين مدججين بالأسلحة، ومعهم سبعة آخرون يحملون العصي والأسلحة البيضاء، وهم يؤذون الأهالي، والأبقار تأكل كل شيء، حتى الأشجار حديثة الزراعة. المخطط يشترك فيه جيش الاحتلال، فبعد إزالة الأهالي خيمة المستوطنين، هاجمهم الجيش بالغاز المسيل للدموع، لكن بعد أسابيع من المواجهات في القرية وعلى أطرافها، قرر جيش الاحتلال إزالة البؤرة".
ويشدد صباح على أن "من أصدر قرار إزالة البؤرة الاستيطانية يستطيع أن يصدر قراراً بمنع المستوطنين من الرعي في أراضينا، لكنهم يدعون أن الأراضي لا تتضرر من ذلك، وحين أخبرتهم أن الأشجار في أرضي تضررت قالوا لا علاقة لنا بذلك، ونحن ننظر إلى الأرض التي يوجد فيها المستوطنون حالياً. فهل يبقى المستوطن في مكان واحد؟ إنه يتنقل ويفلت أبقاره في أراضينا".

الصورة
يشارك متطوعون في تنظيف أراضي قرية "أم صفا" (العربي الجديد)
يشارك متطوعون في تنظيف أراضي قرية "أم صفا" (العربي الجديد)

بدوره، يؤكد رئيس المجلس القروي في أم صفا مروان صباح، لـ"العربي الجديد"، أن فعاليات الأهالي تعمل على تنظيف الأراضي التي ينوي المستوطنون السيطرة عليها عبر استقطاب مجموعة من المستوطنين للرعي فيها، مشيراً إلى أن الأراضي المهددة تقدر بأربعة آلاف دونم، وأن المستوطنين يعملون على إرهاب المزارعين لردعهم عن الوصول إلى أراضيهم واستصلاحها. لكن الأهالي قرروا اتباع عدة طرق للمحافظة على أراضيهم، منها المسيرات السلمية، وتعزيز صمود المزارعين عبر الوجود معهم، ووجود ممثلين للمؤسسات الرسمية.
ويدعو مروان صباح الحكومة الفلسطينية إلى إقامة مشاريع حيوية في المناطق المصنفة "ب" وفق اتفاق أوسلو، والتي تحاذي المناطق المهددة، وقد وفر المجلس القروي قطعة أرض بمساحة 20 دونماً لإقامة مستشفى أو حديقة عامة.

ويعتبر عمر طناطرة (50 سنة)، وهو صاحب أرض في أم صفا، أن حاجز الخوف لدى المزارعين قد انكسر، وأنه شخصياً يقوم بشكل متواصل بالاعتناء بكل شؤون أرضه، داعياً جميع الأهالي إلى فعل ذلك، ويقول لـ"العربي الجديد": "أجدادنا زرعوا هذه الأرض بالزيتون، واليوم يأتي مستوطن للرعي فيها، وتقوم أبقاره بأكل أغصان الزيتون. يجب أن نمنع المستوطنين من الوصول إلى أراضينا".
وتعرضت قرية أم صفا لهجوم من المستوطنين في 24 يونيو الماضي، بعد أيام من هجوم كبير على بلدة ترمسعيا شمال شرق رام الله، واعتبر الأهالي ذلك الهجوم رداً على تمكنهم من إزالة البؤرة الاستيطانية، قبل أن يتخذ جيش الاحتلال قراراً على وقع الاحتجاجات المتواصلة من الأهالي بإزالة البؤرة في 14 يوليو الماضي.

المساهمون