قدّمت لجنة من خبراء الصحة، وهم خبراء في اللّجنة الاستشارية لممارسات التحصين في الولايات المتحدة، مشورتها بشأن توزيع لقاح فيروس كورونا في مراحله الأولى على المجتمعات الأكثر تضرراً، بما في ذلك المجتمعات التي تضمّ أغلبية من ذوي البشرة السوداء، وذوي الأصول اللاتينية، إلى روبرت ر. ريدفيلد، مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية. وبحسب الخبراء، فإنّه انطلاقاً من مبادئ العدالة والإنصاف، لا بدّ من توزيع اللقاح على نطاق واسع في المناطق الأكثر تضرراً. إلاّ أنّ هذا النهج، قد يواجه بعض التحديات القانونية والسياسية، حتى في الوقت الذي يصارع فيه النظام الطبي العقبات اللوجستية المتوقعة لتوزيع اللقاحات الجديدة، بحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وتقوم المجموعة التي تُعنى بصياغة خطّة التخصيص، والتي تتكوّن من خبراء في الطب أو الصحة العامة، لوضع لقاح فيروس كورونا في الجداول الزمنية لتقديم اللقاحات الأخرى، لأمراض كالإنفلونزا أو جدري الماء.
وستناقش اللجنة مجموعة متنوّعة من القضايا الأخلاقية، خلال اجتماعها المقبل يوم الجمعة المقبل، لكن الأعضاء يقولون: "إنّ اللجنة لن تصوّت على اقتراح نهائي حتى يتلقى اللقاح إمّا الموافقة الكاملة أو إذن استخدام الطوارئ من إدارة الغذاء والدواء". يوجد حالياً أربعة لقاحات قيد التجارب في المرحلة الأخيرة في الولايات المتحدة.
مكافحة العنصرية
أشارت، هيلين غايل، الرئيسة المشاركة للجنة التي وضعت هذا الإطار، إلى أنّ القضية التي عالجتها لجنتها تتعلّق بمحاربة العنصرية، وليس العرق. وقالت "إنّ العنصرية تؤدّي إلى الضعف الاجتماعي، حيث يشغل الأشخاص وظائف منخفضة الأجر، ما يعرّضهم لخطر الإصابة بالعدوى، ويعيشون في أحياء وأسر مزدحمة".
وقالت غايل، وهي أخصائية في الأمراض المعدية، "لطالما كانت أوجه عدم المساواة في الصحة موجودة، ولكن في هذه اللحظة هناك يقظة لقوة العنصرية والفقر والتحيّز في تضخيم الآلام والصعوبات الصحية والاقتصادية التي يفرضها هذا الوباء".
وتعتقد اللجنة، أنّ هذه التأثيرات في الطريقة التي تمرض بها بعض المجموعات، بما في ذلك الأشخاص الذين يعيشون في أحياء مزدحمة، أو لديهم وظائف مثل مساعدين في دور رعاية المسنين، يتعرّضون للموت بمعدل أعلى بكثير من بقية السكان.
وترى، إيبوني برايس هايوود، مديرة مركز أبحاث النتائج والخدمات الصحية في Ochsner Health في نيو أورلينز، إنّ المواطنون في المناطق المزدحمة، يتعرّضون، على الأغلب، لفيروس كورونا، نتيجة غياب التباعد الاجتماعي، واستخدامهم وسائل النقل العام، كما ترتفع أرقام الإصابات بالفيروس في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والفقيرة. ورأت أنّ هذه المناطق المزدحمة، عادة ما تتداخل، مع غلبة للأسر من الأصول الأفريقية فيها.
ووفق تقرير اللجنة، فإنّ الجماعات العرقية والإثنية، بما في ذلك السود والأميركيون من أصل لاتيني والسكّان الأصليون، يتأثّرون بشكل غير متناسب بالوباء، ولذا فإنّ التخفيف من هذه التفاوتات، من خلال معالجة العبء الأكبر لفيروس كورونا، الذي يعاني منه هؤلاء السكان هو واجب أخلاقي لأيّ لقاح عادل.
توزيع اللقاح على 4 مراحل
تقترح لجنة CDC، إطاراً يقسّم سكّان الولايات المتحدة إلى أربع مجموعات واسعة، لتخصيص اللقاح عندما تكون الإمدادات شحيحة، بحيث يتم إعطاء اللقاح على مراحل. تقدّم المرحلة الأولى لقاحاً للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وهي مجموعة كبيرة تضمّ ما لا يقل عن 15 مليون شخص وتشمل العمّال ذوي الأجور المنخفضة، مثل مساعدي التمريض وخادمات المنازل في دور رعاية المسنين. وغالباً ما يتم تجاهل هذه المجموعات في مناقشات العاملين في مجال الرعاية الصحية، كما أشارت، غريس لي، عضو اللجنة من جامعة ستانفورد. وقالت لي: "يعتقد معظم الناس أنّ الطاقم الطبي هو فقط الأطباء والممرّضات، لكننا نعتمد على فريق كامل من الناس لرعاية المرضى والحفاظ على عمل أنظمة الرعاية الصحية لدينا".
فيما تتكوّن المرحلة المحتملة الثانية من عاملين أساسيين ليسوا في الرعاية الصحية، وهي مجموعة تضمّ المعلّمين، وتشمل أيضاً الأشخاص الموجودين في الملاجئ والسجون والمشرّدين، والموظفين الذين يعملون هناك. كما تشمل الأشخاص الذين يعانون من حالات طبية تعرّضهم لخطر كبير والأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً.
وتشمل المراحل اللاّحقة، الأشخاص الأقل عرضة للمخاطر حتى المرحلة النهائية، والتي تشمل جميع الأشخاص الذين لم يتمّ تقديم لقاحات لهم في المراحل السابقة.
وقال، إليس مونك، عالم الاجتماع بجامعة هارفارد الذي يدرّس العرق وعدم المساواة والصحة، إنّه "ليس من الواضح حتى الآن، من هي المجتمعات المتضرّرة بشدّة التي قد ترغب في أخذ جرعات إضافية من اللقاح المخصّص لهم".
ويصرّ أعضاء اللجنة أنّ المجتمعات التي تحصل على درجة عالية في مؤشر الضعف الاجتماعي، يجب أن يكون لديها إمكانية الوصول إلى اللقاح.
وقالت، بيث بيل، عضوة اللجنة في جامعة واشنطن في سياتل، إنّ مؤشّر الضعف الاجتماعي ليس هو المقياس الوحيد الذي يتمّ النظر فيه. وكتب، هارالد شميدت، الأستاذ المساعد في أخلاقيات الطب والسياسة الصحية في جامعة بنسلفانيا مؤخراً، في مجلة الطب الأميركيةJAMA، أنّ أيّ خطة تخصيص تتضمن صراحةً العرق كمعيار، يمكن أن تخضع للتحديات القانونية.
ويقول شميدت إنّ الفرق بين المؤشرين (العرق والضعف الاجتماعي) يؤدي إلى اختلافات صارخة في التخصيص، فعندما يتمّ توزيع المرحلتين الأوليتين من اللقاحات، سيتم تقديم 1.7 مليون جرعة إضافية لمجتمعات السود وذوي الأصول اللاتينية، باستخدام مؤشّر الضعف الذي تفضلّه الأكاديميات الوطنية بدلاً من مؤشر الحرمان، كما أفاد شميدت، وبالتالي فإنّ معيار الضعف الاجتماعي، يجب أن تكون له الغلبة في التوزيع.