يستقبل الفلسطينيون عام 2022 الجديد بالجلوس "على أنقاض" حياتهم السياسية والاجتماعية. يأمل بعضهم في قدوم عام أفضل يحمل محطات سياسية مفصلية تجلب التغيير، وآخرون في أن يحقق أمنياته الشخصية التي تزداد صعوبات تحقيقها وسط ظروف أكثر تعقيداً شهدها العامان الأخيران.
يُعرف الفلسطينيون بطباعهم التي تتميز بخفة الدم والسخرية من الواقع المؤلم، وهذا ما أوحى به السائق في مصلحة النقل العمومي حسن بلاصي من مخيم العروب شمال الخليل جنوب الضفة الغربية المعروف بـ"أبو محمد"، في حديثه لـ"العربي الجديد"، والذي قال فيه: "آمل في أن يكون العام الجديد أفضل وأن تخف أزمات الزحمة على الطرقات. أما بالنسبة لأمنيات حياتي المهنية فأرجو مثل باقي السائقين أن تتحقق أمور تجعل وضعنا أفضل، مثل تقليل الجهات الرسمية الضرائب المفروضة علينا، وتسهيل حصولنا على تراخيص وتأمين. وعلى الصعيد الشخصي، آمل في أن يوفق الله ابني الوحيد محمد في دراسته بتخصص التمريض، أما أنا فأعمل وعلاقتي جيدة مع الركاب منذ 13 عاماً، وتمتد ساعتين هما زمن الرحلة من محافظة الخليل جنوب الضفة إلى رام الله وسطها".
بدورها، تظهر طبيبة الأسنان من مدينة رام الله سناء علي (35 عاماً) ابتسامة في حديثها لـ"العربي الجديد"، وتقول: "الوضع سيئ جداً في هذا البلد، لذا لا أمنيات لدي لعام 2022". لكن الشابة هديل المالحي (21 عاماً) المتحدرة من القدس والتي تعمل في مجال تنمية الأطفال، تظهر ترحيباً أكبر بالعام الجديد التي تؤكد أنها تحرص على المشاركة في العد التنازلي لثوانيه العشر الأخيرة سنوياً، بحسب التقليد المتبع في التجمعات الصغيرة والكبيرة لليلة العيد، وتقول لـ"العربي الجديد: "آمل في أن ينعم الجميع براحة البال، وأن أعيش بسلام مع أحبابي الذين أدخل عاماً جديداً في صحبتهم. أما أهدافي في العام الجديد فتشمل زيادة الاهتمام بنفسي، ومحاولة إنجاح كل خطوة أقوم بها في العمل والحياة. وقد وضعت هدف تطوير نفسي العام الماضي، وحققته".
وانطلاقاً من أن كل شخص يبني أمنياته بحسب واقعه ومحيطه وما يجري حوله، يقول راعي الأغنام من منطقة الركيز غرب منطقة مسافر يطا جنوب الخليل جنوب الضفة، رائد حمامدة (44 عاماً) لـ"العربي الجديد": "أرجو أن يكف المستوطنون شرّهم عنا في العام الجديد. ليبعدهم الله عنا. وآمل في أن يهطل المطر الوفير كي تنبت الحشائش وأتمكن مع غيري من الرعاة في مسافر يطا من الرعي في كل المناطق، بدلاً من الاكتفاء بمحيط المناطق القريبة من المستوطنات، فالحقيقة أننا تعبنا ومللنا من حالنا، لكن لا بدّ من القول عساه عاماً جيداً، وكل عام والجميع بخير وببال هادئ".
وفيما لم يجلب عام 2021 الهدوء للفلسطينيات في ظل تزايد حالات تعنيفهن في الجامعات أو القرى والمدن باختلاف مواقعها الجغرافية، بحسب ما تنقل ناشطات في حركات نسوية، تقول الناشطة دينا إلياس من بيت لحم لـ"العربي الجديد": "أمنياتي الكبيرة أن ينعم الفلسطينيون بالخير والسلام، وتغادرنا جائحة كورونا، وتصبح حياتنا أفضل، لكن لا يبدو أن ذلك سيحصل". تضيف: "آمل في أن تمنح المرأة حقوقها الكاملة، وأن يختفي تعنيفها الذي يمارس بأشكال مختلفة، ويخضع منتهكو حقوقها لعقوبات حازمة ورادعة". أيضاً، يريد الشاب محمد أبو إرميلة (20 عاماً) من القدس أن يحالفه التوفيق في دراسته الجامعية لهندسة السيارات. ويحدد في حديثه لـ"العربي الجديد" أمنياته بأن "تجرى الانتخابات، وتأتي برئيس غير محمود عباس (أبو مازن)، ويتحسن الوضع الفلسطيني عموماً، وفي القدس خصوصاً". ويشير إلى أن مشاعره تتجه نحو أمنيات التحرير، "لكن عقلي يقول إن ذلك لن يحصل في الأمد القريب لأن إسرائيل في عز قوتها".
أما بالنسبة إلى الناشط موسى معلا (27 عاماً) من بيت لحم، فلا يرى أن التحرر من الاحتلال يكفي لجعل حال الفلسطينيين أفضل في العام الجديد، ويقول لـ"العربي الجديد": " ينقصنا كل شيء، حتى باتت مسألة جلب الهدوء إلى حياتنا وإعادة ترتيبها أولوية ثانية لنا، لأننا لا نعيش حياة طبيعية مطلقاً تخلو من الحواجز والاعتقالات والقتل واعتداءات مستوطنين علينا، والتبعية للاحتلال الإسرائيلي".
يضيف معلا الذي يملك مكتبة: "نحتاج إلى أن يؤمن الفلسطينيون ببعضهم البعض، لذا أتمنى أن يستعيد نسيجهم الاجتماعي دوره في حماية نفسه بنفسه في العام الجديد، بعدما تغير كثيراً وأصيب بعطب بسبب سياسة التمزيق التي تعرض لها طوال سنوات طويلة، وشاركت فيها السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي معاً، ما يعني أن التعافي سيحتاج إلى وقت طويل".