فُقد 41 شخصاً، من بينهم ثلاثة أطفال، بعد غرق قاربهم الذي انطلق الأسبوع الماضي في رحلة هجرة غير نظامية من سواحل صفاقس التونسية، وعلى متنه 45 مهاجراً، بحسب ما نقلته الأمم المتحدة عن أربعة ناجين نُقلوا إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
وأسفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والمنظمة الدولية للهجرة، في بيان مشترك أصدرته اليوم الأربعاء، لوقوع حادث "الغرق الرهيب" ليل الخميس-الجمعة (الثالث-الرابع من أغسطس/ آب الجاري) في البحر الأبيض المتوسط.
Three children confirmed dead in yet another tragic shipwreck in the Mediterranean Sea.
— Regina De Dominicis (@R_DeDominicis) August 9, 2023
أضافت الوكالات الثلاث التابعة للأمم المتحدة في بيانها أنّ "انقلاب القارب المصنوع من حديد" أتى وسط "أحوال جوية عاصفة تزيد من خطورة عمليات العبور بهذه القوارب الحديدية الصغيرة غير المناسبة للإبحار أصلاً". وتابعت أنّ "هذا يدلّ على انعدام ضمائر المتّجرين بالبشر، إذ إنّهم، بهذه الطريقة، يعرّضون المهاجرين واللاجئين لخطر مرتفع بالموت في البحر".
وتُظهر الأرقام التي جمعتها الأمم المتحدة أنّ أكثر من 1800 شخص لقوا حتفهم منذ يناير/ كانون الثاني الماضي في غرق قوارب بالبحر الأبيض المتوسط الذي يُعَدّ أخطر مسار للهجرة في العالم. ويناهز هذا الرقم تقريباً ضعف العدد المسجّل في العام الماضي.
ويوم الأحد الماضي، أفادت المنظمة الدولية للهجرة بأنّ 30 شخصاً على الأقلّ فُقدوا إثر غرق قاربَين يقلان مهاجرين قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. وقد أنقذت سفينة تجارية الناجين الأربعة، وهم قاصر يبلغ من العمر 13 عاماً غير مصحوب بذويه، وامرأة ورجلان. وقد رست السفينة، اليوم الأربعاء، عند ساحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية الصغيرة الواقعة ما بين تونس وصقلية، والتي صارت تُعَدّ البوابة المفضلة للمهاجرين المتجهين إلى أوروبا بسبب موقعها.
وقال الناجون الأربعة، وهم من غينيا وساحل العاج، إنّهم نجوا بعدما طفوا على إطارات مطاطية قبل أن يُنقلوا إلى سفينة، بحسب ما نقل عنهم الصليب الأحمر الإيطالي الذي يدير مركز استقبال المهاجرين في لامبيدوزا.
من جهتها، أفادت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) بأنّ إحدى طائراتها رصدت، صباح أمس الثلاثاء، "قارباً حديدياً على متنه أربعة أشخاص" في المياه الخاضعة للسلطة الليبية. وإذ كان القارب "ينجرف"، أطلقت "فرونتكس" تنبيهاً فأنقذت سفينة تجارية الركاب الأربعة وسلّمتهم إلى خفر السواحل الإيطالي.
متّجرون بالبشر "بلا ضمير"
وأوضح الصليب الأحمر الإيطالي أنّ القارب الذي يبلغ طوله سبعة أمتار انقلب من جرّاء موجة عاتية قذفت جميع ركابه في البحر، وعلى الرغم من أنّ 15 منهم كانوا يرتدون سترات نجاة فقد غرقوا على الأرجح.
وفي مواجهة هذه المأساة، أعادت الوكالات الثلاث التابعة للأمم المتحدة في بيانها "تأكيد الحاجة إلى آليات بحث وإنقاذ منسّقة"، وطلبت من الدول مجدداً "زيادة الموارد والقدرات للوفاء بمسؤولياتها بطريقة فعّالة".
وفي تصريحات لوكالة "فرانس برس"، قال المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة فلافيو دي جياكومو إنّ "البحر هائج جداً (...) إرسال مهاجرين في هذا البحر هو جريمة. المتّجرون بالبشر منعدمو الضمير فعلاً".
وأضاف أنّ "قوارب الحديد التي تُستخدم (لنقل المهاجرين) هي الأكثر هشاشة التي رأيتها في وسط البحر الأبيض المتوسط"، لكنّ "المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى مضطرّون إلى استخدام هذه القوارب منخفضة الكلفة التي تتعطّل بعد 20 إلى 30 ساعة من الإبحار. ومع ظروف مماثلة، ينقلب هذا النوع من القوارب بسهولة". وبالتالي "من المرجّح أن يكون عدد حوادث غرق القوارب أكثر ممّا نعرفه"، بحسب دي جياكومو. وهذه فرضيّة تدعمها زيادة عدد الجثث التي عُثر عليها في البحر على طريق الهجرة ما بين تونس وإيطاليا.
يُذكر أنّ نحو 94 ألف مهاجر غير نظامي وصلوا إلى السواحل الإيطالية منذ بداية عام 2023، أي أكثر من ضعف العدد المسجّل في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً للأرقام التي نشرتها وزارة الداخلية.
(فرانس برس)