أظهر استطلاع رأي، أعلنت نتائجه الاثنين، أن أكثر من ثلثي الفلسطينيين المستطلعين يعتقدون بوجود فساد في الجهاز القضائي خلال العام الماضي، كما يعتقد 53 في المائة منهم أن الفساد زادت وتيرته في فلسطين خلال العام الماضي.
وتأتي نتائج الاستطلاع الذي أجراه الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، وأعلن نتائجه خلال مؤتمر صحافي في مقره في رام الله، في ظل احتجاجات من نقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني على إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرارات اعتبرتها تلك الجهات تشرعن إحكام سيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
ووفق النتائج، يعتقد 69 في المائة من الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بوجود فساد في المحاكم والنيابة العامة، وترتفع النسبة في الضفة الغربية إلى 76 في المائة مقابل 58 في المائة في قطاع غزة، ويرى 79 في المائة من عينة الاستطلاع أن العقبات المفروضة على مرتكبي جرائم الفساد غير رادعة، كما يعتقد 55 في المائة أن الفساد سيستمر بالزيادة خلال العام الجاري.
وأوضح عصام حج حسين، مدير العمليات في ائتلاف "أمان": "من المشروع أن نسأل، ماذا لو أجري الاستطلاع اليوم بعد الكارثة التي حلت بالقضاء؟ كم ستكون النسبة؟ نعتقد أنها ستكون أعلى بكثير من نتائج هذا الاستطلاع".
وقال جهاد حرب، الباحث الرئيسي لـ"أمان"، إن "الاستطلاع أجري في سبتمبر/أيلول الماضي، في ظل الحديث عن إصلاح القضاء، وليس بعد فشل عملية الإصلاح، وإصدار القرارات بقوانين لهيمنة السلطة التنفيذية على الجهاز القضائي، ووجود شبهة حصول أطراف على مصالح نتيجة هذه القرارات".
وأضاف حرب ردا على سؤال لـ"العربي الجديد": "انطباعات الجمهور المرصودة في الاستطلاع هي مؤشرات لصانع السياسات من أجل تعديل السياسات القائمة، أو العمل على وضع سياسات تناهض الفساد وتعيد الثقة بالمؤسسات"، معتبرًا أن الأرقام والبيانات لا تعبر عن حقائق حول الفساد، بل هي انطباعات لها عوامل عدة، منها "عدم جدية السلطة الفلسطينية في مكافحة الفساد، وعدم محاكمة كبار الفاسدين، بالإضافة إلى غياب المعلومات حول جهود مكافحة الفساد".
اضطر 35 في المائة من الفلسطينيين الذين توجهوا للحصول على خدمة عامة إلى الاستعانة بالواسطة بسبب خوفهم من عدم إمكانية الحصول على الخدمة
وأكد أن "الشفافية والصدق هما العنوانان الرئيسيان للحصول على الثقة، وكلما كانت الحكومة والمؤسسات التنفيذية أكثر شفافية وأكثر دقة في المعلومات، زادت ثقة الجمهور بالسلطة، وكلما تضاربت المعلومات واكتشف الجمهور عدم صدق حكومته، تقل ثقته بالسلطة والمؤسسات".
وأظهر الاستطلاع اختلاف أولويات المواطنين لحل المشكلات الأساسية، فجاء الفساد في المرتبة الثانية بنسبة 25 في المائة بعد الوضع الاقتصادي بنسبة 26 في المائة، كما أظهر أن 48 في المائة من الجمهور يعتبرون هيئة مكافحة الفساد غير فعالة، و80 في المائة منهم يرون الجهود المبذولة لمكافحة الفساد غير كافية، و60 في المائة لا يقومون عادة بالإبلاغ عن الفساد بسبب الخوف من الانتقام، وعدم وجود حماية كافية للمبلغين، وعدم وجود وعي كاف حول الفساد، وعدم القناعة بجدوى التبليغ رغم إقرار السلطة الفلسطينية نظام حماية المبلغين.
وبين أهم الأسباب، التي يراها المستطلعون وراء انتشار الفساد، عدم الجدية بمحاسبة كبار الفاسدين، ثم عدم الالتزام بمبدأ سيادة القانون، فالحصانة التي يتمتع بها بعض الأشخاص، ثم ممارسات الاحتلال، ويليها الانقسام السياسي الفلسطيني. وتتربع الواسطة والمحسوبية على سلم أشكال الفساد بنسبة 23 في المائة، ثم اختلاس الأموال العامة بنسبة 20 في المائة، فإساءة استعمال السلطة والرشوة بنسبة 13 في المائة.
ويرى 58 في المائة من عينة الاستطلاع أن مستوى الفساد في مؤسسات السلطة ما زال كبيراً، و57 في المائة يعتقدون أن المؤسسات الحكومية هي الأكثر تعرضاً للفساد. واضطر 35 في المائة من الفلسطينيين، الذين توجهوا للحصول على خدمة عامة، إلى الاستعانة بالواسطة بسبب خوفهم من عدم إمكانية الحصول على الخدمة، بسبب محدودية الفرص وعدم الثقة في نزاهة المسؤولين والبيروقراطية.
فيما يرى 85 في المائة من المستطلعين أن دور الإعلام الفلسطيني ضعيف أو متوسط في الكشف عن قضايا الفساد، ودعت "أمان" المؤسسات الإعلامية الفلسطينية إلى إعادة النظر في التحقيقات الاستقصائية في مجال مكافحة الفساد، في ظل إجابة ثلثي الجمهور بأن وسائل التواصل الاجتماعي باتت المنفذ لكشف الفساد.