أطفال يمنيون يعودون للتعلم بين أنقاض مدرستهم وخراب الحرب

09 أكتوبر 2020
+ الخط -

رغم أعمدتها المتضرّرة وأسقفها المنهارة وأنقاض جدرانها الإسمنتية، عاد الطلاب إلى مدرسة "الوحدة" اليمنية في أول أيام العام التربوي الجديد هذا الأسبوع، ليستكملوا تعليمهم وسط خراب الحرب.

في المدرسة القريبة من تعز؛ ثالث أكبر مدينة في البلد الفقير الذي مزقته سنوات من الصراع على السلطة بين الحكومة والمتمردين الحوثيين، لا أبواب ولا نوافذ، فضلاً عن المكاتب وألواح الكتابة الخشبية.

ويستخدم الطلاب دفاتر التمارين القديمة لتدوين دروسهم، حيث يجلسون في فصول دراسية مؤقتة برفقة معلمين تحلوا بالجرأة الكافية لتعليمهم تحت سقوف متداعية تبدو على وشك الانهيار فوق رؤوس الجميع.

ويشير علي سلطان، والد أحد الطلاب، إلى جدار كتب عليه بالأحرف الحمراء "احذروا الألغام"، وهو يشرح متحدثاً لوكالة فرانس برس السبب وراء القبول بعودة الطلاب لهذه المدرسة.

وتقع المدرسة في وسط حقل ألغام تم تطهيره جزئياً للسماح للطلاب بالعودة، بعدما تعرض المبنى لقصف جوي قبل نحو أربع سنوات.

وقال سلطان عن الأطفال الذين عادوا إلى المدرسة الأربعاء في بداية العام الدراسي "كان الخيار صعباً، إما أن نتركهم في المنزل أو نواجه خطر إحضارهم إلى هنا للدراسة بين هذه الأنقاض".

وتابع "مررنا بأوقات عصيبة للغاية"، في إشارة إلى القتال في المدينة الجنوبية الغربية التي تسيطر عليها القوات الحكومية لكن الحوثيين يحاصرونها ويقصفونها بشكل عشوائي.

وبحسب عبد الواسع شداد، مدير التربية والتعليم في محافظة تعز، فإنّ "ما لا يقل عن 47 مدرسة دمرت بالكامل في القتال" في مدينة تعز وحدها، مركز المحافظة. وقال لـ"فرانس برس" "في ما يتعلق بالدمار حصلنا على نصيب الأسد".

وذكر أنّه أُجبر على إغلاق تلك المدارس وتوجيه الطلاب إلى المدارس الأخرى التي يمكن أن تستوعبهم، حتى لو كانت في حالة سيئة واضطر بعض الأطفال إلى المشي أميالًا للوصول إليها.

ضياع جيل

بسبب عدم وجود لوح للكتابة، تكتب جميلة الوافي دروس اليوم بالقلم الرصاص على أحد الأعمدة الإسمنتية الذي نجا من الدمار، بينما يجلس الطلاب على الأرض ويتبعونها باهتمام ويدونون الملاحظات بعناية في دفاتر التمارين الخاصة بهم.

وبمجرد انتهاء الحصة الدراسية، يتسلقون نزولاً سقفاً منهاراً حيث يستخدمونه كسلم للانتقال من الطابق الأول إلى الأرضي.

وقالت مديرة المدرسة جميلة الوافي "لدينا 500 طالب"، داعية "العالم كله لإنقاذ المدرسة التي قد تنهار في أي لحظة".

وفي الساحة الخلفية، يقوم الأطفال ببعض التمارين الخفيفة قبل بدء اليوم الدراسي والاصطفاف بهدوء في انتظار انطلاق الدروس.

 

وتقول الأمم المتحدة إن مليوني طفل من أصل سبعة ملايين في سن الدراسة في اليمن لا يذهبون إلى المدرسة على الإطلاق.

وتم إيقاف التعليم في أكثر من 2500 مدرسة بحلول عام 2019، ثلثاها تضرر من الهجمات، والأخرى تستخدمها القوات المتحاربة أو أصبحت ملاجئ للنازحين، وغيرها أغلقت ببساطة بسبب قلة الموارد وعدم القدرة على دفع الرواتب والتكاليف.

ويدور الصراع منذ منتصف 2014 بين المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وجزء كبير من شمال وغرب البلاد، وحكومة يدعمها تحالف عسكري تقوده السعودية.

 

وتسببت الحرب في مقتل عشرات الآلاف معظمهم من المدنيين، وأسفرت عما وصفته الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ونزح حوالي 3,3 ملايين شخص عن ديارهم بينما يحتاج 24,1 مليون يمني أو أكثر من 80 بالمائة من السكان إلى المساعدة، وفقًا للمنظمة الأممية.

وقالت الوافي إنه بالنسبة لمدرسة "الوحدة" ومعلميها وطلابها، فإنّ البدائل محدودة للغاية. وأوضحت "يمكنك بالفعل مواصلة العمل في ظل خطر كبير والتوقف عن خسارة جيل من الطلاب يفتقرون إلى التعليم".