أضحى الجزائر فرصة لانتعاش مهن موسمية

11 يوليو 2022
يكثر شحذ السكاكين خلال العيد (العربي الجديد)
+ الخط -

عادة ما يستعدّ الجزائريون باكراً لعيد الأضحى. ومن أبرز المظاهر انتشار أسواق بيع الأغنام في العديد من الأحياء بالإضافة إلى أدوات النحر. كما تزدهر تجارة بيع الفحم، إذ يزاولها بعض الشبان، وخصوصاً الشبان العاطلين عن العمل. ويقبل الناس على شرائه لشيّ الأضحية في اليوم الثاني من العيد. وعلى الرغم من تشدد السلطات الجزائرية حيال تجارة الفحم خشية حرائق الغابات، إلا أنها تعد بالنسبة لكثيرين تجارة موسمية تدر عليهم دخلاً جيداً.
يشار إلى أن الجزائر كانت قد شهدت صيف العام الماضي حرائق كبيرة اندلعت في التاسع من أغسطس/ آب، شملت 16 ولاية وتركزت في منطقة القبائل شرقي البلاد، وتسببت في إتلاف أكثر من 100 ألف هكتار من الغابات والمحاصيل الزراعية وأشجار الزيتون التي تعرف بها المنطقة، كما دمرت مئات المنازل بحسب تقارير رسمية.
ويقول زاوش هشام (25 عاماً)، القاطن وسط مدينة ميلة شرقي الجزائر، إنه حرص على طلب الفحم من عائلات ريفية تنتجه من خلال ما يعرف بـ"المردومة"، وهي عبارة عن حفرة توضع فيها الأخشاب وتغطى ببعض العيدان الخضراء وتشعل فيها النار وتغطى بالتراب لبعض الوقت، إلى أن تتحوّل إلى فحم يقسّم إلى قطع صغيرة ويوضع في أكياس لبيعه. ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه يستغل عيد الأضحى لتحقيق بعض الأرباح. ويقول: "اعتدُت منذ سنوات على بيعه في مثل هذه الأيام وتنويع السلع المعروضة. الناس يعرفون محلّي ويقصدونني لشراء الفحم، وخصوصاً أن العيد يتزامن مع عطلة الصيف وموسم الاصطياف، ويهتم الأهالي بشي اللحوم في المنازل والغابات والشواطئ". 
كما تُباع أخشاب دائرية تُستخدم لتقطيع لحوم الأضحية، ويتفنن باعة هذه الأخشاب في صناعتها، ويكون بعضها مع أرجل وبعضها من دون، وتتيح تقطيع اللحوم لشيها أو لإعداد الوجبات الشعبية. ويبلغ سعر الأخشاب الصغيرة نحو ألف دينار (نحو سبعة دولارات)، والمتوسطة 1500 دينار جزائري (نحو عشرة دولارات). كما يبيع بعض التجار الصغار أدوات لذبح وسلخ وتقطيع أضاحي العيد، بالإضافة إلى المشاوي الحديدية صغيرة وكبيرة الحجم. وتباع المشواة الكبيرة بنحو 4 آلاف دينار (نحو 27 ديناراً)، فيما تباع الصغيرة بنحو 1300 دينار (نحو 9 دولارات). 

وعلاوة على ذلك، تتوزع طاولات بيع الأسياخ وهي أعواد خشبية وحديدية تباع خصيصاً لشي اللحوم على الجمر، أو طهي طبق "الملفوف" وهو عبارة عن قطع صغيرة من اللحم والفلفل والبصل توضع في تلك الأعواد الحديدية وتترك على الفحم حتى تنضج. وهذه إحدى عادات الجزائريين المتوارثة في عيد الأضحى. في هذا السياق، تقول إيمان بن تونس (32 عاماً) لـ"العربي الجديد": "على الرغم من رواج استخدام العائلات الآلات الكهربائية للطهي السريع، إلا أن لذة العيد تكمن في شواء اللحوم على الفحم. لذلك، نحرص في كل عيد على شراء هذه الأعواد من أجل الشواء".

بالإضافة إلى ما سبق، تزدهر مهن موسمية أخرى، منها بيع السكاكين ولوازم ذبح الأضحية وغيرها. ويصل  سعر شحذ السكين الصغير إلى نحو 50 دينار (أقل من نصف دولار) والكبير إلى نحو 100 دينار (نحو نصف دولار). وتشهد الأسواق، وخصوصاً في الأحياء الشعبية، انتشاراً كبيراً لباعة أدوات نحر الأضاحي من سكاكين ووسائل لتجهيز الأضاحي.  
ويختار الباعة المتجولون الأرصفة لعرض منتجاتهم، كأدوات الذبح ومعدات الشي والأواني والفحم وغيرها. وتقول صورية سوامي لـ"العربي الجديد" إنها اشترت مختلف اللوازم المرتبطة بغسل الأضحية وتنظيفها من أواني بلاستيكية وسكاكين صغيرة وكبيرة، من دون أن تنسى التوابل التي تحتاجها لإعداد الأطباق الشعبية خلال أيام العيد.  

وغالباً ما ينتشر بيع الأضاحي في المساحات الكبيرة في مختلف الأحياء السكنية، من بينها حيّ "صالومبي" في أعالي العاصمة الجزائرية، وقد عمد بعض الشبان إلى تأجير محالهم لبيع الخراف على مقربة من المباني السكنية، بهدف تسهيل عملية البيع والشراء. كما ينتقل بعض مربي الأغنام من الريف إلى المدن، فيما يتجول آخرون بين المناطق خلال فترة العيد لبيع الأضاحي. ويقول الهادي زيتوني القادم من منطقة المعاضيد (ولاية المسيلة جنوب العاصمة الجزائرية) إنه ينتهز الفرصة خلال كل عيد أضحى للتوجه نحو مدن الشمال وبيع خرافه قبل ما لا يقلّ عن شهر من موعد الاحتفال بالعيد. ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن كثيرين يأتون إلى المدن قادمين من الولايات الداخلية، إذ يحرص كثيرون على شراء خراف مناطق المسيلة والجلفة وشلغوم العيد، لأنّها ذات جودة عالية.

المساهمون