كان حمزة القواسمي (27 عاما) في منزله في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة الشهر الماضي، عندما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلية المنزل بعد منتصف الليل واعتقلته.
وشارك بائع القهوة في مسيرات مناهضة للحرب على غزة. وكان قد تم القبض عليه واحتجازه سابقا بسبب انتمائه للكتلة الإسلامية في جامعة الخليل، لكنه قال إن المعاملة هذه المرة كانت الأسوأ، موضحا أن قوة من حرس الحدود الإسرائيلي اعتقلته ولم يتعرض للاعتداء أمام أهله، لكن عندما وضعه جنود الاحتلال في السيارة الجيب بدأت الاعتداءات تتوالى.
وقال القواسمي إن معتقِليه عصبوا عينيه وصفّدوا يديه وأخذوه بعيدا واتهموه بأنه عضو في تنظيم داعش وضربوه، وفي وقتٍ ما أزالوا العصابة عن عينيه حتى يتمكن من رؤيتهم يوجهون أسلحتهم إلى رأسه مع التهديد بقتله.
ولم يرد جيش الاحتلال الإسرائيلي على طلبات "رويترز" بالتعليق على قضية القواسمي.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يواصل جيش الاحتلال قصف غزة وتدمير منشآتها وبنيتها الأساسية، فضلا عن استهداف المستشفيات والمدنيين.
وفي حين انصبّ التركيز على سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة خلال الأسابيع الستة الماضية، فإن الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، ويعيش فيها ثلاثة ملايين فلسطيني وأكثر من نصف مليون مستوطن يهودي، تشهد حالة من الغليان منذ أكثر من 18 شهرا، مما أثار قلقا دوليا متزايدا مع تصاعد العنف.
ويقول معتقلون ومسؤولون فلسطينيون إن الاحتلال الإسرائيلي نفّذ اعتقالات جماعية في الضفة الغربية المحتلة والقدس، وإن السجناء يواجهون بشكل متزايد الاعتداءات الجسدية والمعاملة المهينة في مرافق الاحتجاز الإسرائيلية.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في رام الله لـ"رويترز" إن إسرائيل اليوم في حالة انتقام.
وذكرت منظمة العفو الدولية في بيان صدر في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، أن لجوء إسرائيل يتزايد جدا للاعتقال الإداري، وهو أحد أشكال الاحتجاز دون تهمة أو محاكمة.
وزعم جيش الاحتلال أنه يتخذ إجراءات في الضفة الغربية مع المشتبه بهم المتورطين في أنشطة مسلحة. مضيفا، أمس الجمعة، أن معظم الفلسطينيين البالغ عددهم 1750 الذين اعتقلهم هناك في الأسابيع القليلة الماضية مرتبطون بحركة حماس.
وجاء في بيان صادر عن مصلحة السجون الإسرائيلية أنها تفرض- في إطار جهود الحرب- ظروف احتجاز أكثر صرامة على السجناء السياسيين الفلسطينيين.
وقال نادي الأسير الفلسطيني، إن القواسمي واحد من أكثر من 2850 فلسطينيا اعتقلوا في الضفة الغربية، منذ السابع من أكتوبر وحتى صباح اليوم السبت.
وقال قدورة فارس، رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة للسلطة الفلسطينية، إن عدد الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل ارتفع إلى أكثر من 7800، بينهم نحو 300 طفل و72 امرأة. مضيفا أن هذا العدد لا يشمل السجناء من غزة، موضحا أن إسرائيل ترفض الكشف عن عددهم.
وذكر فارس أن أربعة أسرى فلسطينيين على الأقل توفوا في السجون الإسرائيلية في الأسابيع القليلة الماضية. وقال إن تشريح الجثث أظهر أنهم تعرّضوا للتعذيب أو الإهمال الطبي. مضيفا أن مئات آخرين من السجناء أصيبوا بعد تعرّضهم للضرب المبرح بكسور في أطرافهم وأضلاعهم وكدمات في أجسادهم.
وقال متحدث باسم سجون الاحتلال الإسرائيلية إن ثلاثة أسرى فلسطينيين توفوا في ثلاثة ظروف مختلفة خلال الأسابيع الستة الماضية، وإن الحوادث قيد التحقيق.
وذكر القواسمي أنه تم وضعه رهن الاعتقال الإداري في سجن عوفر، حيث كانت الزنازين مكتظة. وقال إنه قابل نحو 70 سجينا هناك كان معظمهم مصابين بكدمات واضحة، كما حُرم أحد السجناء تعرّض للضرب حتى كسرت ذراعه من الرعاية الطبية.
وقال القواسمي إنه تم إطلاق سراحه بعد احتجازه لمدة أسبوعين. مضيفا أن حراس السجن أخبروه بأن متعلقاته الشخصية، بما فيها ملابسه التي صودرت عند وصوله، ألقيت في سلة المهملات وأجبروه على المغادرة بملابسه الداخلية.
معاملة سيئة في سجون الاحتلال
وقال متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية إن المصلحة ليست لديها علم بالواقعة التي تحدّث عنها القواسمي، لكن جميع السجناء والمعتقلين لهم الحق في تقديم شكاوى، والتي تفحصها السلطات. مضيفا "جميع السجناء لدى مصلحة السجون يتم احتجازهم وفقا لأحكام القانون"، بحسب زعمه.
من جانبها، استشهدت مديرة مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، بشهادات وأدلة مصورة قالت إنها تشير إلى العديد من حوادث التعذيب وغيره من أساليب سوء المعاملة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب والإذلال المتعمد للفلسطينيين المحتجزين في ظروف مزرية.
وفي مقطع فيديو تحققت منه "رويترز" بتاريخ 13 نوفمبر/تشرين الثاني، ظهر جنود إسرائيليون ملثمون في الخليل وهم يضربون رجلا فلسطينيا أثناء بث مباشر له على تيك توك. وشوهد الجنود وهم يدخلون منزله بالقوة ويركلونه ويضربونه بأسلحتهم النارية أمام عائلته، فيما كانت ابنته تصرخ في حالة ذعر. وتم إطلاق سراح الرجل، واسمه إياد بنات، بعد ساعات.
وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، أن الجنود اعتقلوا بنات لأنه منعهم من تفتيش المبنى الذي يسكن فيه بحثا عن مسلحين مطلوبين، وذلك دون أن يوضح كيف كان يعرقل عملهم أثناء وجوده في منزله أو ما إذا كان تم العثور على أي مسلحين.
وأضاف الجيش أن تحقيقا أوليا أشار إلى استخدام "عدد غير معقول من الأفراد" خلال اعتقال بنات، وأن قائدا عسكريا سيتخذ إجراء تأديبيا مع استمرار التحقيق. وتوفي ابن عم بنات، وهو نزار بنات الذي كان منتقدا صريحا للسلطة الفلسطينية، خلال احتجازه لدى قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في 2021.
ويشرف على سجون الاحتلال وزير الأمن القومي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير، الذي طالما دعا إلى اتخاذ إجراءات صارمة مع السجناء الفلسطينيين.
ونشر بن غفير، الثلاثاء، مقطع فيديو من زيارة لأحد السجون، مشيرا إلى وجود مسلحين فلسطينيين محتجزين في أقسى الظروف، وحيث يتم تشغيل النشيد الوطني الإسرائيلي عبر مكبرات الصوت في جميع الأوقات، معبرا عن أمله في أن يتجاوز مشروع قانون يدعم عقوبة الإعدام للمسلحين قريبا مرحلة التصويت الأولي في البرلمان.
(رويترز، العربي الجديد)