أستراليا نحو حظر وسائل التواصل للمراهقين: إيجابيات لا تخلو من سلبيات

14 سبتمبر 2024
إدمان على الهواتف الذكية (مات كاردي/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للمراهقين في أستراليا**: تعتزم الحكومة الأسترالية فرض حظر على استخدام المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي حتى سن 16 عاماً، نتيجة القلق المتزايد بشأن تأثيراتها السلبية على الصحة النفسية والعقلية.

- **التحديات وآليات التنفيذ**: يواجه القرار تحديات تتعلق بالتحقق من الأعمار، وتقترح الحكومة قيام طرف ثالث بالتحقق دون الكشف عن التفاصيل الشخصية. هناك آراء متباينة حول تأثير القرار على الصحة العقلية.

- **دور الأهل والتوعية**: يلعب الأهل دوراً مهماً في توجيه الأطفال ومراقبة استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي. التوعية حول الاستخدام الآمن للتكنولوجيا والمواطنة الرقمية قد تكون بديلاً أفضل من الحظر الكامل.

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ إجراءات لفرض حظر جديد على استخدام المراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي حتى سن 16 عاماً، كما ذكرت وسائل إعلام أسترالية. ومن المقرر العمل على تشريع القرار قبل الانتخابات الفيدرالية المقبلة عام 2025.

ووجد موقع "Mi-3" الأسترالي، المتخصّص بمتابعة أخبار وسائل التواصل الاجتماعي، أن الخوف والقلق بشأن تأثيرات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية والعقلية للأطفال والمراهقين، كانت المحرك الرئيسي وراء هذا القرار.

ووجدت دراسة أجرتها الجامعة الوطنية الأسترالية، أن الاستخدام المنتظم لوسائل التواصل الاجتماعي كان له تأثير سلبيّ على طلاب الصف العاشر والحادي عشر على مستوى البلاد.

آليات التنفيذ

وخلال الفترة الماضية، كان هناك نقاش بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول القرار وتأثيراته. ووجد بعض الخبراء أن القرار قد يكون له تأثيرات إيجابية على الصحة عامة، والصحة العقلية خاصة، في حين اعتبر آخرون أن فصل المراهقين عن وسائل التواصل الاجتماعي ليس بالأمر الصحيح.

ويتحدث الخبراء عن جملة من التحديات، منها ما يتعلق بالتحقق من الأعمار وكيفية تنفيذ القرار. ويرى هؤلاء أن حظر العمر على وسائل التواصل الاجتماعي (تدعم الحكومة الفيدرالية موقف مفوض السلامة الإلكترونية وقيام طرف ثالث بالتحقق من عمر المستخدم على المنصات من دون الكشف عن التفاصيل الشخصية)، هو أحد التحديات.

توجيه الأهل

للأهل في أستراليا دورهم في توجيه الأطفال، ومراقبة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وبحسب تقرير صدر عام 2022، يزور 22% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 8 و10 سنوات، ونحو 46% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11 و13 عاماً، مواقع التواصل الاجتماعي. وأظهر التقرير أن هذه المشاركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، غالباً ما تأتي بتوجيه من الأهل.

وبحسب صحيفة "ذي كونفرزيشين"، يرى الآباء أن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل جزءاً من العالم الذي نعيش فيه، في وقت يسعى البعض إلى تقييد استخدام وسائل التواصل.

تأثيرات سلبية

يرى المتخصص في علم النفس التربوي، أحمد عويني، أن القرار الذي تسعى الحكومة إلى اتخاذه له تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية. ويقول إن "فكرة التعميم والشمولية، وتقييد هذه الوسائل، قد لا يكون لها أثر اجتماعي ونفسي وصحي كالذي تتوقعه الحكومة". ويقول لـ "العربي الجديد": "لا شك أن القرار يأتي في إطار الحفاظ على الصحة العقلية والنفسية للأطفال والمراهقين. إلا أن فكرة التقييد والمنع في حد ذاتها قد يكون لها تأثير سلبي على المراهقين، إذ لا يمكن عزلهم عما يجري حول العالم بطريقة فجائية". يضيف: "قد يرى البعض أن إيجابيات الحظر أكثر من سلبياته، لكن في الحقيقة، هو سيف ذو حدين". 

يضيف: "تُعَد وسائل التواصل الاجتماعي مهمة لناحية التواصل، وتثقيف الأبناء، إذ تتيح لهم تعلم مهارات جديدة، ولغات، وغيرها من الأمور الإيجابية. كما أنها وسيلة لمساعدة الأبناء على الاتصال بذويهم". في المقابل، "فإن سلبياتها قد تتعلق بإمكانية مشاهدة برامج لا تناسب أعمارهم أو الانخراط في شبكات إجرامية. هنا، يأتي دور الأهل في التوعية والإرشاد، بالإضافة إلى دور المدارس، في تثقيف الأبناء حول مخاطر انتشار الجرائم، أو نشر محتويات متطرفة".

في هذا الإطار، يعتقد عويني أن خير الأمور أوسطها.من ثم، من المهم تقييد أو حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ضمن شروط معينة ومعايير محددة، كتحديد وقت استخدام هذه المواقع بدلاً من المنع. من جهة أخرى، يشير إلى أن لوسائل التوعية والثقيف دوراً من خلال خلق ما يسمى بالهوية الرقمية والمواطنة الرقمية. ويقول: "تعد المواطنة الرقمية نوعاً من أنواع التوعية الحديثة، التي لا بد للمدارس من استخدامها في المناهج التربوية، وتعني أن يعرف الأطفال حقوقهم الرقمية من جهة، وواجباتهم وكيفية استخدام هذه الوسائل بما له من منافع على صحتهم العقلية والجسدية من جهة أخرى".

وبحسب دراسة لجامعة "أوكسفورد"، تعتبر المواطنة الرقمية بمثابة فرصة للحفاظ على الخصوصية الشخصية من جهة، وتوعية الأفراد حول كيفية الاستخدام الآمن للتكنولوجيا من جهة أخرى.

آراء مختلفة

سلطت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية الضوء على حيثيات القرار وكيفية استجابة المراهقين له، من خلال استطلاع آراء بعض المراهقين، ومدى تقبلهم للقرار في حال اتخاذه. ووصفت إحدى الفتيات من ملبورن - فكتوريا، التي تبلغ من العمر 14 عاماً، القرار بالرائع، وترى أن وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة لخلق مساحات للنقاش بين الأصدقاء، لكن لها تأثيرات سلبية على الحياة الاجتماعية في الوقت نفسه.

في حين أن روزا (13 عاماً) من منطقة برونتي، نيو ساوث ويلز، ترى أن الحظر لن يكون مريحاً، خصوصاً أنها تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للدردشة مع أصدقائها والبقاء على تواصل مع المقربين لها. ووجدت بيتا 11 عاماً،أن الحظر مبالغ فيه، وأن المراهقين حتى سن الخامسة عشرة، قادرون على التمييز بين المعلومات المضللة، وبين الحقائق.

يأتي الإعلان الذي أصدرته الحكومة، بفرض حظر على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على أساس السن، جزءاً من اتجاه عالمي أوسع. ففي الولايات المتحدة، سنت العديد من الولايات أو اقترحت تدابير مماثلة، تهدف إلى تقييد وصول القصّر أو الصغار إلى وسائل التواصل الاجتماعي. ويحظر قانون حماية القصّر عبر الإنترنت في فلوريدا منذ شهر يناير/ كانون الثاني 2024 على مواقع التواصل الاجتماعي، السماح للمراهقين دون سن 14 عاماً بإنشاء حسابات.

المساهمون