الأساتذة التونسيون يواصلون حجب معدلات التلاميذ.. والأزمة تراوح مكانها

24 فبراير 2023
من تحرّك احتجاجي سابق لأساتذة تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

بعدما كان التصعيد النقابي في قطاع التعليم الثانوي في تونس يستند إلى حجب معدلات التلاميذ، فقد وصل أخيراً إلى حدّ التلويح بإمكانية عدم إجراء الامتحانات بسبب غياب الحلول الخاصة بأزمة الأساتذة النواب، وسط قلق كبير لأولياء أمور التلاميذ على مصير أبنائهم.

ويسيطر الخوف من "السنة البيضاء" على أولياء أمور التلاميذ، مع اقتراب امتحانات الفصل الثاني من السنة الدراسية الحالية (2022-2023)، في حين توجّهت جمعيات مدنية إلى القضاء للمطالبة بحلّ الجامعة العامة للتعليم الثانوي، إذ إنّ المسار الدراسي الخاص بآلاف التلاميذ مرتهن بها، بحسب رأي الجمعيات.

وأمس الخميس، أعلن كاتب عام جامعة التعليم الثانوي الأسعد اليعقوبي مناقشة النقابيين لعدم إجراء الامتحانات بسبب عدم التوصّل إلى حلول بشأن مطالب الأساتذة ومستحقاتهم. وقال اليعقوبي، في تصريحات إعلامية، إنّ "إمكانية الذهاب في إجراءات نضالية داعمة لقرار حجب الأعداد الذي أقرّته النقابة سابقاً واردة، ومن بين هذه الإجراءات إمكانية عدم إجراء الامتحانات". 

وتطالب نقابة التعليم الثانوي بتنفيذ اتفاقات وقّعتها وزارة التربية مع جامعة الثانوي في عام 2019، وفتح مناظرات الترقيات المهنية، واحترام تاريخ مفعول كلّ الترقيات المالي والإداري وتسوية أوضاع الأساتذة المتعاقدين. 

تجدر الإشارة إلى أنّه بسبب عدم تحقيق تلك المطالب، حجب الأساتذة في الفصل الماضي أعداد التلاميذ الذين لم يتمكّنوا من الحصول على معدّلاتهم وكشوفات الاختبارات التي أجروها.

ومنذ أشهر تسود حالة من الاستياء في صفوف أولياء أمور تلاميذ المعاهد الحكومية، نتيجة عدم تمكّنهم من الاطلاع على نتائج الاختبارات التي أجراها أبناؤهم في المرحلة الثانوية في مختلف المواد، الأمر الذي حرمهم من تقييم مكتسباتهم التعليمية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في هذا السياق، قالت رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط ريم بالخذيري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنظمة لجأت إلى القضاء من أجل المطالبة بحلّ جامعة التعليم الثانوي لكفّ الضرر الحاصل للتلاميذ، من جرّاء حجب كشوفات أعدادهم والتلويح بعدم إجراء الامتحانات". 

وأكّدت بالخذيري رفع المنظمة دعوى قضائية ضدّ جامعة التعليم الثانوي، "بعد تنبيهات عديدة أرسلتها المنظمة إلى وزارة التربية ونقابة الثانوي والاتحاد العام التونسي للشغل".

أضافت بالخذيري أنّه "لم يعد مقبولاً استخدام التلاميذ كدروع من أجل تحصيل مكاسب مادية ومهنية"، مشدّدة على "أهمية تجنّد المجتمع المدني من أجل الدفاع عن حقّ تلاميذ مؤسسات التعليم الحكومي في تعليم جيّد"، ودعت إلى "التصدّي لكلّ الممارسات التي تهدّد المسار التعليمي للتلاميذ"، وقد رأت أنّ هؤلاء "صاروا ضحايا الصراع النقابي ما بين جامعة التعليم ووزارة التربية".

ويهدّد عدم إجراء الامتحانات أكثر من 1.1 مليون تلميذ يتابعون تعليمهم في المرحلة الثانوية، على الرغم من تطمينات وزير التربية محمد علي البوغديري بأنّه لن تكون ثمّة "سنة بيضاء"، وأنّ الحوار قائم لفضّ المشكلات وتجنّب هذا السيناريو.

يُذكر أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد أقال أخيراً وزير التربية فتحي السلاوتي، وكلّف محمد علي البوغديري، القيادي النقابي السابق، بالوزارة.

وتحذّر الجمعية التونسية لأولياء أمور التلاميذ من تداعيات ما وصفته بـ"العنف المعنوي الذي يتعرّض له التلاميذ بسبب هضم حقوقهم في التربية والتعليم وبسبب ارتهان مستقبلهم وكرامتهم وحياتهم، إلى جانب ما يعيشه الولي دافع الضرائب من شعور بالظلم والإهانة والخوف والإحباط والإقصاء".

وأكّد رئيس الجمعية رضا الزهروني، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الأسر التونسية تعيش قلقاً كبيراً بسبب الخوف على مصير أبنائها، الأمر الذي يؤثّر سلباً على نتائج التلاميذ"، لافتاً إلى أنّ "التقييم عبر الامتحانات مهمّ جداً في المسار التعليمي".

وأضاف الزهروني أنّ "الخلافات ما بين وزارة التربية والنقابات تسبّبت في تدهور أداء المنظومة التربوية عموماً والهجرة القسرية نحو التعليم الخاص، الأمر الذي أفقد التعليم الحكومي ميزته في المساهمة في الارتقاء الاجتماعي نتيجة فقدان شروط الجودة والمجانية والعدالة الاجتماعية ومبدأ تساوي الفرص بين مختلف التلاميذ".

المساهمون