قرّر الأساتذة المتفرّغون والمتعاقدون بالساعة في الجامعة اللبنانية تصعيد تحركاتهم الاحتجاجية، وباتوا ليلتهم، أمس الاثنين، في خيام أمام السرايا الحكومية في العاصمة بيروت، معلنين الاعتصام المفتوح حتى تحقيق مطالبهم، وعلى رأسها إقرار ملف التفرّغ.
وبات مصير الجامعة الحكومية في خطرٍ بسبب ممارسات السلطة القائمة على المحاصصة الحزبية والطائفية والمذهبية، رغم أنها باتت المقصد الوحيد لقسم كبير من الطلاب، في ظلّ الأقساط الخيالية في الجامعات الخاصة، التي دفعت الطبقة الميسورة إلى التحرك قضائياً وميدانياً ضدها، ولا سيما بعد "دولرة" الأقساط مع اعتماد أسعار صرف تتخطى سعر الصرف الرسمي المقرر بـ1507 ليرات لبنانية للدولار الواحد.
ويطالب الأساتذة بإقرار 4 ملفات أساسية، وهي التفرغ، والملاك، والمدربون، والعمداء، وتكمن المشكلة الأساسية في طريقة تعاطي السلطة السياسية مع الجامعة، منذ أن صادرتها الحكومة في عام 1997، وسحبت التعيينات من طابعها الأكاديمي العلمي إلى المحاصصة.
يقول عضو اللجنة التمثيلية للأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، عبد الله محيي الدين، إن "أساتذة الهيئة التعليمية ثلاث فئات، وهم الملاك، والمتعاقد بالتفرغ، والمتعاقد بالساعة"، مشدداً على أن ملف تعيين العمداء يعرقل إقرار بقية الملفات، وبسببه تأخذ السلطة الجامعة والطلاب والأساتذة وجميع الإداريين رهينة، وسط خلاف قائم على تلك التعيينات.
ويوضح محيي الدين أن "تثبيت المتعاقدين يفترض قانوناً أن يتم بعد مرور سنتين على مباشرتهم للعمل، لكن السلطة السياسية تتحكّم منذ عام 1997 بالعقود، وتسير بها تبعاً لمصالحها، وهي تحجب التفرغ منذ عام 2014 بالمخالفة للقانون، وتخالف النص الذي يقول إن عقود التعاقد بالساعة يجب ألا تتجاوز 20 في المائة من ساعات التعليم بين أفراد الهيئة التعليمية، في حين أنها على أرض الواقع تراوح ما بين 75 إلى 80 في المائة".
ويلفت إلى أن "ملف التفرغ عالق في مجلس الوزراء نتيجة الصراعات والتجاذبات السياسية رغم إنجازه قبل أشهرٍ طويلة، وينتظر حل ملف العمداء، وهو حال ملف الملاك أيضاً، علماً أننا أمام ترقٍّ وظيفي، وليس تعييناً جديداً. أما المدربون، فهم يطالبون بتغيير نمط العقد ليتقاضوا رواتبهم شهرياً، وليس كل ستة أشهرٍ، وهو ملف معلق أيضاً. المسألة ليست مادية، فالمستهدف من حجب التفرغ ليس الأستاذ، بل نوعية التعليم، والتفرغ يسمح للأستاذ بالتركيز على الأبحاث، وهي عنصر أساسي في التعليم الجامعي، وتعزيز الجامعة اللبنانية سيمكنها من إعادة إنتاج الكوادر البشرية التي خسرتها البلاد بفعل الهجرة".
ويؤكد محيي الدين أن "الملف الأخطر متصل بالموازنة، إذ رصد للجامعة اللبنانية المبلغ نفسه المعتمد قبل الأزمة الاقتصادية رغم انهيار قيمة الليرة، وارتفاع سعر صرف الدولار، والغلاء الذي طاول كل مصاريف التشغيل، والتجهيزات التي تدفع كلها بالعملة الأجنبية، والحكومة أقرت مشروع الموازنة مع زيادات لكل مؤسسات الدولة باستثناء الجامعة اللبنانية".
ويضيف أن "الأساتذة في توقف قسري نتيجة عدم قدرتهم على الوصول إلى العمل، ولا حتى إعطاء الدروس عن بعد، من هنا يأتي التصعيد إلى حين إقرار الملفات للدفاع عن الجامعة، وإنقاذها من سياسة التدمير الممنهج"، لافتاً إلى أن هناك اجتماعاً سيعقد غداً مع وزير التربية، عباس الحلبي.
وقرر عددٌ من الطلاب مشاركة الأساتذة في اعتصامهم، ونفذوا وقفة احتجاجية، أمس الاثنين، أمام مبنى إدارة كلية الآداب، رافضين المماطلة في إقرار الملفات، ووضعهم تحت الضغوط من بوابة الامتحانات.
وبالتزامن مع عقد مجلس الوزراء جلسة في قصر بعبدا الجمهوري برئاسة الرئيس ميشال عون، بعد غدٍ الخميس، دعت اللجنة التمثيلية للأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية إلى اعتصام في محيط المقر الرئاسي للمطالبة بإنقاذ الجامعة من الانهيار عبر إقرار ملف التفرغ، وسائر ملفات الجامعة.