مدّدت "التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فُرض عليهم التعاقد"، للمرة الثالثة على التوالي، الإضراب عن العمل، في إشارة جديدة إلى استمرار الاحتقان الذي يلقي بظلاله منذ أسابيع على قطاع التعليم في المغرب من دون أن تظهر حتى الساعة أيّ بوادر للانفراج، الأمر الذي يهدّد العام الدراسي الحالي.
وأعلنت التنسيقية استئناف الإضراب عن العمل ابتداءً من يوم غد الثلاثاء وحتى يوم الخميس المقبل، وخوضها أشكالاً نضالية أخرى وصفتها بـ"القوية" دفاعاً عمّا أسمته "كرامة الأستاذات والأساتذة".
وتستمرّ إضرابات أساتذة التعاقد للأسبوع الرابع في شهر فبراير/ شباط الجاري، وقد انطلقت في الثامن منه ومُدّدت لتصل إلى 14 يوماً. ومن خلال الإعلان عن الإضراب الجديد، يكون الأساتذة المتعاقدون قد خاضوا، منذ الأوّل من يناير/ كانون الثاني الماضي وحتى 24 فبراير الجاري، 17 يوماً من الإضراب عن العمل.
وأفادت التنسيقية، في بيان لها، بأنّ الإضراب يأتي رداً على استمرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، على ما قالت إنّه إجراءات تعسفية تتمثّل أساساً في المجالس التأديبية وعمليات التوقيف عن العمل التي نفّذها عدد من المديريات.
أضافت التنسيقية أنّه "رغم التفاعل الإيجابي الذي أبدته التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر (كوادر) الدعم الذين فُرض عليهم التعاقد مع مختلف الإطارات والهيئات، وذلك بتعليق خطوة مقاطعة تسليم النقط (المعدلات) وأوراق الفروض للإدارة"، فإنّ الوزارة "ضربت عرض الحائط بكلّ الشعارات الرنانة التي ترفعها حول مصلحة المتعلمات والمتعلمين".
وفي هذا الإطار، قال عضو لجنة الإعلام في التنسيقية كريم الزغداني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تمديد الإضراب هو مجرّد بداية للخطوات التصعيدية. وفي حال عدم قيام حوار وإرادة جدّيَين، فسوف نذهب إلى خطوات نوعية. ونحن مستمرون في نضالنا"، لافتاً إلى أنّ "الكرة الآن في ملعب الوزارة والحكومة لإيجاد حلّ للملف".
أوضح الزغداني أنّه "خلال الأيام الأخيرة، صدرت آلاف الإعذارات (الإنذارات) والاستفسارات في حقّ الأساتذة بكلّ الاقاليم. والآن وصلنا إلى مرحلة إصدار عشرات قرارات التوقيف المؤقت عن العمل وتوقيف الأجر. كذلك، عُرض عشرات الأساتذة على المجالس التأديبية، أوّلها كان في جهة الساقية الحمراء وادي الذهب، في حين تُعرَض مجموعة أخرى من الأساتذة في جهة درعة اليوم، كذلك يوم غد الثلاثاء، وعدد آخر من الأساتذة في باقي جهات البلاد خلال هذا الأسبوع".
وأكّد الزغداني أنّ تمديد الإضراب عن العمل جاء رداً على عرض الأساتذة على المجالس التأديبية والرسالة الواضحة من خلاله، وكذلك على ستّ سنوات من الآذان الصماء والتماطل والتسويف في ما يتعلّق بحلّ ملفّ التعاقد، ملمّحاً إلى "اتخاذ خطوات تصعيدية من خلال الجموعات المحلية التي سوف تُعقَد في مختلف الأقاليم".
وكانت التنسيقية قد أعلنت، الأسبوع الماضي، رفع خطوة عدم تسليم المعدّلات وأوراق الفروض للإدارة، مع الاستمرار في مقاطعة منظومة "مسار" (منصة إلكترونية للتدبير المدرسي) وكلّ ما يتعلق بها. لكنّها في المقابل أكّدت عزمها تمديد الإضراب في حال عدم التزام الوزارة الوصية بسحب كلّ الإجراءات المتّخذة في حقّ الأساتذة والأستاذات وأطر الدعم من توقيفات وإعذارت وتنبيهات واستفسارات، وفتح حوار جاد حول الملف المطلبي.
وبرّرت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين قرارات التوقيف المؤقت مع الحرمان من كلّ أجر، باستثناء التعويضات العائلية، بارتكاب الأساتذة المتعاقدين "خطأً فادحاً شكّل إخلالاً واضحاً بالتزام المهنية، وذلك من خلال امتناعهم عن مسك نقط المراقبة المستمرة بمكوّن التدبير المدرسي مسار".
كذلك اتّهمت الأساتذة بـ"مصادرة النتائج الدراسية للتلميذات والتلاميذ بالامتناع عن تسليم فروض المراقبة المستمرّة للإدارة، ما ألحق ضرراً في حقّ المتعلمات والمتعلمين".
وخلّف القرار التصعيدي الذي اتّخذته تنسيقية أساتذة التعاقد بمقاطعة تسليم نقاط المراقبة المستمرّة وأوراق الفروض للإدارة جدالا واسعا في المغرب، وذلك بعد عدم تمكن مئات التلاميذ من الحصول على نقاط الفصل الماضي من العام الدراسي الذي انتهى في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، بسبب مقاطعة خمس تنسيقيات تعليمية (الزنزانة 10، خارج السلم، الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، ضحايا تجميد الترقيات، ضحايا النظامين) وعملية إدراج نقاط المراقبة المستمرّة عبر منظومة "مسار" وعدم تسليمها ورقياً للإدارة.
ونظام التعاقد برنامج أطلقته الحكومة المغربية في عام 2016 لتوظيف أساتذة في المدارس الحكومية بموجب عقود قابلة للتجديد، غير أنّه خلّف احتجاجات بين الأساتذة الذين وُظّفوا ومطالبات بتغييره ودمجهم في القطاع العام.
ولجأت وزارة التربية الوطنية في عام 2019 إلى التخلي عن النظام نهائياً واستحداث نظام أساسي، يصير هؤلاء الأساتذة بموجبه كوادر في الأكاديميات، ويشتمل على مقتضيات تضمن الاستقرار المهني من قبيل الحقّ في الترقية والتقاعد والاستفادة من الحركة الانتقالية الجهوية وغيرها. لكنّ الاحتجاجات استمرّت بسبب إصرار الأساتذة على دمجهم في الوظيفة العامة وعلى أن تكون مناصبهم المالية تابعة لوزارة التربية لا الأكاديميات.