يعيش سكان مدينة الحسكة الواقعة شمال شرقي سورية وسط أزمة مياه منذ سنوات عديدة، علماً أنّها تفاقمت منذ ثلاثة أعوام. ومع حلول فصل الصيف وارتفاع الطلب على المياه، تزداد الأوضاع سوءاً بالنسبة إلى سكان المدينة والمناطق المحيطة بها نظراً إلى صعوبة توفير المياه وارتفاع تكاليف نقلها إن توفّرت.
أحمد ماردنلي واحد من سكان الحسكة، وهو يعاني كما سواه في تأمين المياه. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المياه تصل إلى كلّ حيّ من أحياء المدينة، مرّة واحدة في الأسبوع، بكميّات غير كافية لملء خزانات الأهالي. أمّا الأحياء التي لا تصلها المياه بشكل دوري، فثمّة صهاريج تنقلها لها، علماً أنّ الكومينات (مجالس الأحياء) هي التي تشرف على حركة تلك الصهاريج". يضيف ماردنلي أنّ "الكميات القليلة من المياه تدفع السكان إلى شراء حمولات الصهاريج على الرغم من تكلفتها المرتفعة، إذ تبلغ تكلفة خمسة براميل من المياه ثمانية آلاف ليرة سورية (نحو ثلاثة دولارات أميركية)، وهو مبلغ يزيد الأعباء على العائلات التي بالكاد تتمكّن من توفير دخل يومي في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة جداً".
وأزمة المياه في مدينة الحسكة ناتجة عن تجاذبات ما بين "الجيش الوطني" وقوات سورية الديمقراطية (قسد)، كون المدينة تعتمد على محطة الحمة بشكل أساسي للحصول على مياه الشرب، و"الجيش الوطني" يسيطر عليها منذ عام 2019. ويقدَّر عدد الآبار بنحو 30 بئراً، نحو 20 منها فقط قيد الخدمة، فيما تعتمد المحطة على التغذية الكهربائية التي تصلها من مناطق سيطرة "قسد". وفي هذا الإطار، يشير "الجيش الوطني" إلى أنّ كمية الكهرباء الواصلة غير كافية لتشغيل المحطة، في وقت تحتاج إلى عمليات صيانة. يُذكر أنّ محطة الحمة تقع وسط الأحياء، شمال غربي مدينة الحسكة.
وكانت الإدارة الذاتية قد أعلنت عن مشروع تزويد جزء من منطقة الحسكة بالمياه. ويغطّي هذا المشروع ما بين 10 إلى 15 في المائة من حاجة السكان إلى المياه، ويقضي باستجرار مياه نهر الفرات إلى محطة العزيزية في الحسكة. يُذكر أنّ المياه وصلت إلى المحطة في أغسطس/ آب الماضي.
من جهته، يقول عيسى الحسيان، أحد سكان مدينة الحسكة، لـ"العربي الجديد" إنّ "لا حلول للأزمة الراهنة"، موضحاً أنّ حكومة النظام تلقي باللوم على "قسد" في حين أنّ الأخيرة تحمّل مسؤولية الأزمة لـ"الجيش الوطني" الذي يسيطر على محطة علوك. ويبقى سكان المدينة رهينة الوعود.
وفي أزمة تماثل أزمة مدينة الحسكة، يعاني سكان قرى الطواحين وحدادة ورام ترزة وشمسين وباب النور وجارة الوادي ونواطيف وعين حسان الحاطرية وبدوقة والتناخة والدي في محافظة طرطوس غربي سورية، من أزمة مياه كونها تصلهم مرّة واحدة لمدّة ساعتَين مرّة كلّ ثلاثة أسابيع، بحسب موقع "آثر برس".
وقد نقل الموقع الموالي للنظام السوري عن أحد السكان في بلدة الطواحين قوله إنّ المياه التي تصل إلى البلدة والمناطق المحيطة بها والمزارع بالكاد تكفي. أضاف أنّ هذا هو "واقع الحال الذي يجعلنا مجبرين على شراء المياه من الصهاريج بمقاسات ووسائط نقل متنوعة"، لافتاً إلى أنّ "تكلفة المياه بالصهريج سعة 20 برميلاً تصل إلى 35 ألف ليرة (نحو 14 دولاراً) من نبع حيالين إلى القرية".
وتبقى أزمة المياه في هذه القرى مرتبطة بوعود حكومة النظام السوري، التي تشير إلى مشاريع مستقبلية من شأنها أن تنهي الأزمة وتنهي معاناة المواطن اليومية لجهة توفير متطلباته من المياه. ومن المشاريع المطروحة لحلّ الأزمة إنشاء خزانات بيتونة، بالإضافة إلى مشروع آخر وهو سدود مائية تخفّف الضغط عن مياه الشرب. يُضاف إلى ذلك مشروع آخر تحدّث عنه مدير عام المؤسسة العامة لمياه الشرب في طرطوس عيسى حمدان للموقع ذاته، لافتاً إلى أنّ تكلفته التي تُقدَّر بنحو 30 مليار ليرة (نحو 12 مليون دولار) تحول دون تنفيذه.
وقد أفاد حمدان في هذا السياق بأنّ "العمل يجري حالياً على مشروع آخر أقلّ تكلفة وهو إيصال المياه إلى محور القرى المذكورة عبر الخط المباشر ما بين خزّان المولى حسن ومنتصف المحور، الأمر الذي يحل مشكلة الدور والتغذية بالمياه بنسبة 50 في المائة". ويُقدَّر عدد القرى التي تعاني من شحّ في المياه بريف محافظة طرطوس بنحو 20 بلدة، بالإضافة إلى 24 قرية ومزرعة تقع على الساحل.