بدأت السلطات الجزائرية، اليوم السبت، في تطبيق برنامج جديد لتوزيع المياه الصالحة للشرب وفقاً لمواعيد محددة، بهدف مواجهة أزمة مياه حادة تشهدها العاصمة وعدة مدن جزائرية، ما دفع بموجة احتجاجات شعبية ضد الانقطاعات المتتالية للمياه عن حنفيات السكان في عدد من الأحياء.
وأعلنت الشركة المكلفة توزيع المياه الصالحة للشرب بدء تنفيذ خطة استعجالية لتدوير توزيع المياه بالتناوب بين المناطق والأحياء في العاصمة الجزائرية.
وقال مدير الموارد المائية بولاية الجزائر كمال بوكريشة، في تصريح صحافي، إنّ "توقيت توزيع المياه للمواطنين الذي استحدثناه مناسب لتموين السكان حسب إمكانياتنا، لا نستطيع توزيع الماء في الليل لأننا نملأ خزاناتنا في تلك الفترة لغرض توزيعها في صباح اليوم الموالي"، مشيراً إلى أنّ تراجع تساقط الأمطار على مدى السنوات الماضية أدى إلى تسجيل شح في مخزون المياه، وهو المتسبب الرئيسي في الأزمة التي تعيشها البلاد حالياً.
وأكد أنه يجرى العمل على استحداث خمس محطات جديدة لتحلية مياه البحر خلال الأشهر المقبلة، لتدارك نقص المياه في السدود.
ويبدو أنّ صيف 2021 سيكون مقلقاً للجزائريين، بعد أزمة المياه الصالحة للشرب التي طفت إلى السطح خلال الأيام الأخيرة، ما سيزيد من الأزمات الاجتماعية والمعيشية الحادة التي يعيشها الجزائريون، سبقتها أزمات السيولة النقدية والزيت والحليب وغيرها من المشكلات الاجتماعية التي تظهر كلّ مرة.
وخرج، الليلة قبل الماضية، سكان منطقة باب الزوار في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية إلى الشارع، وقاموا بإغلاق الطريق ومنعوا سير المركبات لساعات احتجاجاً على نقص المياه، وعدم التفات السلطات للمشكلة، كما عاشت عديد الأحياء حالة من الفوضى والغليان، مثل برج الكيفان شرقي العاصمة الجزائرية لنفس السبب.
وفي ولاية المسيلة وسط البلاد، احتج السكان على انقطاع التزود بالمياه قبل أيام، للمطالبة بتدخل السلطات وحل الأزمة، لكن قوات الأمن تدخلت بقوة لفض الاحتجاج.
وبات مشهد الطوابير التي تتشكّل في الصباح الباكر أمام صهاريج توزيع المياه في العديد من البلديات والمدن الجزائرية اعتيادياً بسبب نقص كبير في التزوُّد بالمياه الصَّالحة للشُّرب، كما يضطر بعض المواطنين إلى جلب الماء من ينابيع تقليدية.
ووجد بعض التجار الفرصة مؤاتية لإحياء نشاط بيع الماء بربع دولار أميركي لدلو 50 ليتراً، ما يعني أنّ أزمة المياه ستضيف متاعب إضافية إلى كاهل الجزائريين، لا سيما في ظل تداعيات أزمة كورونا على جيوبهم.
ولمواجهة أزمة العطش وانقطاع الماء من الحنفيات في بيوت الجزائريين، وتذبذب إيصال المياه الصالحة للشرب، خصوصاً في العاصمة الجزائرية، قررت السلطات تقليص عدد أيام ممارسة نشاط غسل المركبات إلى يومي السبت والأحد فقط.
وحمّلت السلطات جزءاً من أزمة المياه للمواطنين أنفسهم، بسبب "نقص في الوعي بخطورة أزمة المياه وارتداداتها، والتسيب الذي كان يتعامل به الجزائريون مع الماء"، متوقعة أنّ عودة المياه إلى مجراها في الحنفيات في بيوت الجزائريين "ستعرف استقراراً مع شهر يوليو/تموز" المقبل، وهي وعود يبدو أنها أطلقتها لامتصاص الغضب الشعبي، وسط أرقام تفيد بتناقص حاد في السدود.
وأخفقت الجزائر في تجميع مياه الأمطار، إذ لم تتجاوز نسبة امتلاء السدود 40% و55%، ناهيك عن مشكلة تآكل وامتلاء سدود بالأوحال والأتربة، والتي من شأنها تخفيض سعة استيعاب السدود بنسبة تصل إلى 75%، ما يهدد إمكانية ملئها بالماء.
وتمتلك الجزائر موارد المياه التقليدية التي تتمثل أساساً في المياه السطحية والجوفية والأحواض المغلقة والأحواض الصحراوية جنوبي البلاد، أما الثانية، الموجودة في الطبقات المائية في كل مناطق شمال البلاد، فموجهة إلى تلبية المستلزمات الفلاحية والتزويد بماء الشرب.
كما سمحت السلطات الجزائرية، بعد سنوات من التجميد، للمزارعين، بحفر ثمانية آلاف بئر لاستغلال المياه الجوفية.
وظلت مشكلة المياه تشكل مصدر قلق للسلطات الجزائرية منذ سنوات، إذ لجأت إلى مخطط استعجالي لتوفير المياه المستعملة للشرب وتسييرها منذ سنة 1997، لا سيما بسبب ارتباطها بمناحي الزراعة والأنشطة الفلاحية التي تعتبر بدورها مصدر رزق الآلاف من الفلاحين.
ومنذ عام 2012، وضعت السلطات خطة لإنجاز 30 سداً، ما يرفع عدد السدود بالجزائر إلى 93 سداً، وتركيز 13 محطة تحلية مياه البحر وربطها بالشبكات العمومية لتوزيع المياه، تنتج 3.2 ملايين متر مكعب يومياً من المياه.
واستغلت الجزائر 200 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وعالجت ما يربو عن 1800 مليون متر مكعب من الماء خلال السنة الماضية، وتحويلها إلى مياه لسقي أكثر من 45 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية إلى غاية سنة 2035.