أزمة مدرّسي تونس: حجب الأجور عن 17 ألفاً والنقابات تعلن التصعيد

أزمة مدرّسي تونس: حجب الأجور عن 17 ألفاً والنقابات تعلن التصعيد

10 يوليو 2023
من احتجاجات سابقة لمدرسّي التعليم الأساسي صدّتها الشرطة في تونس (ياسين محجوب/ Getty)
+ الخط -

تهدّد أزمة مدرّسي تونس العام الدراسي المقبل 2023-2024 بسبب تصاعد الخلاف بين النقابات ووزارة التربية، مع إعفاء 350 مدير مدرسة ابتدائية من مهامهم والحجز على أجور 17 ألف مدرّس بقرار من الوزارة. وبالتزامن، بدأ عدد من المدرّسين في مختلف محافظات البلاد وقفات احتجاجية تنديداً بقرارات الوزارة.

وفي بيان أصدرته اليوم الاثنين، أعلنت وزارة التربية التونسية أنّ عدد مديري المدارس الذين أُقيلوا من مناصبهم ارتفع إلى 350، وأنّ 17 ألف مدرّس حُرموا من أجورهم بسبب تمسّكهم بحجب علامات التلاميذ على امتداد العام الدراسي المنقضي.

ويتصاعد التوتر بين نقابات التعليم والجهات الرسمية، في حين بدأ 1.3 مليون تلميذ في المرحلة الابتدائية إجازتهم الصيفية التي تمتدّ حتى 15 سبتمبر/ أيلول المقبل.

ويُلقي تصاعد أزمة المدرّسين بظلاله على مستقبل العام الدراسي المقبل، بعد تلويح الجامعة العامة للتعليم الأساسي بمقاطعة العودة المدرسية وعدم التحاق المدرّسين بوظائفهم في سبتمبر/أيلول المقبل.

وقد وصف وزير التربية محمد علي البوغديري حجب علامات التلاميذ على امتداد العام الدراسي بـ"السابقة التاريخية الخطرة"، مشدّداً على أنّ الوزارة لن تسمح بالتهاون في مستقبل ملايين التلاميذ.

وقال البوغديري، في تصريحات إعلامية اليوم الاثنين، إنّ "وزارة التربية سوف تقاوم المربّين المتخلّفين عن تقديم الأعداد (العلامات/ المعدّلات) وسوف تحمّلهم مسؤولياتهم"، مؤكداً أن "لا مجال للاستخفاف بالدولة واستهدافها".

ونفى البوغديري الأخبار المتناقلة عن استقالات جماعية في صفوف مديري المدارس الابتدائية، لافتاً إلى أنّها "فردية وفقاً لإجراءات مضبوطة". أضاف أنّ "العودة المدرسية المقبلة سوف تكون عادية في ظلّ تعبير مئات المعلمين الوطنيين عن تحمّل المسؤولية في إدارة المدارس الابتدائية".

في المقابل، بدأ مديرو مدارس في عدد من محافظات البلاد بالتوقيع على استقالات جماعية من مناصبهم، وذلك في مساندة لزملائهم المعزولين، بهدف خلق فراغ في إدارات المدارس مع بداية العام الدارسي المقبل.

وتعقد الجامعة العامة للتعليم الأساسي اجتماعات جهوية في المحافظات الداخلية استعداداً لهيئة وطنية سوف تُعقَد بعد غد الأربعاء، من المفترض أن تُقرَّر في خلالها سلسلة احتجاجات تصعيدية تنفّذها النقابات.

وأفاد الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي إقبال عزابي بأنّ "التصعيد في المواقف الذي تمارسه وزارة التربية سوف يقابله تصعيد من قبل النقابات"، مشدّداً على أنّ "حجب الأجور لن يثني المدرّسين عن مواصلة نضالاتهم من أجل حقوق مشروعة".

وأكد العزابي لـ"العربي الجديد" أنّ "مديري عدد من المدارس بدأوا يوقّعون بالفعل على استقالات جماعية في عدد من محافظات البلاد، من بينها باجة وصفاقس والقصرَين، إلى جانب رفضهم تعويض زملائهم المعفيّين من مهامهم"

وأشار العزابي إلى أنّ "الهيئة الإدارية التي تُعَدّ السلطة العليا في الهيكل نقابي سوف تقرّر، يوم الأربعاء المقبل، التحرّكات الاحتجاجية"، مبدياً استياءه من "حملة الشيطنة التي تمارسها السلطة ضدّ المدرّسين".

ورأى العزابي أنّ "المدرّسين يؤدّون مهامهم في ظروف كارثية ويقدّمون تضحيات من أجل المصلحة الفضلى للتلاميذ، في حين أنّ السلطة تقابل ذلك بنكران الجميل". وتابع أنّ "التصعيد والتصعيد المقابل لن يزيدا الوضع إلا سوءاً"، لافتاً إلى أنّ "العودة إلى التفاوض الجدّي هو الحلّ الوحيد لإنهاء الأزمة وضمان عودة مدرسيّة جديدة مستقرّة".

وعلى امتداد العام الدراسي الماضي، اعتمد مدرّسو المرحلة الابتدائية حجب علامات وكشوف التلاميذ كوسيلة ضغط على الوزارة من أجل الاستجابة للائحة مطالب تشمل الزيادة في الأجور وتسوية أوضاع آلاف المدرّسين المتعاقدين، الأمر الذي عدّته الوزارة مخالفاً للقانون وتقصيراً في المهام الموكلة إليهم، وبالتالي يستوجب ذلك الإعفاء من المهام وحجب الأجور.

وتجد تحرّكات الجامعة العامة للتعليم الأساسي تضامناً من جامعات نقابية أخرى أعربت عن مآزرتها المدرّسين في مطالبهم. وأوّل من أمس السبت، أصدرت الجامعة العامة للأشغال العمومية والإسكان والبيئة بياناً رأت فيه أنّ "قرار إعفاء المعلّمين والمديرين المكلّفين بإدارة المدارس من خططهم يعود إلى التزامهم بقرار الجامعة العامة للتعليم الأساسي وانحيازهم لزملائهم"، ووصفت القرار بأنّه "خطوة لا تزيد إلا تأزّم الوضع".

وعبرّت الجامعة العامة للأشغال العمومية عن "تضامنها المطلق مع نقابة التعليم الأساسي ومساندتها المطلقة لكلّ التحرّكات والنضالات المتّخذة في هذا الخصوص"، داعية "سلطات الإشراف إلى التراجع عن أسلوب التهديد والوعيد في قطع الأجور الذي لا يزيد القواعد إلا إصراراً على عدم التراجع وعلى مزيد من التمسّك بحقوقها المشروعة والقانونية".

المساهمون