أزمة سوهاج... مواطنون يواجهون كورونا في منازلهم

05 مايو 2021
مريض بكورونا يعالج في أحد أقسام العزل (يحيى دوير/ فرانس برس)
+ الخط -

تعيش محافظة سوهاج في صعيد مصر، وضعاً بالغ الخطورة نتيجة لتفشي فيروس كورونا بين أبنائها بوتيرة غير مسبوقة، وعدم قدرة مستشفيات العزل على استقبال المصابين الذين يتوافدون إليها يومياً. وتستغيث المستشفيات للمطالبة بتوفير أجهزة تنفس وأسرّة، بالإضافة إلى أطباء وممرضين. ووصل الأمر إلى حدّ مطالبة أهالي المحافظة بتوفير أموال لهم من خلال الإعلانات الرمضانية التي تُبثّ على المحطات التلفزيونية، لدعم مستشفيات المحافظة بالمعدات الطبية، بعدما أدّت قلة الإمكانيات المتاحة إلى موت العديد من المرضى المصابين المدرجة أسماؤهم على قوائم الانتظار، لدخول أقسام العناية المركزة في المستشفيات.

17 مستشفى عزل 
تشكو مستشفيات العزل في المحافظة، البالغ عددها 17 مستشفى بدلاً من 14 (بعد زيادتها مؤخراً لمواجهة الوباء)، والتي تقدّم خدماتها لـ 12 مدينة وأكثر من 300 قرية تابعة للمحافظة، من قلّة الإمكانيات الطبية وعدم وجود أسرّة وأسطوانات أكسجين ونقص الكوادر الطبية. وأصبح حصول المصاب على سرير من المعجزات، بعدما وصلت المستشفيات المخصصة لعزل المصابين بالفيروس إلى الحد الأقصى للاستيعاب. وهناك توجّهٌ لاستخدام المدينة الجامعية للطلاب في المحافظة، ومستشفيات الجامعة. ويرى 70 في المائة من المصابين في تلك المحافظة أن العزل المنزلي هو الوسيلة الأفضل للعلاج، مع ضرورة اتباع بروتوكول العلاج المعتمد من قبل وزارة الصحة. إلا أن غالبية الأدوية غير متوفرة في الصيدليات، الأمر الذي أثار حالة من الخوف بين مواطني سوهاج. وتُسجّل محافظة سوهاج نحو 150 حالة إصابة بالفيروس يومياً، تستقبلهم مستشفيات العزل، وسط ارتفاع ملحوظ في حالات الوفاة بين المصابين. إلا أن جهات مسؤولة في المحافظة تؤكد أن هذا الرقم يشمل المترددين على مستشفيات العزل الحكومية فقط، بالإضافة إلى أكثر من 250 آخرين يتوجهون إلى العيادات والمستشفيات الخاصة من أهل القرى والمدن المقتدرين. واقع دفع كثيرين إلى اختيار العزل في المنزل. 

كوفيد-19
التحديثات الحية

مصدر للوباء
يكشف مسؤول في القطاع الصحي فضل عدم الكشف عن اسمه، أنه من المرجّح أن تكون الحالات في سوهاج أكثر ممّا يتم الإعلان عنه، كما قد تكون المحافظة مصدراً لتصدير الفيروس إلى محافظات أخرى في ظلّ استمرار حركة التنقّل. من جهة أخرى، فإن الإمكانيات الطبية الموجودة في مستشفيات العزل في المحافظة غير كافية (عبارة عن 40 جهاز تنفس و800 سرير و50 سريرا لأقسام العناية المركزة) بالمقارنة مع زيادة أعداد المصابين بالجائحة. ويوضح أنّ تلك الإمكانيات المتدنية في مستشفيات العزل أدت إلى زيادة أعداد الوفيات، من بينهم الشباب، واصفاً واقع قلة المستشفيات الحكومية بالمحافظة وعددها ثلاثة بـ"الكارثة"، الأمر الذي أثّر سلباً في حصول مرضى كورونا على رعاية صحية مناسبة. يضيف أن عدد سكان سوهاج يزيد عن 5 ملايين نسمة، وتحتل المرتبة الثانية ضمن المناطق الأكثر فقراً على مستوى المحافظات المصرية، بنسبة 59,6 في المائة. ويعمل فقراؤها في الزراعة والحرف وغيرها، ويطلق عليها "الطاردة" بسبب قلة فرص العمل فيها. 
 
غياب الرعاية 
إلى ذلك، تُحذّر الطبيبة فاطمة ح.، التي تعمل في سوهاج، من زيادة أعداد مرضى كورونا في مستشفيات العزل في المحافظة، الأمر الذي دفع بعض المصابين إلى اختيار العزل المنزلي لعدم توفّر أماكن في المستشفيات الحكومية، موضحة أن كل قرى ومدن سوهاج تشهد ارتفاعاً في أعداد الإصابات والوفيات بكورونا.

صورة إضافية: داخل أحد المراكز الصحية في مصر (فاضل داوود/ Getty)
داخل أحد المراكز الصحية في مصر (فاضل داوود/ Getty)

وتُشير إلى صدور تعليمات باستبدال أسباب الوفاة في شهادة الوفاة، واعتماد التهاب رئوي بدلاً من كورونا، موضحة أن هناك شكاوى عدة من المواطنين تتحدث عن غياب الرعاية والاهتمام بالمرضى داخل مستشفيات العزل، وهم محقون في ذلك. وفي الوقت نفسه، هناك حالة من الرعب بين الأطباء بعد زيادة نسب الوفيات في ما بينهم، لعدم وجود إمكانيات طبية تساعدهم. وفي النتيجة، توقف بعض الأطباء عن العمل في هذا الجو العام، بحجة أنهم في العقد الخامس من العمر، ولا يستطيعون مقاومة كورونا. كذلك، توقّف العمل بالعيادات الخارجية وإجراء العمليات في المستشفيات، نتيجة تفشي الوباء. في هذا الإطار، يطالب عضو لجنة الصحة في البرلمان أحمد العرجاوين، بضرورة أن تعرض وزيرة الصحة والسكان هالة زايد، أمام أعضاء البرلمان، تطورات الموجة الثالثة من الوباء، وخصوصاً لأبناء سوهاج، وقد تحول الوباء إلى كابوس مخيف ومقلق بالنسبة لأبناء المحافظة، في ظل ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات. ويطالب بضرورة تزويد القطاع الصحي بالمحافظة بكافة الاحتياجات اللازمة من أجهزة وفحوصات مخبرية لمواجهة الجائحة، متوقعاً مزيداً من التأزم في ظل عدم الالتزام بإجراءات الوقاية، والسهر في ليالي رمضان. 
 


معاناة المواطنين 
يُعاني أهالي المصابين بكورونا في محافظة سوهاج لتأمين أسطوانات الأكسجين للمرضى المعزولين في المنازل. وتتمثّل إحدى الصعوبات في الارتفاع الجنوني بأسعارها، بما يفوق قدرات كثيرين. أمر جعل البعض يجمع الأموال من المقتدرين لشرائها. ويطالب المئات من أبناء سوهاج بضرورة اتخاذ قرار فوري بحظر التجول للحد من تفشي الوباء. ويؤكد المواطن حسن أبو العلا أن هناك حالات وفاة يومية في القرى بسبب تفشى الوباء، موضحاً أن الوضع أصبح خطيراً. من جهته، يوضح المواطن طارق محمود، أن بعض الشباب بدأوا بجمع التبرعات من المواطنين لشراء الأدوية وأسطوانات الأكسجين بعدما زادت حالات العزل المنزلي. فسعر الأسطوانة سعة 5 لترات يبدأ من 1200 جنيه (نحو 76 دولاراً)، كما أن أسعار الأسطوانات الموجودة في الصيدليات أعلى بالمقارنة مع المحال التجارية، وتؤجر بما بين 1500جنيه (نحو 97 دولاراً) و1600 جنيه (نحو مائة دولار) لمدة 10 أيام. ويطالب باستقطاع جزء من تبرعات "الإعلانات الرمضانية" لمساعدة المصابين بالوباء في المحافظة. بدوره، يقول أحمد جابر، وهو موظف، إن الأحوال داخل مستشفيات العزل في المحافظة صعبة بسبب ارتفاع أعداد المصابين، حتى أصبحت تلك المستشفيات مصدراً للوباء بسبب زيادة أعداد المرضى. واقع يجعل بعض مرضى كورونا يرفضون دخول مستشفيات العزل ويفضلون البقاء في المنازل لتلقى العلاج. لكن المشكلة تتمثل في نقص الأدوية وأسطوانات الأكسجين، وبالتالي "نعتمد على التبرعات لمواجهة الأزمة".