أزمة التعليم عن بعد في جامعات الأردن

02 مارس 2021
إجراءات الوقاية في البلاد ما زالت صارمة (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

في منتصف مارس/ آذار الماضي، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الأردن الانتقال إلى تطبيق نظام التعليم الإلكتروني في الجامعات، وهو ما سيستمرّ حتى نهاية العام الدراسي الحالي على الأقل، نتيجة لتفشي فيروس كورونا. ويتحدّث العديد من الخبراء في مجال التعليم عن مشاكل عدة رافقت فترة التعليم عن بعد، وخصوصاً في ظل عدم الجهوزية لهذا النوع من التعليم، بالإضافة إلى الفجوة الرقمية للوصول إلى المنصات الإلكترونية، والضعف الأكاديمي مقارنة بالتعليم الحضوري. 
وأظهر استطلاع للرأي أعده مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية حول التعليم عن بعد في إبريل/ نيسان الماضي، أن 60 في المائة من الطلاب المستطلعة آراؤهم يواجهون صعوبات وتحديات في الدخول إلى المنصات التعليمية، وأن 58 في المائة من الطلاب غير راضين عن المنصات التعليمية التي وفّرتها جامعاتهم. كذلك، يرى 66 في المائة من الطلاب أن المنصات التعليمية التي وفرتها الجامعات تعتمد على أسلوب التلقين، كما أن أكثر من نصف الطلبة غير راضين عن جودة التعليم المقدم لهم عبر هذه المنصات. 
ويقول الطالب أحمد المناصير، الذي يدرس في إحدى الجامعات الخاصة، لـ "العربي الجديد"، إن الدراسة عن بعد سهّلت نجاح الطلاب، ووفرت عليهم المصاريف اليومية. لكن في ما يتعلق بالجانب الأكاديمي والعلمي، فلا يمكن مقارنته بالدراسة وجهاً لوجه. أما الطالبة الجامعية رهف محمد، فتقول إن الدراسة عن بعد غير عادلة، كونها تساوي بين الطالب المجتهد والطالب الأقل التزاماً، مشيرة إلى كثرة الغش في الامتحانات. وتتحدث عن وجود اختلاف من مدرّس إلى آخر، وخصوصاً في ما يتعلق بالجهد المبذول لتقديم المحاضرات. 

وحول تقييمها للتحصيل العلمي، تقول: "بالتأكيد، هناك فرق كبير بين التعليم وجهاً لوجه والتعليم عن بعد. لكن الاهتمام والمتابعة هما اللذان يحددان مستوى التحصيل العلمي"، مشيرة إلى أن "الإنترنت لا تعد مشكلة كونها متوفرة وكلفتها مقبولة".  
إلى ذلك، يقول منسّق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلاب "ذبحتونا" فاخر دعاس، لـ "العربي الجديد"، إن التعليم عن بعد جاء كطوق نجاة بالنسبة للجامعات الرسمية بشكل خاص، والتعليم العالي والحكومة بشكل عام. ويلفت إلى أنه خلال العامين الماضيين، زاد عدد المقبولين في الجامعات الرسمية بسبب النتائج المرتفعة للطلاب في الشهادة الثانوية، ما أدى إلى اكتظاظ كبير في الجامعات، خصوصاً الأردنية في العاصمة عمان وجامعة اليرموك - العلوم والتكنولوجيا في إربد شمال البلاد.  
ويشير إلى أن الأعداد الكبيرة هذه جاءت رغم عدم وجود بنية تحتية قادرة على استيعاب هذه الأعداد. فكان التعليم عن بعد فرصة تاريخية تم استغلالها إلى أقصى حد. كذلك، وجدت إدارات الجامعات في التعلم عن بعد فرصة لتوفير مبالغ كبيرة لعدم استقطاب هيئة تدريسية جديدة من الأكاديميين، من خلال زيادة عدد الطلاب في الشعبة الواحدة، وتخفيض المكافآت المخصصة لهيئة التدريس، بالإضافة إلى تخفيض استهلاك الكهرباء والمياه، لافتاً إلى استغلال بعض الجامعات الأهالي مادياً.
ويصف دعاس التعليم عن بعد في الجامعات الرسمية بـ "الفاشل"، لافتاً إلى أن "استمراره مرتبط بالماديات ولا أهداف أخرى له". ويرى أنه كان من الممكن إيجاد حلول عبر إجراء الامتحانات داخل الحرم الجامعي. "نحن أمام فشل كبير وإخفاقات متتالية، خصوصاً مع اعتماد التعليم العالي للفصل الثاني عن بعد. بعض الطلاب، منهم طلاب الدبلوم، لم يدرسوا أي مادة حضورياً، والأسوأ أن طلاب الدبلوم والماجستير أنهوا دراستهم من دون أن يتعرف المشرفون على المواد على مقدمي الامتحانات".   

قبل العودة إلى التعليم عن بعد (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
علّقت عودة طلبة الصفين العاشر والحادي عشر إلى التعليم الوجاهي (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)

ويقول: "للأسف، تفتقد الامتحانات النزاهة الأكاديمية، وهذا أخطر ما في ملف التعليم الجامعي عن بعد. نحن أمام كارثة، إذ إن طلاب الطب في السنتين الثانية والثالثة يمضون عامين في التعلم عن بعد، وهما السنتان الأساسيتان اللتان تؤهلانهم لدخول المستشفيات. لذلك، نحن أمام كارثة حقيقية ترتبط بمخرجات التعليم". ويرى دعاس أن "الحل الوحيد بالحد الأدنى هو إجراء الامتحانات داخل الحرم الجامعي، لضمان النزاهة وحضور الطلاب إلى المختبرات. أما طلاب الطب، فبدوام منتظم داخل الجامعات، وإلا فنحن أمام تدمير ممنهج للتعليم في الجامعات". 
بدوره، يقول عضو هيئة التدريس في الجامعة الأردنية منصور المطارنة لـ"العربي الجديد"، إن "تجربة التعليم عن بعد جاءت على حين غرة وكانت هناك صعوبات كبيرة في البداية، إلا أنه مع الأيام تم تجاوز بعض السلبيات. في الفصل الرابع من التعليم عن بعد، تحسنت وتيرة التعليم كما جرى التغلب على بعض الصعوبات". ويلفت إلى أن الكادر التعليمي كان في البداية يرسل المادة من دون أي تفاعل مع الطلاب بشكل مباشر ومتزامن، لكن الوضع تغير نوعاً ما. 

ويستدرك قائلاً: "المشكلة تكمن في التقييم إلكترونياً في ظل الغش، معتبراً أن المؤسسات التعليمية والجهات المعنية لم تخطُ أي خطوة إلى الأمام بمسألة التقييم، علماً أن هناك منصات إلكترونية في العالم تتحكم بالأمر، بالإضافة إلى المراقبة عبر كاميرات وبرامج محددة". يضيف أن الشخص الذي يقدم الامتحان يكون أمام المراقب، ولا يستطيع القيام بما يفقد الامتحان نزاهته.                                                              
يتابع: "يجب أن تتوفر التقنيات التكنولوجية الحديثة لدى الجامعات والطلاب، بالإضافة إلى الحصول على خدمة الإنترنت"، مشيراً إلى أن هناك مشكلة في البنية التحتية في الكثير من الجامعات لتوفير الخدمات المتطورة. ويقول: "لا تستطيع أي جامعة امتحان أكثر من ثلاثة آلاف طالب للامتحان الواحد، ما يعني أن إجراء امتحانات لجميع الطلاب سيستغرق أسابيع، وذلك بسبب البنية التحتية المتردية في الكثير من الجامعات، بينما من المفترض أن يمتحن جميع طلاب الجامعة خلال ساعات". 

المساهمون